يعيش القطاع الصحي في محافظة أبين جنوبي اليمن وضعا حرجا للغاية، ليس فقط نتيجة هجرة الكوادر الطبية منها جراء الحرب ونقص الأدوية والمحاليل الطبية والأجهزة، بل كذلك لتعرض كثير من مرافق القطاع إلى التدمير والخراب، على أيدي ميليشيات الحوثي وصالح، دون أن تشهد المدينة خلال الفترة الماضية أي عمليات حقيقية لإعادة الأعمار، رغم رصد الحكومة والمانحين لمليارات الريالات اليمنية لملف الأعمار في المحافظة. الموقع الجغرافي المتميز لمحافظة أبين الذي جعل منها حلقة ربط بين المحافظات الشرقية والغربية، ومنفذا نحو محافظات وسط البلاد، وقربها من عدن، كان سببا رئيسا لتعرضها للدمار في كل جولة من جولات الصراع التي تعيشها مناطق جنوب البلاد والمشتعلة منذ 2011 وحتى اليوم. وكحال بقية القطاعات نال القطاع الصحي والمنشآت الطبية وأطقمها نصيبهم من الدمار والخراب، إذ تشير بعض التقارير الرسمية إلى أن حجم الدمار الذي تعرضت له المنشآت الطبية في المحافظة خلال الحرب الأخيرة طال نحو 40% من حجم تلك المنشآت. انتشار حمى الضنك وخلال فترة الحرب الأخيرة التي استمرت أكثر من ستة أشهر شهدت المحافظة والبالغ سكانها أكثر من 600 ألف نسمة، انتشارا كبيرا لمرض حمى الضنك النزفية لا يزال متفشيا وسط سكان المحافظة جراء تدمير المراكز الصحية، وتوقف الحركة بين مديريات المحافظة ومركزها الإداري جراء الحصار والحرب اللذين كانت تعيشهما المدينة، إضافة إلى توقف الخدمات الطبية في كبرى المستشفيات الحكومية فيها بشكل جزئي جراء نفاد الأدوية والمحروقات الخاصة بتشغيل الكهرباء في تلك المستشفيات بعد تعطل منظومة الكهرباء الرئيسة، وهو ما يعني توقف إجراء العمليات الجراحية والفحوصات والأشعة، كما أن عدم توافر المحروقات يعني عدم القدرة على إرسال أي سيارة إسعاف لنقل المرضى. حصار خانق ولا يتوقف الأمر عند تدمير المنشآت الطبية، فغالبية المناطق في محافظة أبين تفتقر إلى رعاية صحية، إذ لا يتوافر فيها الحد الأدنى من الاحتياجات الطبية اللازمة لرعاية المرضى، وهو ما يجعل المواطنين بين خيار الموت على الفراش أو تحمل مشاق السفر وتكاليفه المالية إن وجدت. وزادت حدة المعاناة مع النقص الحاد في الأدوية جراء الحصار الخانق الذي كانت تفرضه ميليشيات الحوثي وصالح على دخول المساعدات الإنسانية والطبية إليها، ما دفع الأهالي إلى شرائها بأسعار مرتفعة للغاية من الصيدليات التي تتمكن بطريقة أو بأخرى من توفيرها، أو السفر إلى عدن لشراء الأدوية. بل كذلك هجرة عدد من الكوادر الطبية سواء الأجنبية التي غادرت البلاد بعد اندلاع الصراع، أو المحلية التي نزحت جراء القصف العشوائي اليومي الذي كانت تتعرض له مدن المحافظة، حيث لم يعد يوجد في مستشفى الرازي، وهو الأكبر في المحافظة، سوى 15 طبيبا من أصل 260 هم قوام المسجلين في المستشفى. نقص الكوادر والمعينات ورغم انتهاء الحرب في أبين ورفع الحصار عنها إلا أن مستشفيات المدينة وعددها نحو عشرة مستشفيات، أبرزها مستشفى الرازي المركزي، لا تزال تعاني من نقص حاد وانعدام لكثير من الأدوية والمحاليل الطبية. حيث يقول المدير العام لمكتب وزارة الصحة والسكان العامة في المحافظة الدكتور على منصور، في حديث مع "الوطن"، إن مستشفيات المحافظة ونحو 16 مركزا صحيا و124 وحدة صحية، إضافة إلى مراكز الأمومة والطفولة، تعاني جميعها من نقص في توفير الأدوية والعلاجات، خصوصا المحاليل الطبية الخاص بالفحوصات المخبرية والأجهزة الطبية. مشيرا إلى أن استمرار الحرب والمعارك التي تشهدها مديرية "مكيراس" المحاذية لمحافظة أبين يشكل ضغطا كبيرا على مستشفيات أبين التي تعاني نقصا في الإمكانات.
مشاركة :