في مقتبل عقده العاشر، تتسارع خطى الوطن يوماً بعد آخر لتشكل محطات ملهمة في سبيل تحقيق رؤى قيادته وتطلعاتها لمستقبل أفضل، وفيما تنهمك كل سواعده وأذرعه وأجهزته في تنفيذ تطلعات الغد يقف الإعلام موقف التاريخ إزائها مسجلاً اللحظة وموثقاً الأيام ومخلداً الآثار. فمنذ البدايات وجلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - كان فطناً لأهمية الإعلام وأدواره الوطنية ببصيرة فذة وحكمة نافذة، فكانت الصحافة إحدى أولوياته التي كان يؤسس لها؛ لتكون شاهداً على الإرث الذي سينهض بهذه الأرض المترامية الأطراف لتربطها بمحيطها الخارجي والعالمي، وتوثق للمستقبل خطى أرض تشع للعالمين برسالتها وعمق أثرها. ورغم انشغالات المؤسس بتوطيد أركان الدولة الفتية حينها إلا أنه حرص عقب أسبوع واحد من وصوله إلى مكة المكرمة على تسمية رئيس تحرير أول صحيفة سعودية رسمية تحت مسمى "أم القرى"، وكان ذلك مؤذناً بالأدوار المحورية المسندة للإعلام في مواكبة خطى النهضة التي تنتظر البلاد. وخلال مسيرتها الحافلة كانت الصحافة في كل المحطات والمفاصل التاريخية ركيزة لا تتوانى عن تلبية نداء الوطن في توثيق رحلته نحو المستقبل، معززة لقدراته وممكنة لتطلعاته، تحمل صوت المواطن، وتنوء بحمل همومه وآماله، وتنافح عن رؤى الوطن وقضاياه، في مهمة خالدة توسلت في أدائها بدعم القيادة وإخلاص أبنائها لمهنة لطالما اقترنت بالمصاعب في أدائها. وطوال رحلتها احتفظت مختلف المؤسسات الصحفية ببيانات ضخمة تختزل أحداث الوطن وتوثق أيامه وخطاه الطموحة على نسيج ورقي تكتنزه أقسام أرشيف الصحف ونسخها الرقمية، لتكون أحد شواهد المجد الذي بناه الأبناء البررة على نهج ما كان أوائلهم يبنون، و"فعلهم فوق ما فعلوا"، كما قالها المؤسس ذات مرة، ولا أدل على ذلك من النهضة التي نشهدها تحت ظل أبنائه البررة في الذكرى الحادية والتسعين لتوحيد الوطن. ومهما تغيرت الوسائط وتتابعت المستجدات، إلا أن ذاكرة الصحافة ستظل باقية على نهجها ودورها الوطني المشهود، تمخر عباب الزمن لتساير النهضة وتشكل أثيراً وطنياً خالداً لا يتوانى عن نقل الأحداث وتوثيقها.
مشاركة :