بالرغم من الأهمية الاقتصادية للنشاط العقاري، واسهامه بنسبة لها اعتبارها في الناتج الإجمالي المحلي إلا أن تلك الأهمية ينبغي ألا تحجب عنا حقيقة أن هذا النشاط الاقتصادي، يقوم على التوظيف المكثف لكل من رأس المال المستثمر، والأيدي العاملة، فمن حيث رأس المال، معروف أن هذا النشاط يستقطب ما يربو على (60%) من ثروة المجتمع بوجه عام، ولربما زادت هذه النسبة لدينا في المملكة لمحدودية قنوات الاستثمار وتوفر السيولة العالية، أما عن كثافة توظيف الأيدي العاملة، فيكفي أن ندرك أن العاملين في قطاع البناء والتشييد، ومعظمهم من غير المواطنين، الذين تم جلبهم في الغالب لإقامة المنشآت في هذا القطاع، يمثلون أكثر من (20 %) من الأيدي العاملة الوافدة، هذا بخلاف العاملين بصورة مباشرة في القطاع العقاري. من ذلك تأتي من وجهة نظر البعض أهمية موافقة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على السياسات العامة للتمويل العقاري، والتوجيه بتشكيل لجنة من الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية المعنية لتتولى وضع الخطط التنفيذية للوصول إلى الأهداف الاستراتيجية التي حددتها تلك السياسات، ومتابعة تنفيذ تلك الخطط وربطها بمدد زمنية محددة ومؤشرات قياس أداء، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون تنفيذ تلك السياسات مقترناً بإيجاد سجل ائتماني عقاري وتحديد الشرائح المستهدفة من التمويل العقاري بصورة واضحة. فتوجيه الاهتمام نحو تنمية القطاع العقاري، وكأنه قطاع أساسي، كما يبدو في الوقت الحاضر، وليس مساندا للقطاعات الأخرى الإنتاجية مثل الصناعة والخدمات والسياحة، يرفع في الواقع من درجة الحيطة والحذر، من أن يتحول النشاط العقاري إلى محرك رئيس للاقتصاد، ليقود النمو، ويستأثر تبعاً بالموارد المالية والبشرية على حساب القطاعات الإنتاجية الأساسية، التي من المفترض أن يؤدي نموها إلى النمو في القطاع العقاري، وليس العكس. إن اعتماد السياسات العامة للتمويل العقاري، التي يمكن تصنيفها ضمن إطار السياسات المالية بشكل عام، والمتوقع أن تنضم إليها لاحقاً الرسوم على الأراضي البيضاء، التي تندرج أيضاً تحت ذات التصنيف من السياسات، تدعونا في الواقع، أن نولي عناية كذلك بالسياسات الأخرى المكملة خلاف المالية في القطاع العقاري، ومنها السياسات الاقتصادية التي تشمل خفض تكاليف مواد البناء، والأيدي العاملة، وتشجيع المشروعات العقارية الخيرية والتعاونية، وكذلك السياسات العمرانية مثل تطبيق (كود) البناء السعودي في المشروعات العقارية، وإعادة تطوير الاحياء القديمة والعشوائيات، ونحوها من السياسات التي لا تقل أهمية وتأثيراً عن السياسات المالية.
مشاركة :