السعودية ستعالج تغير المناخ مع ضمان استقرار أسواق النفط - د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب

  • 11/1/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ترى السعودية أن دورها استراتيجي في الأمور المهمة، وترى أن قضايا المناخ ليست ترفاً سياسياً ولا اقتصادياً ولكن مطلوب حلول جديدة، وبرامج تنموية، بسبب أن التغير المناخي سينعكس سلباً على البشر، وينتج عنه تقلبات في الطقس، وتهديدات طبيعية، وغير طبيعية، حسب تأكيدات علماء المناخ أن التغيرات المناخية ناتجة عن الصناعة والاستعمال السيئ للإنسان للطبيعة. فمبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي عقدت في الرياض في 25/10/2021 بمشاركة دولية واسعة يتصدرها رؤساء وقادة دول، وصناع قرار، حيث تعي السعودية أن هناك تحديات وفي نفس الوقت فرصاً كبيرة جداً، فعقدت القمة بأهداف واضحة، وهذه القمة ستعقد بشكل متتالٍ لمتابعة ما حقق من أهداف وما سيحقق في المستقبل من أجل الوقوف أمام العالم بإنجازات تفخر بها السعودية التي تقود دول الشرق الأوسط، وذلك لرسم خريطة إقليمية لحفظ الحياة ورفع جودتها، في بادرة تقدمها السعودية، لصنع الفارق العالمي في حفظ الطبيعة والإنسان والحيوان ومواجهة التغير المناخي. ناقشت القمة الاستدامة البيئية والطاقة النظيفة والمتجددة من أجل التحول إلى الاقتصاد الأخضر للمحافظة على المناخ وتحسينه، وهو ما أكدته أمينة محمد نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، فالسعودية أكدت على الطاقة النظيفة حتى ولو كانت أحفورية بعكس وكالة الطاقة الدولية، خصوصاً أن منطقة الخليج لديها أصول كبيرة يمكن استغلالها، وستصبح رائدة في خفض انبعاثات الكربون، وإيجاد اقتصاد شامل. وتمت مناقشة التغير المناخي في القمة من منظور عالمي، ومن منظور القطاع المالي، والقطاع الخاص، فكان هناك تأكيد من مبعوث أمريكا جون كيري على أن مسألة التغير المناخي لا تتعلق بالسياسة ولا بالتوازن الاستراتيجي بين القوى بل المسألة متعلقة بالعلم، ولا يتحقق ذلك إلا عبر الجهد المشترك بين الجميع، وهناك حاجة أكدها الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك ونويل كوين، وكذلك الرئيس التنفيذي لبنك إتش إس بي سي وأندريه إستيفيس الشريك الأول لشركة بانكو بي تي جي باكتوال إلى أهمية تخصيص 50 تريليون دولار لمشاريع التحول البيئي للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة. تأتي قمة الشرق الأوسط الأخضر في وقت تعاني فيه الاقتصادات الغنية بواحدة من أكثر مراحل التحول في أنظمة الطاقة طموحاً منذ عصر الكهرباء، فالوضع الحالي بمثابة وصفة جيدة لتقلبات الأسواق، يقود العلام نحو نظام أكثر هشاشة، رغم أن التحول أمر حتمي للحفاظ على كوكب الأرض، خصوصاً أن بلومبيرغ تتوقع نمو الاستهلاك العالمي للطاقة بنسبة 60 في المائة بحلول 2050، حيث لا توجد طرق سهلة لتخزين الطاقة التي يتم توليدها من المصادر المتجددة، وبحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرج للأنباء فإن التحول إلى الطاقة النظيفة يستهدف جعل أنظمة الطاقة في هذه الدول أكثر وليس أقل مرونة، لكن التحول الفعلي نحو الطاقة النظيفة سيستغرق عدة عقود، وخلال هذه العقود سيظل العالم يعتمد على الوقود الأحفوري، حتى في الوقت الذي يغير فيه المنتجون الرئيسيون للنفط استراتيجياتهم الإنتاجية بشكل جذري. يؤكد ذلك دانيال يرجين أحد أشهر محللي الطاقة ومؤلف كتاب الخريطة الجديدة: الطاقة والمناخ وصدام الأمم، أزمة الطاقة الحالية تمثل رسالة تحذير من مدى التعقيد الذي سيشهد التحول نحو الطاقة الجديدة، ففي خضم التغييرات الجوهرية أصبح نظام الطاقة العالمي أكثر هشاشة وأشد عرضة للصدمات. تراجع الاعتماد على الفحم بدرجة كبيرة لصالح الغاز الأقل تلوثاً للهواء، لكن زيادة الطلب العالمي أدى إلى ندرة الغاز، فكانت الصين تعتمد في توليد الكهرباء على الفحم الحجري بنسبة 70 في المائة بنحو 3.8 مليار طن، والصين ناتجها الصناعي 3.8 تريليون دولار في 2020 ثلث الناتج الصناعي العالمي، ولا زالت الصين بيت الصناعة العالمي، فبعد رفع أسعار الفحم الحجري في الصين نقص المخزون، وارتفعت أسعار الكهرباء في الصين المسعرة، فهناك القطاعات التي تتولى توليد الكهرباء توقفت عن توليد الكهرباء، فحدثت أزمة، وتستورد الصين 10 في المائة من الفحم من أستراليا، ولكن بعد الأزمة مع أستراليا تحولت إلى استيراد الفحم من إندونيسيا، كذلك تعطل الكهرباء المولدة من المحطات الكهرومائية ومن مزارع الرياح، أيضاً في ألمانيا انخفضت الكهرباء المولدة من مزارع الرياح والطاقة الشمسية من 50 في المائة إلى 43 في المائة، فإن انخفاض إنتاج المصدرين الآخرين للطاقة النظيفة وهي الرياح والمياه بصورة غير معتادة كان نتيجة بطء حركة الرياح وانخفاض الأمطار في مناطق عديدة ومنها النرويج، الضربة المؤلمة التي تعرضت لها أوربا والصين بمثابة نذير شؤم لنوع الصدمات التي يمكن أن تضرب مناطق كثيرة في أنحاء العالم. لذلك تتموضع السعودية في هذا المجال برؤية وتصور جديد، حتى ينظر إلى السعودية على أن ل دوراً جديداً، ولكن وفق مواءمة بين ثلاثة مرتكزات في آن واحد، من المحافظة على أمن الطاقة، وهو مطلب جماعي أثبتته الأزمة الأخيرة، ولا يمكن أن يكون هناك أمن للطاقة بدون دور محوري للسعودية، والاهتمام بالنمو والتنويع والتنمية الاقتصادية، بجانب معالجة التغير المناخي بالتساوي دون الاهتمام بمرتكز على حساب مرتكز آخر. الأصل في معالجة التغير المناخي هو تخفيض الانبعاثات من مصادرها المتعددة كافة، وعند المعالجة لا يمكن أن تكون لمصادر دون مصادر أخرى، بل أيضاً تعالج كل المصادر في القطاعات كافة من الصناعة إلى النقل وغيرها من بقية القطاعات الأخرى.

مشاركة :