أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عن فتح باب الترشح للانتخابات العامة في نوفمبر المقبل في خطوة تعكس توجهها لتنظيم الانتخابات المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل وفقا لخارطة الطريق المنبثقة عن الحوار السياسي المدعوم من الأمم المتحدة بالرغم من الجدل الدائر بشأن قوانين هذه الاستحقاقات التي أصدرها البرلمان في وقت سابق. طرابلس - يعكس إعلان المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الأحد عن الآجال التي ستسجل فيها المرشحين لاستحقاقات ديسمبر المقبل مُضيّ هذه الهيئة قدما في إجراء الانتخابات في موعدها بصرف النظر عن الجدل الدائر حول الأساس الدستوري الذي ستنظَّم وفقه. وجاء الإعلان في وقت تستمر فيه السجالات بشأن قوانين الانتخابات التي أحالها مجلس النواب (البرلمان) على المفوضية وهو ما يواجه رفضا من قبل المجلس الأعلى للدولة الذي يسيطر عليه الإسلاميون والذين هددوا بشكل غير مباشر المفوضية بسبب هذه القوانين. وقال عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات الأحد إن المفوضية ستفتح باب التسجيل للمرشحين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نوفمبر المقبل. وأوضح السايح في مؤتمر صحافي أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ستُجرى يوم الرابع والعشرين من ديسمبر. وستُجرى جولة ثانية في موعد لاحق إلى جانب الانتخابات البرلمانية. وأضاف أن عملية التسجيل ستبدأ بحلول منتصف نوفمبر حين تُستكتمل الاستعدادات الفنية واللوجستية. وأكد السايح أن القانونين اللذين فجّرا جدلا واسعا حرصا على وجود فرصة للطعن أمام القضاء في المواد والنصوص الواردة بهما. واستطرد في هذا الصدد “من يرى أن هناك أي خطأ في الإجراءات أو الشروط أو التطبيق عليه الاتجاه إلى القضاء والتقدم بالطعن، لِيكون القضاء هو الفيصل في ما يتعلق بالنزاع القائم على نصوص القوانين”. وبدت المفوضية بإعلانها الأحد وكأنها تجاوزت الانقسامات والجدل الدائر بشأن القوانين الانتخابية لتمضي في تحضيراتها لتنظيم الانتخابات التي قد تنجح في إنهاء سنوات من الانقسام في ليبيا في موعدها المقرر في ديسمبر المقبل. وأكد عضو مجلس النواب المستقيل توفيق الشهيبي أن السايح “وضع النقاط على الحروف وأن المفوضية تعمل بعيدا عن التجاذبات”. وقال الشهيبي في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر إن “السايح اليوم (الأحد) وضع النقاط على الحروف، المفوضية تقوم بعملها وفق الإجراءات الصحيحة بعيدا عن التجاذبات السياسية ومن لديه أي مآخذ أو مثالب حول قوانين الانتخابات عليه أن يطعن فيها لدى القضاء”. وكانت قوانين الانتخابات التي صادق عليها البرلمان قد أثارت جدلا في ليبيا حيث رفضها الإسلاميون في محاولة أخيرة لعرقلة استحقاقات ديسمبر بعد أن أدرك هؤلاء أن الأمور تسير منطقيا نحو إجراء الانتخابات في موعدها. ولم يتردد المجلس الأعلى للدولة الذي يسيطر عليه الإسلاميون في تكريس ضغوط من أجل منع اعتماد هذه القوانين كأساس للانتخابات المقبلة وتأجيلها أو الاقتصار على انتخابات برلمانية. ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان تسعى بكل وسائل الضغط لعدم إجراء الانتخابات الرئاسية والاكتفاء بانتخابات برلمانية، حيث ترى أنه بإمكانها تحقيق نتيجة إيجابية فيها عن طريق عقد تحالفات مع قادة الميليشيات في الغرب، بينما ترى في الانتخابات الرئاسية تحديا يهدد وجودها. وكان المشري قد تقدم في العشرين من سبتمبر الماضي بمبادرة تنص على إجراء الانتخابات التشريعية مقابل تأجيل الرئاسية، بعد أشهر من التمسك بالدستور كقاعدة لإجراء الانتخابات. ولم يقتصر رفض مجلس الدولة للقوانين الانتخابية على الاحتجاجات فحسب بل شمل كذلك توجيه تهديدات مبطنة لمفوضية الانتخابات. وطالب رئيس المجلس خالد المشري في وقت سابق المفوضية بإيقاف قوانين الانتخابات البرلمانية والرئاسية إلى حين التوافق حولها، معتبرًا أنها جاءت مخالفة للاتفاق السياسي. وقال بيان للمجلس إن “رئيس المجلس الأعلى للدولة وجه خطابا إلى مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بشأن إيقاف قوانين الانتخابات التي أقرها مجلس النواب بالمخالفة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري إلى حين التوافق حولها مع المجلس الأعلى للدولة”. Thumbnail وأوضح أن “إصرار مجلس النواب على الاستمرار في تجاهل الاتفاق السياسي هو في الحقيقة انقلاب على المسار السياسي والإعلان الدستوري نرفضه ولا نسمح به”. وتضمّن خطاب المشري تهديدا مبطنا لمفوضية الانتخابات في حال لم توقف العمل بقوانين الانتخابات إلى حين التوافق عليها. وحمّل المجلس مفوضية الانتخابات “المسؤولية القانونية والأخلاقية والأمنية في حال اتخاذ أي إجراء يتجاوب مع القوانين (الصادرة عن مجلس النواب)”. ودفع الخلاف حول القوانين الانتخابية، ولاسيما الرئاسية، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى عقد اجتماع تشاوري في المغرب في وقت سابق لبحث التوافق بشأن إقرار القوانين الانتخابية. لكن الفرقاء الليبيين لم يتمكنوا بعد من التوافق على قاعدة دستورية تنظم سير الانتخابات المرتقبة. وفي السادس عشر من مارس الماضي تولت سلطة انتقالية منتخبة تضم حكومة وحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة ومجلساً رئاسياً يقوده محمد المنفي، مهامهما لقيادة البلاد إلى الانتخابات التي ستُجرى في الرابع والعشرين من ديسمبر كما نصت عليها خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي بدعم من الأمم المتحدة.
مشاركة :