قرار مجلس الأمن حول نزاع الصحراء يصيب الجزائر بخيبة أمل

  • 10/31/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - أعلنت الجزائر اليوم الأحد رفضها لما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي الذي دعا المغرب وجبهة البوليساريو إلى استئناف المفاوضات "بدون شروط مسبقة وبحسن نية"، وهو القرار الذي رحبت به الرباط واعتبرت أنه ينسجم مع  مقترحها المتعلق بالحكم الذاتي في صحرائها تحت السيادة المغربية. و أعربت الخارجية الجزائرية في بيان عن "عميق أسفها" و"عدم دعمها" للقرار الذي وصفته بـ"المتحيّز"، في موقف يؤكد مرّة أخرى أن الجارة الشرقية للمغرب تأبى حل النزاع وتصر على موقفها الذي يعتبر نشازا في خضم مواقف عربية ودولية أكثر عقلانية تعتبر أن لا حل عمليا وواقعيا للنزاع في الصحراء إلا عبر المفاوضات أولا ووفق الطرح المغربي القاضي بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وجاء في البيان الخارجية الجزائرية "عقب اعتماد مجلس الأمن للأمم المتحدة للقرار رقم 2602 الذي يجدد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المغربية)، تعرب الجزائر عن عميق أسفها إزاء النهج غير المتوازن كليا المكرس في هذا النص". واعتبرت كذلك أن هذا القرار "يفتقر بشدة إلى المسؤولية والتبصر جراء الضغوط المؤسفة الممارسة من قبل بعض الأعضاء المؤثرين في المجلس". وقال بيان وزارة الخارجية "إن الجزائر، إذ تعرب عن تفهمها الكامل لملاحظات واستنتاجات الجانب الصحراوي بهذا الشأن، تعبر عن عدم دعمها لهذا القرار المتحيّز الذي من شأنه تشجيع المواقف الابتزازية للدولة المحتلة"، في إشارة إلى المملكة المغربية التي تتمسك بسيادتها كاملة على جميع أراضيها بما فيها أقاليمها الجنوبية. وكانت الجزائر التي قطعت في 24 اغسطس/اب علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، أعلنت قبل أسبوع من اجتماع مجلس الأمن بأن رفضها العودة إلى محادثات المائدة المستديرة يعد "رفضا رسميا لا رجعة فيه". والمائدة المستديرة كانت من نتائج الدبلوماسية المغربية الهادئة التي نجحت في جمع كل الأطراف التي هي على صلة بالنزاع حول الصحراء المغربية ومن ضمنها الجزائر بصفتها طرفا رئيسيا. وتتهم الرباط الجزائر بتأجيج النزاع ودفع جبهة البوليساريو إلى التصعيد بدلا من الركون للحل السلمي والواقعي للأزمة، معتبرة أن الجارة الشرقية لطالما ارتبطت ارتباطا وثيقا بعرقلة جهود التسوية السلمية للأزمة على مدى أربعة عقود. وجاء في نص القرار الصادر الجمعة أنه يجب استئناف المفاوضات تحت رعاية المبعوث الأممي الجديد الإيطالي ستافان دي ميستورا "بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين" بهدف "تقرير مصير شعب الصحراء" المغربية وقالت الجزائر إنها " تنتظر من المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام إدراج ولايته حصريا في إطار تنفيذ القرار 690 (1991) المتضمن خطة التسوية التي وافق عليها طرفا النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، واعتمده مجلس الأمن بالإجماع". وبحسب بيان الخارجية الجزائرية فإن"أي مسعى يتجاهل حق تقرير المصير والاستقلال للشعب الصحراوي سيكون ظالما وخطيرا وسيفضي حتميا إلى نتائج عكسية، فضلا عن أنه سيؤدي لا محالة إلى زيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة". وبينما أشاد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الجمعة "بقرار مهم بالنظر لسياقه يقدم أجوبة مهمة على مناورات الأطراف الأخرى"، عبر ممثل جبهة بوليساريو لدى الأمم المتحدة سيدي محمد عمار عن استيائه إزاء هذا القرار "الذي حكم مسبقا بالفشل على مهمة المبعوث الأممي". ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة بوليساريو حول المستعمرة الإسبانية السابقة التي تصنفها الأمم المتحدة بين "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي". وتقترح الرباط التي تبسط سيادتها على ما يقرب من 80 بالمئة من أراضي المنطقة الصحراوية الشاسعة، منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها. أما جبهة بوليساريو التي تحظى بدعم الجزائر فتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة التي أقرته عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المتحاربين في سبتمبر/أيلول 1991. وكانت جبهة البوليساريو قد تحللت منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي من العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع للعام 1991، ردا على عملية عسكرية مغربية لإبعاد مجموعة من عناصر الجبهة وصفتهم الرباط بالعصابات، كانوا قد أغلقوا معبر الكركرات الطريق الوحيد المؤدي إلى موريتانيا المجاورة. وحافظ الجيش المغربي في تعامله مع تلك الانتهاكات على ضبط النفس من دون التهاون في الردّ على أي انتهاك من قبل الجبهة، في التزام واضح بقرارات الأمم المتحدة واتفاق وقف إطلاق النار. ودأب المغرب على اطلاع الهيئة الأممية على كل الخروقات من جانب البوليساريو، مؤكدا في الوقت ذاته على حقه في الردّ على أي انتهاكات من قبل الانفصاليين تاركا الباب مواربا لحل سلمي ينهي الأزمة ويؤسس لاستقرار دائم، بينما يواصل تمويل استثمارات ضخمة في الأقاليم الصحراوية ضمن خطة تنموية طموحة كان قد أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتحويل الصحراء إلى قطب دولي للاستثمار وتحقيق عدالة اجتماعية للمواطنيين الصحراويين من خلال توفير مواطن الشغل والخدمات الأساسية بجودة عالية في مسار سعى الانفصاليون للتشويش عليه. ويُحسب للجانب المغربي اشتغاله طوال السنوات الماضية على مقاربة تنموية واجتماعية في أقاليمه الصحراوية وإن تعثر بعضها في عهد الائتلاف الحكومي الأول بقيادة الإسلاميين برئاسة عبدالاله بنكيران ثم الائتلاف الحكومي الثاني بقيادة سعدالدين العثماني. وثمة رهان كبير حاليا على حكومة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار الذي وجه فوزه في آخر انتخابات تشريعية، ضربة قاصمة للإسلاميين، لتحريك الملفات الاقتصادية وتنفيذ الخطة التنموية الطموحة. وكان ثمة إشارات واضحة أن الفترة التي قاد فيها حزبي العدالة والتنمية الإسلامي الحكومة في مناسبتين منذ العام 2011 إلى الفترة القليلة الماضية، شهدت نوعا من ركود الخطط الاقتصادية وسط صراع داخلي بين الإسلاميين، ما عطل إلى حدّ كبير الجهود الرامية إلى تحقيق قفزة اقتصادية نوعية بما في ذلك في الأقاليم الجنوبية للمملكة. وعلى عاتق أخنوش التسريع بتنفيذ الخطة التنموية وإعادة الزخم للمشاريع الضخمة في الصحراء المغربية وهي مهمة ليست بالهينة بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا وإجراءات الغلق منذ العام 2020 ولكنها ليست بالمستحيلة طالما توفرت إرادة سياسية لدى الحكومة الجديدة.        

مشاركة :