محاكمة سعيد بوتفليقة تحدد مصير العلاقة بين أجنحة النظام الجزائري | صابر بليدي

  • 9/27/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أجّل القضاء الجزائري فتح واحد من الملفات الثقيلة إلى شهر أكتوبر القادم، ويتهم فيها رموز بارزة من سلطة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، وعلى رأسهم شقيقه ومستشاره الشخصي سعيد بوتفليقة، ووزير العدل طيب لوح، إلى جانب عدد من المسؤولين الكبار في وزارة العدل والحكومة ورجال أعمال، بشبهات فساد. ويتعلق الأمر بـ”جناية التحريض على التزوير في محررات رسمية والتحريض على التحيز والمشاركة في التحريض على التحيز، وإساءة استغلال الوظيفة، بالإضافة إلى إعاقة السير الحسن للعدالة والمشاركة في إعاقة سير العدالة”. وسيفتح ظهور رجل الظل القوي في السلطة السابقة سعيد بوتفليقة المجال أمام التأويلات المستجدة حول مصير الرجل، في ظل الحديث عن توافق باطني بين أجنحة النظام السياسي القائم، يبحث عن الفرصة المواتية للملمة الشرخ الذي أحدثته صدمة الحراك الشعبي، وصعود القيادة السابقة لواجهة المشهد السياسي في البلاد. وكان سعيد بوتفليقة قد تمت تبرئته من طرف القضاء العسكري مطلع العام الجاري، من تهم التآمر على أمن البلاد وعلى قيادة المؤسسة العسكرية، وعلى النظام السياسي في البلاد، لكنه لم يطلق سراحه حينها، وأحيل على السجن المدني بالعاصمة، في انتظار معالجة قضايا مدنية اتهم بالضلوع فيها. وقضت المحكمة العسكرية بالبليدة في شهر أغسطس 2019 بخمسة عشر عاما سجنا نافذا، إلى جانب كل من مديري جهاز الاستخبارات السابقين اللواءين محمد محمد مدين (توفيق) وعثمان طرطاق (بشير)، وكذلك رئيسة حزب العمال لويزة حنون، في حين قضت بعشرين عاما سجنا غيابيا، في حق وزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار وابنه طارق، ورجل الأعمال بن حمدين. ظهور سعيد بوتفليقة سيفتح المجال أمام التأويلات المستجدة حول مصيره في ظل الحديث عن توافق بين أجنحة النظام السياسي القائم وكانت السلطة القضائية قد سمحت لسعيد بوتفليقة بزيارة شقيقه الراحل في إقامته بضاحية زرالدة عندما اشتد عليه المرض، كما سمح له بالترحم وإلقاء النظرة الأخيرة عليه عند وفاته، لكنه لم يكن من ضمن الحضور في الجنازة الرسمية بمقبرة العالية بالعاصمة. وتتداول تقارير محلية بأن الرئيس الراحل كان همه الأكبر خلال لحظات صحوته من المرض، الاطمئنان على شقيقه وبحث كيفية تخليصه من السجن، وأن مصيره كان ضمن وصية تركها لمحامي العائلة مليود إبراهيمي، بالحرص على إنقاذ سعيد بوتفليقة من السجن. ورغم أن الرئيس الراحل ظل يمثل منذ تنحيه في مطلع أبريل 2019 ما يعرف بـ”رأس العصابة” في خطابات السلطة الجديدة، إلا أن الجنازة الرسمية التي نظمت له توحي بأن المفردات المذكورة كانت من قبيل الاستهلاك الإعلامي لاحتواء غضب الشارع، وأن التوافق بين أركان النظام لم يهتز يوما ما، بل ظل خفيا، لاسيما وأن المسؤول الأول سياسيا وأخلاقيا عن المرحلة لم يتم استدعاؤه للقضاء كمتهم ولا كشاهد إلى أن وفته المنية. ويرى مراقبون أن سعيد بوتفليقة كان يحظى بمكانة مميزة لدى شقيقه الأكبر (عبدالعزيز)، ولدى والدته الراحلة، ولذلك ينصب الاهتمام لدى أفرادها المتبقين على تخليصه من السجن، وهو سيناريو قريب، قياسا بعدم وجود تهم ثابتة في حق الرجل قياسا بالرموز الآخرين من الحلقة التي كانت تعمل معه، كوزير العدل السابق طيب لوح، ومدير الأمن السابق أيضا الجنرال عبدالغني هامل. وذكر تقرير الإحالة لمحكمة الدار البيضاء بالعاصمة، بأن تهمة سعيد بوتفليقة ورجل الأعمال علي حداد، قد تم تكييفها إلى جنحة المشاركة في استغلال الوظيفة، والمشاركة في إعاقة السير الحسن للعدالة، وهما تهمتان يعالجهما قانون مكافحة الفساد والوقاية منه. وظل سعيد بوتفليقة منذ إصابة شقيقه بوعكة صحية في 2013، يؤدي دور الحاكم الفعلي للبلاد، وتمكن بموافقة أجنحة النظام من تمرير الولاية الرئاسية الرابعة لعبدالعزيز بوتفليقة في 2014، كما كان يطمح إلى ولاية خامسة، لولا الثورة الشعبية التي أطاحت به، ومهدت الطريق لصعود جناح عسكري بقيادة الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، إلى الواجهة وإسقاطه رموز المرحلة البوتفليقة، وعلى رأسهم رجل الظل سعيد بوتفليقة. وكان طيلة السنوات الست الأخيرة بمثابة القطب الذي يحرك كل شيء في البلاد، بما فيها الحكومة والبرلمان والجيش والاستخبارات والأمن، مستندا في ذلك إلى وظيفة لم تصدر في الجريدة الرسمية للجمهورية، وهي المستشار الشخصي لرئيس الجمهورية. ويرى متابعون للشأن الجزائري أن التحولات التي أعادت جناح الصقور العسكري ( وزير الدفاع الأسبق خالد نزار ومدير جهاز الاستخبارات المتقاعد محمد مدين) إلى دوائر القرار، بإمكانها أن تعيد ترتيب الأجنحة، خاصة بعد سقوط جناح أحمد قايد صالح، وأن تعيد الحرية لسعيد بوتفليقة، لاسيما وأن الرجل لا يملك تهما ثقيلة في سجله، فقد كان يدير الأمور دون أن يترك أثرا لبصمته. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :