أشار عقاريون إلى ازدياد القضايا العقارية المنظورة في المحاكم السعودية، ولفتوا إلى عدم وجود إحصاء دقيق حول عددها، لكن قدّروا نسبتها بـ 10 في المئة من مجموع القضايا في المحاكم. وعزوا هذه الحالة إلى «عدم وجود آليات تضمن حق صاحب مكتب العقار والبائع والمشتري في آن»، وأوضحوا أن القضايا هي من «النوع الحقوقي»، التي يطالب فيها صاحب مكتب العقار برسوم الوساطة (السمسرة)، وقدّرتها لائحة تنظيم المكاتب العقارية المعدلة والتي حصلت «الحياة» على نسخه منها بـ 2.5 في المئة من قيمة الصفقة الإجمالية. وأعلن عقاريون تحدثوا إلى «الحياة» أن عدد مكاتب العقار المسجلة رسمياً يبلغ نحو ثلاثة آلاف، في حين أن العامل منها والتي تملك سجلات تجارية لا يزيد على 500 في مدينة جدة. وعزوا السبب في ذلك، إلى تعدد الجهات المانحة لتراخيص المكاتب العقارية وإلى العشوائية، فضلاً عن وجود متطّفلين على المهنة، ما ساهم في ضياع حقوق أصحاب المكاتب الرسمية، إضافة إلى وجود ما يعرف بـ «المضاربين» الذين عملوا على رفع قيمة العقارات خصوصاً الأراضي الواقعة خارج النطاق العمراني، إلى ألف في المئة. وقال رئيس لجنة التثمين العقاري عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة عبدالله الأحمري إن السوق العقارية «تعاني من وجود سماسرة عقار من غير المتخصصين ولديهم مكاتب عشوائية، وينتشرون في المخططات الواقعة خارج النطاق العمراني للمدن». ولفت إلى أن «ازدياد عددهم أفضى إلى رفع قيمة العقار، ولاسيما المخططات التي لا تضمّ خدمات وبعيدة من النطاق العمراني وباتت ساحة مضاربات، ما ضاعف أسعار العقارات إلى ألف في المئة عن القيمة الحقيقية للأرض، أو العقار في تلك المواقع». وأشار الأحمري إلى أن بعض المكاتب «لا يملك ترخيصاً رسمياً بمزاولة العمل، ومنها ما يملك رخصاً من البلدية والقليل منها يملك سجلاً تجارياً، ولها اشتراك في الغرفة التجارية». وأكد أن عدد المكاتب المسجلة في المجال العقاري «ثلاثة آلاف، ولا يتجاوز عدد تلك العاملة في شكل مهني 500 مكتب». وطالب بـ «توحيد الإجراءات والآليات الخاصة بعمل مكاتب العقار في السعودية، بحيث يكون لها مرجعية رسمية وتحمي المجال من العشوائية والحد من دخول المضاربين إليه». ولاحظ أن اللائحة الصادرة عن وزارة التجارة الخاصة بتنظيم العمل في المجال العقاري، تفتقر في بنودها إلى ما يحمي أصحاب مكاتب العقار خصوصاً لجهة النسبة أو العمولة المنصوص عليها في اللائحة، والتي لا تتناسب في أحيان كثيرة مع عقود الإيجار الطويلة المدى». إذ حدّدت العمولة لمكتب العقار «بنسبة 2.5 في المئة ولمرة واحدة فقط». واقترح أن تزيد هذه النسبة في صفقات العقار الخاصة بالإيجار الطويل المدى إلى 5 في المئة، على أن تبقى نسبة 2.5 في المئة المنصوص عليها في عمليات وصفقات البيع فقط». وأوضح الأحمري أن أصحاب مكاتب العقار «يعانون من عدم تسلم حقوقهم والمتمثلة بـ «رسوم الوساطة»، ما رفع عدد القضايا العقارية والخاصة بالحقوق في المحاكم السعودية». وعزا التأخر في بتها إلى «عدم وجود محاكم متخصصة». واتفق معه عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة محمد الجهني، الذي قال «منظومة العمل في المجال العقاري والآليات والإجراءات معدومة على رغم وجود لائحة تنظيمية للمجال، وهي غير مطبّقة». وشدّد على أهمية وجود إجراءات «صارمة» للعاملين في المجال العقاري، بدءاً من وجود ترخيص المكتب وتحمُّل صاحبه المسؤولية كاملة للعقار الذي يتوسط فيه». وأكد «أهمية إدراج بنود في العقود المبرمة مع صاحب العقار أو الراغب في الشراء، مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، يلتزم خلالها عميل المكتب بدفع الرسوم لصاحب مكاتب العقار عن أتعابه في تلك الفترة». وطرح المتخصص في مجال العقار حامد الحارثي، أهمية «وجود نظام يحمي حقوق جميع المتعاملين في المجال العقاري سواء صاحب مكتب العقار أم العميل، ولاسيما في ظل انتشار المكاتب العشوائية التي أفقدت المجال صدقيته ومهنيته». وأعلن المحامي طارق الشامي لـ «الحياة»، أن المحاكم «لم تعد تقبل القضايا العقارية، إلا في حال كان صاحب المكتب يحمل ترخيصاً لمزاولة المهنة من الجهات المعنية، إضافة إلى امتلاكه اتفاقات مكتوبة يضمن بها حقوقه». واعتبر أن «في حال عدم توافر هذين الشرطين، لا تُقبل دعوى دفع قيمة الوساطة المالية في عقود الصفقات العقارية، وفق الأنظمة الجديدة». وأشار إلى أن هذه القضايا «تستغرق مدة تتراوح بين شهرين حداً أدنى، وسنوات حداً أعلى للنظر فيها في المحاكم».
مشاركة :