بينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الاتفاق حول المسجد الأقصى حول وضع كاميرات مراقبة حديثة، حال دون نشوب أزمة بين إسرائيل والأردن، ظهرت بوادر خلافات بين الفلسطينيين والأردنيين بعد تصريحات أدلى بها مسؤولون فلسطينيون أعلنوا عن رفضهم للصفقة، واعتبارها خدمة لأمن إسرائيل. وقد ركزت وسائل إعلام أردنية على تصريحات المسؤولين الفلسطينيين، خاصة وزير الخارجية رياض المالكي، الذي وصف الاقتراح الأردني بنصب كاميرات مراقبة في جميع أنحاء المسجد الأقصى، بـ«فخ جديد»، لأنه سيسهل على إسرائيل السيطرة الأمنية على المسجد، ويساعدها على اعتقال ناشطين فلسطينيين. وهذا ما ذهب إليه مسؤولون آخرون، من بينهم عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي. ورفض مسؤولون أردنيون تصريحات المالكي، وتساءلوا عن مدى موافقة القيادة الفلسطينية عليها. وقال سياسيون أردنيون لصحيفة «الغد» الأردنية، إن تصريحات المالكي تلك «غير ملائمة وغير عادلة، وإنه كان الأولى بالسلطة تقدير ما يقوم به الأردن تجاه الأقصى وليس توجيه لغة اتهامية»، داعين القيادة الفلسطينية إلى «التعليق على هذا التصريح الاتهامي». وقال رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبو عودة، إن تصريحات المالكي «غير ملائمة وغير عادلة، ولا طعم لها سوى الاستفزاز»، موضحًا «إن الاقتراح بتركيب كاميرات هو من مصلحة الفلسطينيين». أما وزير الشؤون السياسية الأسبق، موسى المعايطة، فعبر عن استغرابه من هذه التصريحات و«توجيه لغة اتهامية للأردن»، داعيًا إلى ضرورة «توضيح هذا التصريح». ولم تعقب المملكة بشكل رسمي على تصريحات المالكي، لكنها ردت بطريقة أخرى، وهو مضيها قدما في الاتفاق. وقال وزير الأوقاف، إن وزارته ستبدأ قريبا بتركيب هذه الكاميرات. وكانت الأوقاف بدأت فعلا في تركيب كاميرات حول الأقصى، لكن الشرطة الإسرائيلية منعتها وأزالت الكاميرات، قبل أن يعلن نتنياهو أن وضع كاميرات مراقبة بالمسجد الأقصى «يجب أن يتم بالتنسيق مع الدولة العبرية». من جانبها، أوضحت مصادر فلسطينية، أن الغضب الفلسطيني من الاتفاق، يعود إلى أن المطلوب من وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، كان أكثر من مجرد اتفاق جزئي على نصب كاميرات. واتفاق الكاميرات أو اتفاق الأقصى أو اتفاق كيري، لم يحظ بقبول فلسطيني بشكل عام (الفصائل وشعبيا) وليس لدى السلطة فقط. ولم تخف المصادر، أن السلطة الفلسطينية غير راضية عن «اتفاق الكاميرات»، وقررت المضي بالتصعيد على الأرض، لكنها أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يوجد أي نية للتصعيد الإعلامي أو الكلامي أو الرسمي مع الأردن، وأن السلطة مهتمة وتقدر العلاقات مع الأردن الشقيق ودوره في حماية الأقصى. وبحسب المصادر، فإن السلطة تضع شروطا للهدوء بشكل عام، ومن بينها عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2000 في المسجد الأقصى، أي تسليم الإشراف الكامل على الأقصى للأوقاف بما في ذلك السياحة الدينية، ووقف الاستيطان ولجم الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين، وإطلاق سراح معتقلين، قبل إطلاق عملية سياسية شاملة مرجعيتها القرارات الدولية وتحدد وقتا لإنهاء الاحتلال. وتابعت المصادر «القضية هي حل شامل ونهائي وليس حلولا مجزأة هنا وهناك. القضية ليست كاميرات وحواجز». فيما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رغبته في التوصل إلى حل سياسي بالطرق السلمية: «لإقامة دولة فلسطينية تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل»، قائلا في العاصمة البلجيكية بروكسل، أثناء لقائه الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، إن على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ إجراءات حول الأقصى والمستوطنات قبل العودة إلى المفاوضات وتطبيق الاتفاقيات. وأشار عباس إلى «رغبة الفلسطينيين في التفاوض مع الإسرائيليين، على أساس ما تمت الموافقة عليه من قبل العالم بأسره، وهو وقف الاستيطان حتى نتفاوض على الحدود، بالإضافة إلى هذا، هناك اتفاقيات بيننا وبين إسرائيل منذ عام 1993 نُقضت جميعا، ونحن نريد أن تُحترم هذه الاتفاقيات، فيها التزامات على الإسرائيليين والفلسطينيين ونحن مستعدون لتنفيذ كل الالتزامات». وقال عباس أيضا، إن «الوضع في الأراضي الفلسطينية صعب للغاية، والسبب في ذلك، يعود إلى اليأس الذي بدأ يشعر به الجيل الجديد من الفلسطينيين في التوصل إلى حل الدولتين، وأخشى أن يداهمنا الوقت قبل أن نحقق تقدمًا في هذا الموضوع». وأرجع عباس أسباب توتر الأوضاع على الأراضي الفلسطينية إلى سببين: «أولهما عدم احترام إسرائيل للهدن والاتفاقيات، ونقضها تمامًا، خاصة ما يتعلق منها بوضع المسجد الأقصى. والثاني وجود المستوطنين المسلحين في الضفة الغربية، وخروجهم إلى القرى الفلسطينية والشوارع لتهديد ومهاجمة المواطنين، تحت حماية الجيش الإسرائيلي». من جانبه، توجه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى نواب في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، ووزراء في حكومته انتقدوا الاتفاق الإسرائيلي الأردني حول الأقصى، وطالبوا فيها بـ«حق اليهود» في الصلاة فيه، وطالبهم بالسكوت وعدم التخريب على جهوده في التوصل إلى تهدئة. وقال إن الاتفاق جاء ليمنع تدهورا غير مسبوق، كان يمكن حصوله في العلاقات مع الأردن. وكانت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، تسيبي حوتوبيلي، قد أبدت اعتراضها على منع اليهود من أداء الصلوات في الحرم القدسي. وقالت إنها لا تفقد الأمل في تحقيق الهدف اليهودي القومي والديني برفع علم إسرائيل فوق الأقصى. وأضافت في تصريح بث في قناة التلفزيون في الكنيست: «إن هذا المكان هو قدس الأقداس بالنسبة للشعب اليهودي»، ثم عادت وكررت موقفها بأنه ينبغي السماح لليهود بأداء الصلاة في باحة الأقصى. وعلى ضوء هذه التصريحات، رد ديوان رئيس الوزراء قائلا: «سياسة الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بالحرم القدسي، عرضت على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في بيانه مساء السبت، ولم يطرأ أي تغيير عليها. ويتوقع رئيس الحكومة من كل أعضاء حكومته أن يتصرفوا وفق هذا البيان». يذكر أن مجموعات من المستوطنين عادت، أمس، ودخلت باحات المسجد الأقصى من باب المغاربة، بحماية وحراسة عناصر من الوحدات الخاصة في شرطة الاحتلال، ووسط انتشار واسع للعاملين في المسجد المبارك بكافة أرجائه ومرافقه. وفي السياق، نشرت ما تسمى حركة «عائدون إلى الجبل» اليهودية المتطرفة، على صفحتها الرسمية في «فيسبوك»، صورة تُظهر جسر المغاربة، وفي الخلفية مجسم للهيكل اليهودي مكان مسجد قبة الصخرة في المسجد الأقصى.
مشاركة :