بين الأمن وحرية التعبير

  • 11/4/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعود الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، للواجهة كلما تفشى التطرف، وخرج الإرهاب عن السيطرة، وينبعث من جديد الجدل بين الأمن وحرية التعبير، وأمام الانفلات الهائل في حجم التحريض، وتفتيت المجتمعات من الداخل، واستخدام وسائل التواصل في شحن الكراهية والأحقاد، بما ينذر بوقوع كوارث تهدد السلم الأهلي في منطقة ترقد على بركان ملتهب من التاريخ، طالب كُتاب بارزون بـ«حظر» وسائل التواصل وتقنين استخدامها، معرضين أنفسهم للتندر والانتقاد. ويرى وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أن المعركة مع التطرف هي «معركة أفكار». وفي حديثه في منتدى «حوار المنامة» قال: إن «الآيديولوجية التي يُبنى عليها التطرف الذي نواجهه ليست ابتكارا جديدا، كالفاشية أو الشيوعية، بل إن جذورها نابعة من تفسير مضلل لواحد من الأديان العظيمة؛ ولهذا السبب فإن جذورها أعمق وأوسع انتشارا – وهي تستغل قوة الإنترنت لنشر رسالتها في أنحاء العالم بطريقة لم تكن متوفرة لأي حركة متطرفة سابقة». وينقل وزير الثقافة الجزائري عزّ الدين ميهوبي، عن أحد قادة التطرف قوله: إن «نصف المعركة يدور في فضاء الإنترنت». واليوم هناك نحو 150 ألف موقع إلكتروني يستخدمها المتطرفون. هناك دول كبرى كالصين تنبهت إلى خطر الإنترنت، فضيقت الخناق على استخدامه، وحين تفكر الصين في موضوع التطرف، فإن ممثلها في مجلس الأمن يختصر الحلّ بالقول: إنه «يجب قطع قنوات الإنترنت التي يستخدمها المتطرفون». هناك حلّ آخر تبناه الاتحاد الأوروبي، وهو الاستعانة بمتخصصين في شبكة الإنترنت لمحاربة المتطرفين والمتشددين الذي يعتمدون كثيرا على وسائل التواصل الاجتماعي للدعاية والترويج لأفكارهم. ويرى المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دو كيرشوف، في تصريح، أن أعداد الجهاديين الأوروبيين الذين يقاتلون في سوريا والعراق بلغ في العام 2014 «ثلاثة آلاف» بعد أن كانوا في منتصف 2013 نحو 2000 مقاتل. وهناك قلق في أوروبا من أن أشد التنظيمات الإرهابية وحشية وتطرفًا «داعش» يتمكن فعليًا من تجنيد فتيات أوروبيات في سن المراهقة للالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق. ويقول خبير ألماني في قضايا التطرف: «إنهم يستخدمون مجموعات ومنتديات صغيرة للوصول إلى البنات الأوروبيات ويحاولون إقناعهن بأن يصبحن جزءًا من مجتمع النخبة والدولة الإسلامية الجديدة». لا مناص إذن من مواجهة الحقيقة، وهي أن الحرب على التطرف هي حرب أفكار تستخدم الفضاء السيبراني ساحة لها، ومن العبث التفكير في «إغلاق» هذا الفضاء، لأنه غير ممكن. لكن من المهم التنبه إلى أنهم يخوضون هناك نصف معاركهم معنا، ولا يمكن تركهم يسرحون ويمرحون، كما لا يمكن مواجهتهم بأسلحة فكرية بالية. البديل عن إغلاق منافذ الوصول للإنترنت، هو فتح المزيد من النوافذ، فهؤلاء ألفوا العالم المظلم المغلق الذي يتيح لهم الإطباق على ضحاياهم دون منافس. والأهم هو التفكير عميقًا، لماذا يتمدد هذا الخطاب بين الشباب، رغم همجيته ووحشيته وقبحه. إذا قلنا إن الشباب في الشرق الأوسط يعانون من الإحباط، فماذا يقدم التطرف للشباب في أوروبا؟ ولماذا يتوسع داخل أوساط شباب ميسوري الحال في بلداننا؟ هي أسئلة حرجة لا بد من خوض النقاش بشأنها.

مشاركة :