يحلق المسبار الأميركي «كاسيني» مجدداً غداً (الأربعاء) فوق نبع حراري يتدفق منه الجليد على سطح أحد أقمار «زحل»، على أمل أن تساعد هذه المهمة العلماء في التعمق في فهم النشاط المائي في هذا الجرم، وتحديد ما اذا كان مناسباً للحياة. ويتوقع العلماء في «وكالة الفضاء الاميركية» (ناسا) أن يحلق المسبار «كاسيني» غداً فوق النبع على ارتفاع 49 كيلومتراً من سطح القمر «انسيلادوس» عند الساعة 15:22 بتوقيت غرينيتش. ومن شأن المعلومات التي يلتقطها المسبار ان تلقي الضوء على النشاط المائي في هذا القمر الذي يضم محيطاً مائياً تحت طبقة من الجليد، ولاسيما الأنشطة المائية الحرارية التي يمكن أن تكون مصدراً مهما للطاقة اللازمة لنشوء الحياة. وبحسب ما أوضحت المسؤولة العلمية عن المهمة، ليندا سبيلكر، في مؤتمر صحافي عقد في مركز التحكم «غيت بروبلشن لاب» التابع لوكالة «ناسا»، أن الهدف الاول من هذه المهمة، هو جمع معلومات جديدة حول إمكان أن يكون المحيط المائي في القمر «انسيلادوس» يحوي عناصراً مناسبة للحياة. وتشير كميات جزيئات الهيدروجين التي سيلتقطها المسبار إلى درجة النشاط الحراري وما يعنيه ذلك من طاقة، وهي عنصر لا بد منه لكي يكون هذا المحيط مناسباً للحياة. وكان باحثون أميركيون اكتشفوا وجود جزيئات دقيقة جداً من غبار الصخور قرب الكوكب زحل، ما يشير إلى إمكان أن يكون قمره «انسيلادوس» يضم شكلاً من أشكال الحياة. وتوصل العلماء إلى هذه الخلاصاء بناءً على المعلومات التي جمعها المسبار «كاسيني» الذي دخل مدار زحل في العام 2004، وبدأ دراسته ودراسة حلقاته. ونشرت تلك الخلاصات في مجلة «نيتشر» في شهر آذار (مارس) الماضي، وكانت حصيلة أربعة اعوام من الدراسات المعمقة للمعلومات التي جمعها المسبار، وهو اول مسبار يوضع في مدار الكوكب العملاق زحل. أما الهدف الثاني لمهمة التحليق الجديدة في أجواء «انسيلادوس»، فهو محاولة فهم التكوين الكيماوي لهذا النبع الحراري من خلال رصد جزيئات عضوية. وسبق أن رصد «كاسيني» في مهمات تحليق سابقة فوق هذا النبع، وجود غاز الميثان. وهذا المسبار قادر فقط على تحديد ما إذا كانت البيئة في محيطه المائي مناسبة للحياة، من دون أن يقدر على التقاط مؤشرات تدل فعلاً على وجود الحياة، مثل الحمض الريبي النووي او الجزيئات المركبة. وقال أحد المسؤولين عن مهمة «كاسيني»، كورت نيبور، «نحن نخطو خطوة كبيرة في مجال استكشاف عوالم المحيطات التي يبدو أن هناك فرصاً كبيرة لوجود الحياة تحت سطحها المتجمد، مثلما هو الحال في محيطات الأرض». وأضاف «يمكن أن تكون هذه البيئات مناسبة أيضاً للعيش يوما ما». وبحسب وكالة «ناسا»، لن يتلقى المشرفون على المهمة، أولى الصور والبيانات العلمية قبل مساء الخميس المقبل، وربما بعد ذلك، وسيتطلب الامر اشهراً عدة قبل أن تظهر نتائج تحليل هذه المعطيات. وأطلقت مهمة «كاسيني» في 2004 كثمرة تعاون آنذاك بين «ناسا»، ووكالتي «الفضاء الأوروبية»، و«الفضاء الإيطالية». وبعد التحليق في أجواء القمر «انسيلادوس» غداً، يعود المسبار إلى التحليق في أجوائه مجدداً، لكن على ارتفاع خمسة آلاف كيلومترا، وذلك في 19 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بهدف دراسة كميات الطاقة المنبعثة منه.
مشاركة :