عابر حياة - السعوديات حضرن هارفرد

  • 12/1/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

للكاتب حمزة السالم في صحيفة «الجزيرة» مقالة بعنوان: «لن أئد بناتي»، بتاريخ 21 تشرين الثاني (نوفمبر) يتكلم فيها عن احتضانه لطموح ابنته ذات صباح حين وافق على ابتعاثها إلى الولايات المتحدة، بعد قبولها بالدراسة في جامعة هارفرد. ومما جاء في المقالة قوله: «تذكرت ذلك الصباح، وأنا أحضر مؤتمراً في هارفرد للطلبة العرب، وقد كان غالب المتحدِّثين وأكثرهم براعة مهنية وجودة خطابية هم من البنات. وقد كانت غالب الدول العربية حاضرة ما عدا السعودية. فلم يمثِّل بلادنا أحد من بناتها. فهل عقمت رحم بلادنا من سعوديات قادرات على أن يتألقن ذكاء وعلماً وخطابة في المحافل العلمية العالمية...؟ وأقول لا، لم يعجز رحم بلادنا على إنجاب المئات بل الآلاف منهن، ولكن وأدتهن تقاليد اجتماعية بالية ظالمة جعلت من الأب والأخ يفترض - ضمنياً - سوء الظن بابنته وأخته فيمنعها من البعثة». وهو كلام في ظاهره جيد، إنما في حقيقته ليس دقيقاً على الإطلاق. فالمؤتمر لم يكن معنياً بالطلبة العرب ولكن بالشخصية العربية عموماً ذات الإنجاز، كل من موقعه. فكانت الملكة رانيا التي افتتحت المؤتمر بكلمتها، وكان وزير العمل السعودي المهندس عادل فقيه، ومولاي هشام بن عبدالله، وكذلك الأمير فهد بن فيصل آل سعود، وغيرهم من المتحدثين والمتحدثات الذين لا يُمرر لنا اعتبارهم من الطلبة والطالبات، هذه ناحية. أما الأخرى فهي الحضور اللافت للمرأة السعودية في المؤتمر، ليس باعتبارها متابعة ضمن الجمهور، ولكن متحدثة رئيسة لها كلمتها المعلن عنها مسبقاً، والتي جاءها الناس ليستمعوا لها. فكانت الأميرة أميرة الطويل وكلمتها عن عمل المرأة السعودية من خلال مؤسستها التي تعنى باستثمار مهارات الشباب، وكانت الأستاذة ريم أسعد وكلمتها عن إسهامها في توظيف فوق الأربعة آلاف وظيفة مدعمة بالإحصاءات والأرقام، وكانت الدكتورة منال الأميري وكلمتها عن الأمراض الوراثية في العالم العربي والسعودية تحديداً، بكل الجهود والأبحاث التي تبذلها السعودية للوقاية والمعالجة الجينية، وكانت الأستاذة سارة التميمي وحديثها عن العقبات التي تواجهها المرأة السعودية في عالم المال والأعمال نتيجة للظروف الاجتماعية والثقافية، ودورها في تحويلها إلى فرص. وكانت هناك الطالبة المبتعثة نبيلة أبوالجدايل، مصورة المؤتمر على مدار أيامه بجلساته وشخصياته ومرافقيهم، والتي صادفت أن التقطت عدستها السالم وهو بين الحضور في كلمتي أميرة الطويل وريم أسعد، فعرفته لأنه من سألها عن تخصصها الدراسي وكيف اختيرت لتصوير المنتدى. السالم الذي كانت له في اليوم نفسه تغريدة في حسابه على موقع «تويتر» بتاريخ 11 نوفمبر هذا نصها: «حضرت لقاء أميرة الطويل في مؤتمر هارفرد. ففوجئت بالمستوى الراقي والمشرِّف من الذكاء والدماثة. وقد ملكت بحديثها وشخصيتها عقول وقلوب الحضور الكبير». فكيف نقرأ بعدها بـ10 أيام ومن الشخص ذاته عن غياب المرأة السعودية عن المؤتمر؟ هل يستقيم هذا التناقض؟ يجوز للمرء الاختلاف مع الغير حول وجهات النظر عند تحليل الحدث، ولكنه لا يملك أن ينفي وقوعه أو يتغافل عن عناوينه العريضة لأنها لا تخدم فكرته، لأنه بذلك يكون خلط بين الواقع بما فيه، وبين تصوره للواقع بما ليس فيه. وللكاتب موقفه المقدّر في منح ابنته الثقة التي أهلتها للسفر والتعلّم، وللكاتب أن يكتب عن تجربته ليتعظ غيره بقراره الصائب في مجتمع لا يزال يشكك في دور المرأة خارج حدود الزواج والإنجاب، ولكن ليس للكاتب أن يلغي اجتهاد السعوديات الأخريات فيزعم أنهن لم يثبتن وجودهن في مؤتمر شهد العكس. وكما أن للكاتب ابنة يدعمها ويفتخر بها بين أقربائها وإخوانها، لأولئك النساء أهالٍ شدوا من أزرهن أيضاً، وقاوموا الكثير من الصعوبات والآراء المجحفة كي يصلوا ببناتهم إلى حيث جلسن وتحدّثن في جامعة هارفرد. بقي القول إن الطالبة والمصورة نبيلة أبوالجدايل ومن درست السينما بفصلها الدراسي في هارفرد هي ابنتي. وللمرة الأولى بعد 10 أعوام كتابة في الصحافة أعرِّف باسم إحدى بناتي، ذلك أن القارئ لا يعنيه من أمور الكاتب الشخصية إلا بمقدار ما يخدم الطرح. وبهذا المنطق ورد اسمها اليوم للتأكيد على صدقية ما ذكر ههنا بتفاصيله. suraya@alhayat.com

مشاركة :