التحولات الخطيرة في عمليات الجماعات الإرهابية المتطرفة باستهدافها للمؤسسات الدينية، وقدرة قادتها التي مكنتهم من استعمار عقول أتباعهم من الشباب، وجعلهم يطلبون (الجَنّة)، ويتقربون إلى الله بِقَتل المصلين الآمنين في المساجد، بل وحتى في نَحْر آبائهم وأقربائهم؛ تتطلب وقفة جادة ودراسة عميقة شَفّافَة من العلماء تكشف الأدوات والمسوغات والشبهات التي تغرسها تلك الجماعات في نفوس الأتباع؛ ليكونوا تحت سيطرتهم بعد أن تموت في قلوبهم كلّ المبادئ والقيم الإسلامية الوسطية المتسامحة التي تربّوا عليها وعاشوا لسنوات طويلة تحت مظلتها. فالمؤسسات الدينية والفكرية والبحثية والتربوية عليها أن تخرج من عباءة المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي لا يحضرها إلا النُخَب، بينما تغيب عنها الفئات المستهدفة؛ أما توصياتها فتظَلّ حبيسة الأدراج والملفات!! مؤسساتنا العلمية مطالبة بأن تُفَكِّك (فِكر التطرف)، وتُفَنِّد (الشبهات) التي يستخدمها لاستقطاب الشباب، على أن يكون ذلك بخطاب بسيط وواضح يُناسب لغة الناشئة وإيقاع عصرهم، ثم العمل على نشر ذلك التّفْنِيْد بمختلف وسائل الإعلام وقنوات التواصل الحديثة، وفي أماكن حضور الشباب في المدارس الثانوية، والجامعات والمساجد، وفي ملاعب الكرة والأندية الرياضية والمنتديات؛ فجماعات الإرهاب تعمل ليل نهار لتوسيع دائرة مُريديها، ولن نستطيع مواجهتها إلا بالعمل الميداني والبرامج التطبيقية والحوار الصريح والمباشر. وقَد أحسنت وزارة التعليم بإطلاقها لبرنامج (فَطِن) الذي يهدف إلى وقَايَة الطلاب والطالبات من الانحرافات السلوكية؛ لكن ما أتمناه في ذاك البرنامج؛ الفاعلية وجِدية التنفيذ حتى لا يكون لمجرد إثبات الوجود وتأدية الواجب فقط! أيضاً ما أرجوه مِن (فَطِن) أن يُركز على الانحرافات الفكرية، وتعطيل الشبهات التي تُسَوِّغُ وتُسَوِّقُ لها؛ فالأخطر من الفكر الضال الطريق الذي يَقود إليه. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :