المعوقات تعرقل الاستثمار في التعليم

  • 10/28/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتب - أكرم الكراد: طالب عدد من الخبراء ورجال الأعمال بوضع حلول ناجعة للمعوقات التي يواجهها المستثمرون ورجال الأعمال القطريون في قطاع التعليم، وفي مقدمتها مساواة المستثمرين القطريين بمجال التعليم بالمستثمرين والمدارس الأجنبية، حيث يتميزون بمميزات لا يحصل عليها المستثمرون المحليون، فضلًا عن تسهيل الإجراءات الحكومية لإنشاء مبانٍ تعليمية والتراخيص والموافقات التي تأخذ وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا من المستثمرين، ما يدفع البعض منهم للعزوف عن الاستثمار بهذا المجال، هذا إلى جانب ارتفاع التكلفة الإنشائية، وقلة الأراضي التي تصلح لإقامة منشآت مدرسية نموذجية. وأكدوا ضرورة دعم الحكومة للمستثمرين القطريين، ومنحهم أراضي تصلح لإقامة مبانٍ تعليمية، وتشجيع البنوك على منحهم قروضًا ميسرة وغير ذلك من الحوافز التشجيعية التي تجعل هذا القطاع مغريًا، خاصة أنه يمتاز بعوائده الربحية طويلة الأجل. وأكدوا أن الاستثمار في التعليم أصبح ضرورة لتطوير المنظومة التعليمية وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وذلك لما للقطاع التعليمي من دور في تحقيق رؤية قطر 2030. وجدير بالذكر هنا أن الاستثمارات الخاصة بالتعليم شهدت نموًا مطردًا خلال السنوات الماضية، ولكن مع النمو السكاني المطرد، وزيادة الحاجة لمدارس جديدة كل عام تزداد الحاجة لدعم هذا القطاع بمزيد من الاستثمارات المواكبة لحجم الإنفاق الحكومي السخي على هذا القطاع. د. سيف الحجري: نطالب بالشراكة التكاملية بين الحكومة والقطاع الخاص منح المدارس الأجنبية مميزات يحبط المستثمرين القطريين أكد الدكتور سيف الحجري نائب رئيس لجنة التعليم بغرفة تجارة وصناعة قطر بأن التعليم والبحث العلمي هما ركيزتان أساسيتان لحضارة الدول، ومقياس لمدى تطور ونمو أي دولة، سيما وأن التطور في هذين العنصرين يحسن من تطور مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. وحول أهمية الاستثمار الخاص في هذا القطاع ومواكبته للإنفاق الحكومي على التعليم قال د. الحجري بأنه يجب أن تكون هناك شراكة تكاملية بين الحكومة والقطاع الخاص لإنماء التعليم، وزيادة تطوره، لافتاً إلى أن القطاع الخاص ساهم بشكل جيد في تنمية هذا القطاع، مسترشداً بوجود نسبة عالية من الطلاب اليوم ينهلون تعليمهم في مدارس ممولة من القطاع الخاص، وهناك عدد كبير جداً من المدارس الخاصة والعالمية وجميعها تعتبر ضمن مشاركات القطاع الخاص في دعم العملية التعليمية، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة أن تضع الدولة ضوابط للاستثمار في التعليم من قبل القطاع الخاص من ناحية جودة التعليم المقدم للطلاب، وجودة المباني والمنشآت، والحرص على توافر التكنولوجيا المتطورة المواكبة لتطور العملية التعليمية، فضلاً عن البرامج التعليمية ذات الأهمية وتوافر الاختصاصات الأكاديمية لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها من العناصر المساعدة على زيادة تطور ونمو التعليم وتحسين جودته بمختلف المجالات. وأكد أيضاً على ضرورة أن توفر الحكومة المناخ الجيد للقطاع الخاص للاستثمار الأمثل في هذا القطاع، سواء عبر تقديم دعم ومحفزات للمستثمرين كمنحهم الأراضي وتشجيع البنوك على منح القروض لهذا القطاع بفوائد مقبولة، وذلك لتخفيف العبء عنهم بسبب ارتفاع أسعار الأراضي في الفترة الحالية من جهة، وارتفاع التكلفة التشغيلية لهذه النوعية من الاستثمار التي تمتاز بأن عوائدها الربحية تحتاج لصبر ووقت وتحسين جودة مستمرة، إلا أن ربحيتها الأهم تكمن في الكفاءات التي تخرجها، وفي الدعم لقطاعات اقتصادية ومجتمعية أخرى، فضلاً عن الأهم وهو تخفيف أعباء الدولة بهذا القطاع. وطالب د. الحجري بأن يتعاون القطاع الخاص والمستثمرون بمجال التعليم على تجارب الآخرين في المؤسسات التعليمية في الدول المتقدمة، فهذا التعاون يخلق خبرات جديدة، مع ضرورة الحفاظ على الخصوصية والوطنية والهوية القطرية العربية الإسلامية التي تمتاز بها قطر بعيداً عن التغريب الذي يؤثر سلباً على الأجيال المستقبلية. ورداً على تخوف بعض رجال الأعمال من الاستثمار في التعليم لوجود معوقات أكد د. الحجري أن اللجنة التعليمية في غرفة تجارة وصناعة قطر ناقشت في اجتماعاتها مختلف الموضوعات المتعلقة بهذا القطاع، وكيفية تطويره وزيادة معدلات نموه، فضلاً عن مساعدة القطاع الخاص لفهم هذه المعوقات وإمكانية تجاوزها مع كيفية مواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية لتعليم أبنائنا. وأشار إلى أن الاستثمار في التعليم أصبح ضرورة لا محالة فلا يمكن أن تتطور المنظومة التعليمية، ومن دون تشجيع القطاع الخاص سوف تزيد هذه المعوقات. وأوضح أن أبرز المعوقات التي اشتكى منها المستثمرون القطريون تتمثل في نوع من الإحباط والتذمر لديهم من منح المدارس والمستثمرين الأجانب مميزات أكثر مما يعطى للمستثمر القطري، وهذا ما أشعرهم بفقدان العدالة بين جميع المستثمرين بمجال التعليم سواء أكانوا قطريين أو أجانب، بل يجب تشجيع المستثمرين القطريين أكثر من غيرهم لزيادة مشاركتهم في تطوير البيئة التعليمية، وأيضاً من المعوقات تبرز قضية الأراضي المتوافرة، والتي على أساسها يستطيع المستثمر القطري بناء مدرسة بمواصفات عالمية، تلبي مختلف شروط ومعايير الجودة المطلوبة، خاصة وأن غالبية المباني التي يتم تأجيرها لا تصلح لأن تكون مدارس نموذجية، وفي الأولى تكون التكلفة على المستثمرين مرتفعة في حال شراء الأرض وبناء المباني ومن ثم تكاليف التشغيل البشري، وفي الثانية ارتفاع القيم الإيجارية للمباني ساهم في عزوف البعض من رجال الأعمال على الخوض في هذا الاستثمار الحيوي، وكذلك من المطالب تسهيل الإجراءات الحكومية والقدرة على استقطاب الكفاءات والكوادر التعليمية، فضلاً عن تعدد الجهات التي يرى فيها المستثمرون وقتاً وجهداً إضافياً. وأشار د. الحجري إلى تجاوب وتعاون وزارة التعليم والتعليم العالي مع مطالب رجال الأعمال والمستثمرين القطريين بالقطاع التعليمي، إلا أن بعض المعوقات تحتاج إلى قرارات ليست من اختصاص الوزارة ومن ذلك منح الأراضي، وغيرها من الحلول والتحديات التي تشترك أكثر من جهة في التصدي لها. د. رجب إسماعيل: الدعم الحكومي لرواد الأعمال ضرورة نمو كبير شهدته الاستثمارات الخاصة بالتعليم أكّد الدكتور رجب إسماعيل الأستاذ بكلية الاقتصاد على وجود توازٍ بين القطاعين العام والخاص في دعم الاستثمار في التعليم، مشيرًا إلى أن هذا النشاط الاقتصادي ينقسم إلى نوعين، أحدهما الاستثمار في قطاع التعليم العالي، وقطاع التعليم الأساسي الذي يشمل مختلف المدارس والمعاهد وغيرها. ونوّه بوجود نمو كبير جدًا في استثمار القطاع الخاص في التعليم الذي يشهد طفرة كبيرة جدًا مع تواجد أسماء كبيرة لمؤسسات تعليمية عالمية، وبخاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهذا المعدل من النمو لعبت الحكومة دورًا مهمًا في تحفيزه بالقوانين، وتشجيع رجال الأعمال وأولياء الأمور على الاهتمام أكثر بجودته ونوعيته، ومن ذلك إطلاق الكوبونات التعليمية التي أتاحت للمواطنين فرص الاختيار ما بين المدارس الخاصة والمستقلة، وبالتالي شجع هذا الأمر على التنافسية بين القطاعين العام والخاص، وانعكست آثاره الإيجابية على جودة التعليم، فضلًا عن موازاة هذا النمو لزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم، ولذلك تعتبر قطر من أوائل الدول المتقدمة بالإنفاق على التعليم مقارنة بعدد السكان في العالم، إضافة إلى الاهتمام الكبير بالمعلمين، وتحسين رواتبهم لتصبح الأعلى على مستوى المنطقة، وكذلك الاهتمام بالتكنولوجيا واستخدامها في التعليم لتتبوأ مكانة متقدمة إقليميًا وعالميًا. وحول الجدوى الاقتصادية من هذا الاستثمار أوضح د. إسماعيل أن هذه النوعية من الاستثمارات جيدة، لاسيما أنها تقدم خدماتها لقطاعات كثيرة تلعب دورًا مهمًا في النمو الاقتصادي، خاصة مع الرسوم التي تتقاضاها المدارس اليوم بات الاستثمار مجزيًا، وبمقارنته مع كثير من دول العالم تجده يوازي الدول المتقدمة، هذا إلى جانب المميزات التي يحصل عليها رجال الأعمال من قبل الحكومة في سبيل التحفيز ودعم هذا القطاع من قبل أكثر من جهة في الدولة، وفي مقدمتها بنك قطر للتنمية، ما يشي بأن هذا القطاع ينتظره مستقبل كبير ومهم في قطر. وأكد أن الاستثمار في هذا القطاع المهم يحتاج لأشخاص متخصصين، وهذا ما يجعله بعيدًا عن متناول جميع رجال الأعمال، أو أنه يتضمن شروطًا معينة يراها البعض صعبة، ولكنها في الحقيقية شروط وضوابط مطلوبة لضمان جودة التعليم، ولتأمين خبرات وكفاءات أكاديمية قادرة على حمل هذا العبء التعليمي وملتزمة بمعايير الجودة الوطنية والعالمية، فضلًا عما يحتاجه الاستثمار في هذا القطاع من نفس طويل لجني أرباحه، ولربما لا يستطيع البعض من رجال الأعمال تحمل هذه الفترة الزمنية من العمل والسمعة الطيبة لتحقيق أرباح. وأشار د.إسماعيل إلى أن ارتفاع رسوم المدارس يرجع إلى ارتفاع الكلفة التشغيلية للاستثمار في التعليم، خاصة من حيث إيجارات المباني التي ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إضافة إلى ارتفاع الأجور للمعلمين وغيرهم من الكادر الإداري والعاملين بهذا القطاع، ولذلك يجب أن تكون هناك مرونة في التعامل مع هذا القطاع، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الحكومية والتراخيص وما شابه ذلك، وتأمين احتياجات زيادة نموه وتطوره، والعمل على أن يكون هناك دعم من الجهات الحكومية وتقديم المساعدة المادية والمعنوية لرواد الأعمال لإنشاء مدارس وطنية، وهذا ما نفتقده فعلًا، بأن يكون التركيز في المرحلة المقبلة على المدارس الوطنية، لافتًا في هذا السياق إلى أن الكثير من القيادات التعليمية المحالة للتقاعد يمكن الاستفادة من خبراتها، لإنشاء مدارس وطنية بعيدًا عن النموذج البريطاني أو الأمريكي. يوسف الجاسم: إجراءات الاستثمار في التعليم بطيئة تعدد جهات الاختصاص يشكل عبئاً على المستثمرين قال رجل الأعمال يوسف الجاسم صاحب مدرسة الحكمة بأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في التنمية البشرية للاستفادة من الطاقات البشرية المتمكنة من أدواتها مستقبلاً وأيضاً استثمار اقتصادي ومجتمعي تنعكس آثاره على الخامات والأفكار المعرفية التي تقدم خدماتها لنمو وتطور الاقتصاد عامة، مسترشداً على ذلك بما كان يقدمه التعليم أيام زمان وما وصل إليه الحال هذه الأيام من وجود الحقيبة الإلكترونية والبرامج الذكية وغير ذلك ما ساهم الاستثمار في التعليم وتشغيل قطاعات اقتصادية أخرى . وعن أبرز المعوقات قال الجاسم بأن الإجراءات الحكومية تعتبر روتينية وبطيئة لا تواكب التطور الحاصل في هذا القطاع، فضلاً عن تعدد جهات الاختصاص في التراخيص اللازمة لإنشاء مدرسة على سبيل المثال، وهذا يشكل عبئا على المستثمرين ويستنزف وقتهم وجهدهم ما بين المجلس الأعلى للتعليم والبلدية والدفاع المدني والسجل التجاري والمرور وإدارة العمل وغيرها، ولذلك قد تختصر النافذة الواحدة أو الموظف الشامل هذه الإجراءات الرسمية، وتسهل الحصول على تراخيص الاستثمار في قطاع التعليم على رجال الأعمال. وأضاف بأن التكلفة التشغيلية لهذا الاستثمار ازدادت نتيجة ارتفاع القيم الإيجارية للمباني والمساكن، ما ضاعف من التكاليف، وزاد من المعوقات، حيث تستنزف الإيجارات أكثر من 70% من أرباح الاستثمارات التعليمية، وبالتالي ينعكس ذلك على الأقساط والرسوم التي بات الكثيرون يعتبرونها مرتفعة، إضافة إلى الارتفاع في أجور المعلمين، وتكاليف الحرص على جودة التعليم، واستخدام التكنولوجيا والوسائل التعليمية الحديثة، ولذلك طالب الجاسم بوضع قانون بتحديد القيم الإيجارية في مناطق الدولة، بحيث لا تترك مجالاً للوسطاء العقاريين والزيادة من دون مبررات حقيقية، إذ ليس من المعقول أن يصل إيجار الشقة السكنية من ثلاث غرف إلى عشرة آلاف ريال شهرياً. وأشار أيضاً في هذا السياق إلى قلة وجود المباني الجاهزة والمهيأة كمبان تعليمية تتناسب مع المعايير والشروط التي تطلبها الجهات المختصة، وهذا ما يجعل من الإجراءات الرسمية والمعايير الحالية صعبة التنفيذ بالنسبة لكثير من المستثمرين في ظل هذا الارتفاع الجنوني في أسعار الأراضي وإيجاراتها، فضلاً عن ارتفاع أسعار مواد البناء رغم هبوط النفط، ولذلك لابد من تكثيف الرقابة على أسعار ومحلات مواد البناء لتبقى ضمن الأسعار الحقيقية دون زيادة. وأكد الجاسم على أهمية الدعم الذي تقدمه الحكومة لقطاع التعليم، سواء من خلال الدعم اللوجستي أو عبر تقديم الأراضي للبناء أو عبر قروض من عدة جهات في الدولة كبنك قطر للتنمية والإعفاء من رسوم الكهرباء والماء، ولكن الاستثمار في التعليم يحتاج لمزيد من الدعم من قبل الحكومة، وخاصة بالقوانين التشريعية والعمل على انضباط الأسعار في البناء والإيجارات.

مشاركة :