القرار الذي اتخذه قادة دول مجلس التعاون في اجتماع القمة عام 2009 م، وذلك بإنشاء مشروع سكة حديد تربط دول المجلس مع بعضها، جاء بناء على نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، التي انتهت إلى توقع عوائد إيجابية مباشرة ستتولد عنه، من أهمها تيسير حركة التجارة بين دول المجلس، ونشاط التنقل لمواطنيها والمقيمين فيها، إضافة إلى تنمية الاستثمارات المشتركة والإسهام في تفعيل التبادل التجاري والاقتصادي الخليجي، وتشجيع تطوير الصناعات الوطنية المساندة للمشروع، هذا بخلاف توفير فرص عمل جديدة في قطاع النقل، والمساهمة في تنمية الموارد البشرية والحد من البطالة. مسار سكة قطار مجلس التعاون الذي بدأت بالفعل خطوات تنفيذه في بعض دول مجلس ومنها المملكة، من المتوقع أن تستكمل عناصر تشغيله في عام 2018م، وسيبدأ هذا المسار من الكويت مروراً بالدمام متفرعاً إلى المنامة والدوحة وصولاً إلى أبوظبي فالعين ومن ثم إلى مسقط بطول إجمالي للمسار يبلغ نحو 2117كم، وبتكلفة إجمالية لإنشاء البنية التحتية للمشروع تبلغ 15.4 مليار دولار. الجزء الداخل في حدود المملكة من المسار يبلغ طوله 663 كم، ويقع ضمن اختصاص شركة "سار" الحكومية الذراع التنفيذي لصندوق الاستثمارات العامة المكلفة بإقامة هذا الجزء من المشروع، حيث من المتوقع أن تتولى كل دولة من دول المجلس إنشاء الجزء من المسار الداخل ضمن حدودها، مع النية كما هو متوقع في التوسع في إمتداد هذا المسار ليشمل دول عربية أخرى لاحقاً فالمملكة سبق أن وقعت اتفاقية السكك الحديدية الدولية في المشرق العربي بهدف ربطها بالدول العربية، كما أن هناك إجماعاً عربياً على استكمال مشروعات ربط السكك الحديدية، وكذلك الربط البري والبحري بحيث تؤدي إلى ترابط اقتصادي وتكامل بين الدول العربية. حجم البضائع التي من المتوقع أن يتم نقلها عبر شبكة قطار مجلس التعاون بعد تشغيلة يتجاوز مقدارها 31 مليون طن، وهو القدر الذي سيضيف إلى الإيرادات الخليجية ما يقدر بنحو 400 مليون دولار، نتيجة نقل تلك البضائع المستوردة والمصدرة عبر ذلك المسار، أما على مستوى الركاب فتتوقع الدراسات أن ينمو عدد مستخدمي القطار في بداية تشغيل شبكة قطار مجلس التعاون بنسبة كبيرة ليتجاوز عدد مستخدمية 3.3 ملايين راكب، وهو ما يعني اقتطاع تلك الشبكة حصة من حجم البضائع والمسافرين الذين كان يتم شحنهم أو سفرهم بوسائل النقل الأخرى من طائرات وشاحنات وحافلات وسيارات، وفي ذلك تأثير سلبي بلا شك على الاستثمارات الحالية القائمة بقطاع النقل البيني الجوي والبري بين دول المجلس، الأمر الذي يستدعي التفكير في إمكانية دخول المستثمرين في هذين المجالين من قطاع النقل على الأقل في المملكة من خطوط جوية وشركات مساهمة وحتى مؤسسات نقل بحصة في أسهم شركة "سار" الحكومية، والاستثمار من ثم في إنشاء هذا المسار داخل حدود المملكة وتشغيله وتحقيق بالتالي العائد الذي يعوض على المدى المتوسط والبعيد ما قد ينشأ من خسارة للمستثمرين في هذا القطاع نتيجة جذب قطار مجلس التعاون لحصتهم من سوق النقل الجوي والبري بين المملكة ودول المجلس.
مشاركة :