توطين الوظائف لا يعني أن نغلق باب الوظائف أمام غير المواطن، ولكنه يعني أن تكون للمواطن فرصته ومكانه وإمكانية تغيير مجال عمله متى شاء ومتى ما سمحت له الظروف بذلك. وحين يعلن أحد رجال الأعمال عن توفير 3000 وظيفة فهذه مبادرة مهمة، تعزز دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل. وهي خطوة تنسجم مع مستقبل التنمية الاقتصادية، التي تستوجب خطوات مبتكرة لصالح الأجيال الجديدة. توطين الوظائف في القطاع الخاص هدف مهم، يحتاج إلى عوامل وخطوات من شأنها تشجيع الخريجين الجدد للالتحاق بهذا القطاع الواعد، الذي يفترض أن يكون جاذباً للقوى العاملة المنضوية حديثاً في سوق العمل. والمأمول أن يتم توفير معايير دقيقة يلتزم بها القطاع الخاص، لتفعيل خطة توطين تضمن نجاحها وقدرتَها على الاحتفاظ بالموظف، بحيث يمنح فرصةَ التدريب ثم خوض مجال العمل الجديد وهو مؤهل له، والأمر يتطلب تنويع الفرص المتاحة لدى القطاع الخاص، أملاً في تعزيز جاذبيته.مثل هذه القرارات من جانب القطاع الخاص لا بد أن تمر عبر وسائل معتمدة من الحكومة أو لجنة فنية تقع عليها مسؤولية وضع المعايير والاشتراطات لخطة التوطين والتي لابد أن يكون أعضاؤها من مختلف القطاعات والمجالات حتى يتحقق النضج في إصدار القرار. خريج الجامعة أو الباحث عن عمل يحتاج إلى جهة داعمة توعّيه بمشكلاته وكيفية البحث لها عن حلول، كما يتعين على القطاع الخاص أن يعي أن هناك قوى بشرية معطلة وشواغر لا يعرف أرباب الأعمال كيف يختارون الأنسب لشغلها. كل الاقتصادات بحاجة إلى أبنائها حتى تدور عجلتها بشكل صحي ومستدام، وهو ما تلح عليه قيادتنا منذ وقت طويل. اشتراطات التوظيف الحالية في القطاعين الخاص والحكومي تتضمن خبرةً مسبقةً أو خريج جامعات أجنبية، على الرغم من أن سنوات العمل لا تعني الخبرة بالضرورة وأن الشهادة الجامعية ليست سبباً كافياً للتميز أو امتلاك القدرة على أداء المهام. الأمر يتعلق بالتدريب وبناء شخصية شغوفة، وبتحضير المواهب من أجل الوصول إلى الشخص الناجح في مجاله، فالتدريب هو السبب الأول لتطوير الكوادر وبناء قصص نجاحها.. التدريب ليس ترفاً أو فائضاً عن الحاجة. إنه أهم وسيلة لإعداد الشباب والخريجين لوظائفهم الجديدة. المعايير هنا تتطلب إعادة النظر في ميزانية الجهات وتعزيز قيمة التدريب الذي يتوازى مع الشهادة الجامعية، ويمثل الفرصة الأقوى للتميز والحصول على الوظيفة الأنسب. التوطين من جانب القطاع الخاص يحتاج الإرادة وطول النفس والقدرة على التعامل مع أكثر من جهة. فأصحاب الأعمال الخاصة ليس سهلا أن نجبرهم أو حتى نقترح عليهم أن يوظفوا إماراتيين في شركاتهم، فالأمر يتطلب خطوات متتالية تتعلق بالمزايا المالية، التي لا يزال يعتبرها البعض أحد أهم العوائق الرئيسية. * كاتبة إماراتية.
مشاركة :