(1) * الخطأ الإنساني صِنْفان: أ) خطأٌ يأتيه صاحبُه عامدًا متعمدًا يرُومُ به إلحاقَ الضُرّ بآخر، إمّا في حياته أو ولده أو ماله! ب) وخطأٌ يأتيه فاعلُه (مجْتَهدًا) لا ينشد به الضُّرَّ لأحد، بل يبتغي به غايةً مشروعةً أو وطرًا حلالاً، غير أنه يتعثر في اختيار الوسيلة لبلوغ غايته، فيرتدّ إليه فعلُه فَشَلاً لم يَرمْهُ أو يطرأْ له على بال! وعلى أيّ حال، يتعذّر على المرء تَحْصين نفسِه من شأفة الخطأ. * * * * غير أننا معشرَ البشر يمكن أن نُصنِّف الخطأَ الناجمَ عن الاجتهاد (مدرسةً) نتعلم منها حسْن الوسيلة لبلوغ ما نريد، فذلك عين الحكمة والصواب! * * * (2) * سُئلتُ مرةً: لو أردتَ أن تعاتب بَشَرًا، فلمَنْ تسوقُ عتابك؟ أعَلَى قسْوة الحياة، أمْ جَفْوة الناس، أمْ على إنسان اليوم و(تكنولوجيا) الحاضر وشرهها في الهيمنة على الكثير من شؤون حياتنا؟! * * * * وكان جوابي إننا، يا سائلي العزيز، جزْءٌ لا يتجزّأُ من إنسانية هذا العصر، بخيرها وشرّها، وماضيها وحاضرها، وما بقي لنا من أنفاس الوجود! * * * * لكنني رغم ذلك لن أعتب على أحد سوى نفسي، بعيدًا عن الإسقاط على الآخر، زمنًا كان أو ظرفًا أو أسلوبَ حياة! وما عايشتُه من سرّاء أو ضرّاء على رصيف الزمن فذاك قَدَري الذي كتبه الله لي، ولا رادّ لقضائه إلاّ هو. وأحمد ربي قبل كل شيء وبعد كل شيء أن أبقاني حيًّا كي أشْهْد من النِّعمِ ما لم أحلمْ به في الصغر، وأظل أطمع في مغفرته ورضاه حتى يوم ألْقاه! وسبحان الذي إليه المعاد، وإليه تُرجع الأمور. * * * (3) * أتساءلُ بحُرقة وألم: ماذا تقول لمواطن أو مقيم يسيءُ استخدام منجزات العصر الحضاري في بلادنا الغالية، فأقول ردًا على تساؤلي: كل من أساء بقصدٍ أو بدونه إلى أيّ (مرفق) أُسِّس بدءًا خدمةً له، مواطنًا كان أو مقيمًا، فهو (أُميُّ) الإحساس، (متخلّفُ) الحسِّ، (مُتنكرٌ) لفضل هذا الوطن الذي أطعمه وأسقاه وحماه، ويسَّر له سُبلَ العيش الشريف، وبنى له مظلةً من الأمن وراحة البال! * * * * وأحسب أنّ في التربيةِ السويّةِ، بمفهومِها الواسع، والرقابةِ الرشيدةِ درْءٌ للعَبث بمنْجزَاتِ الحياة، وهي قادرةٌ على ردْم هذه الفجوة في سلوك المواطن أو المقيم، وردْع كل ما قد يرتّبُه (عقُوقُه) للوطنِ وأهله منَ عبث أو خَلَل! * * * * ويَزدادُ هذا الموقفُ فعاليةً وحكمةً كلما اقترنَ بحسَابٍ عادلٍ ورادعٍ للنفس، لا يصادرُ منها الإرادة ولا الصمودَ تصْحيحًا للخطأ.. وذاك هو الأفضل شريطةَ ألاّ يُطفئ الردعُ في ضميرها شُعلةَ الطموح لبلوغ هذه الغاية!
مشاركة :