التفكير خارج الصندوق هو إحدى طرق العصف الذهني التي تعتمد على الخبرة والقدرة الإبداعية للمجتمعين في بلورة حلول جديدة وموضوعية لأي مشكلة تواجههم من خلال قيامهم بطرح واختبار كل فكرة من دون انتقاء أو تقيد بالصندوق، ويمكننا استخدام هذه الطريقة على المستوى الشخصي أو المؤسسي أو على مستوى الدولة من خلال وضع كل التحديات من سياسات وقوانين ولوائح وبيروقراطيات الدورة المستندية في الصندوق، والتفكير بعيداً عنها في كيفية الوصول إلى الأهداف الرئيسة كتنوع مصادر الدخل، وتوفير فرص عمل، وتمكين الكفاءات الوطنية، وتحقيق أعلى العوائد من المشاريع وغيرها من الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة أو الدولة. لكن من شروط نجاح التفكير خارج الصندوق أن تشارك الكفاءات من المواهب وأهل الخبرة والابتكار في حلقات العصف الذهني، وأن يتم توثيق كل الحلول التي يتم طرحها وتحويلها إلى مستهدفات قابلة للتطبيق والإنجاز والقياس، على أن يلتزم بتنفيذها كل الأطراف والجهات الرسمية لتحقيق الإصلاح الشامل بطرق مبتكرة بعيدة عن كل المعوقات التي تم احتواؤها في الصندوق. فالكويت بحاجة لحلول غير تقليدية تتسم بالسرعة والمرونة والجودة لحلحلة كل الملفات والقضايا العالقة منذ ستينيات القرن الماضي، وهذا لن يتم من دون الاستعانة بالعنصر البشري الموهوب والمتميز، ففي إحدى محاضرات الرئيس الكوري الراحل (لي ميونغ باك) ألقى الضوء على كيفية تحول دولة مثل كوريا الجنوبية إلى خامس أكبر اقتصاد في العالم بعد أن كانت من أفقر دول العالم قبل أكثر من 50 عاماً، فبالرغم من أنها لا تملك موارد طبيعية أو مالية، فإنها استطاعت أن تمتلك كبريات الشركات في مجال التكنولوجيا واﻹنشاءات والسيارات وغيرها وذلك بالتركيز على تطوير وإطلاق إبداع العنصر البشري من خلال جودة التعليم ومصداقية قادة التعليم التي يرى أنها السبب اﻷول للتقدم الاقتصادي والتكنولوجي في كوريا الجنوبية. فالتقدم والتنمية والتميز ترتكز على العنصر البشري المؤهل الذي تعلم وتدرب في نظام تعليم نوعي وذي جودة عالية يشجع على التفكير والابتكار والإبداع والمعرفة والانفتاح على تجارب الآخرين، في حين التأخر والانغلاق والبعد عن تطبيق كل ما هو جديد في مجال التكنولوجيا والعلوم والصناعات بجانب التغييرات المستمرة في أنظمة وهياكل التعليم، وعدم تلبية برامج ومناهج التعليم التقليدية لاحتياجات سوق العمل، كل ذلك أدى إلى تكدس أعداد الموظفين غير المنتجين من دون هدف أو حتى وصف وظيفي لما يقومون به من مهام في الجهات الحكومية التي تعمل كل منها ضمن إطار صندوق البيروقراطية المقيد للأفكار والمنقطع عن الاتصال بأي صندوق آخر يماثله ويتطابق معه في إجراءات العمل! لذا علينا أن نفكر خارج الصندوق، ونبدأ بتقييم الوضع الحالي لمواردنا البشرية من خلال ترسيخ المعرفة والخبرة العملية وتشجيع المواهب والابتكار عن طريق التنسيق المستمر بين مؤسسات التعليم والتقدم العلمي والخدمة المدنية والقطاع الخاص، للتأكد من جودة البرامج التعليمية والتدريبية ومدى مطابقتها لاحتياجات سوق العمل، وكذلك تعزيز البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاستفادة من تطبيقاتها الذكية في ربط الجهات الحكومية وفتح صناديقها المغلقة بهدف تحسين خدماتها وتقليص مصروفاتها. إن التفكير خارج الصندوق يكسر الحواجز البيروقراطية ويمكن المواهب والكفاءات من طرح الحلول المبتكرة التي تسهم في تطوير وتحسين أداء المؤسسات والجهات الحكومية.
مشاركة :