أثار رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، غضب الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، عندما قال إن أحد أهم أسباب «موجة الإرهاب الحالية في القدس والضفة الغربية»، هو شعور الإحباط والغضب لدى الفلسطينيين، خاصة الجيل الشاب لغياب الأفق السياسي. وكان هليفي يتحدث في اجتماع الحكومة الأخير، وكشف النقاب عن أقواله، أمس، إثر تسريبات من وزراء كانوا شهود عيان على ما قاله. وقد نشرت أقواله في مواقع إخبارية عبرية عدة في آن واحد. وأكد موقع «هآرتس»، أن ثلاثة أشخاص شاركوا في الجلسة، أجمعوا على هذه المعلومات، فقالوا إن رئيس المخابرات العسكرية أذهلهم في تقييماته، خصوصا عندما قال، إن «الكثير من الشبان الفلسطينيين يخرجون لتنفيذ عمليات طعن ضد جنود الجيش الإسرائيلي والمستوطنين وغيرهم من اليهود، لأنهم يشعرون باليأس من الوضع، وبأنه ليس لديهم ما يخسرونه». وأضاف أن «هناك عوامل أخرى أثرت على قسم من الشبان الذين نفذوا العمليات، كان من بينها الحوار على الشبكات الاجتماعية ومشاهدة الأفلام التي وثقت لعمليات أخرى». وأكد بأن قيادة السلطة الفلسطينية، أيضًا، تجد صعوبة في التأثير على الشبان، لأنهم يشعرون باغتراب عميق إزاءها. وحسب هليفي، فإن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يعمل من جهة على تهدئة الأوضاع، ويأمر قواته بمنع العمليات ضد إسرائيل. لكنه من جانب آخر، لديه وسائل العمل التي تتيح الإبقاء على قدر من اشتعال الأرض. وروى هؤلاء الوزراء، أنه بعد قيام هليفي باستعراض مسببات موجة العنف، توجه إليه وزير الاستيعاب زئيف الكين قائلا: «هناك أيضًا التحريض الذي لم يتم ذكره». وحسب بعض الحضور، فقد قال الكين، إن حديث هليفي يثير الانطباع وكأن إسرائيل هي المذنبة وليس التحريض. وقالوا إن هليفي لم يناقش الكين واكتفى بالقول: «نعم يوجد التحريض أيضًا». ورفض الكين التعقيب، كما رفض الجيش ذلك. ويسود إجماع في إسرائيل على أن تصريحات هليفي تمثل الموقف السائد الذي يعرضه الجهاز الأمني والجيش، خاصة أمام المجلس الوزاري المصغر والحكومة، منذ بدء الهبة الفلسطينية في مطلع الشهر الماضي. ويقولون إن «رئيس أركان الجيش شخصيا، غادي ايزنكوت، وكبار المسؤولين في القيادة العامة، يقودون خطا حمائميا وأكثر اعتدالا من خط وزراء الحكومة، ويؤكدون الحاجة إلى مواصلة التنسيق الوثيق مع عباس وأجهزة الأمن الفلسطينية، قدر الإمكان». ويذكر أن هذا التقييم الذي عرضه هليفي، يتناقض بشكل مطلق، مع الرسائل التي بثها أولا رئيس الحكومة نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، ولا يزال. ففي تصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال: «يقولون لنا إن هذا بسبب الإحباط، لكن هذا ليس بسبب واقع الأفق السياسي ولا بسبب غياب الأفق السياسي، وإنما بسبب الرغبة في التخلص من دولة إسرائيل. الإحباط ناجم عن وجودنا هنا، عن وجود دولة إسرائيل هنا». وخلال افتتاح دورة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) الحالية في 12 أكتوبر، قال نتنياهو، إن «الإرهاب ليس نابعا من الإحباط بسبب عدم التقدم في العملية السياسية وإنما من الرغبة في إبادتنا». وقبل ذلك بعدة أيام، قال في المؤتمر الصحافي الذي عقده في الثامن من أكتوبر، إن موجة الإرهاب هي «نتيجة التحريض الجامح والكاذب لحماس والسلطة الفلسطينية وبعض دول المنطقة والحركة الإسلامية في إسرائيل». من جهته، هدد وزير الدفاع، موشيه يعلون، الفلسطينيين بعدم تسليمهم جثامين الشهداء ودفنها في «مقابر الأرقام» العسكرية في إسرائيل، إذا واصلوا تشييعها في جنازات جماهيرية. ولم تتوقف المسألة على الأقوال، إذ إن حكومة نتنياهو ترجمت موقفها هذا إلى أفعال، من خلال زيادة البطش بالفلسطينيين وتنفيذ عمليات إعدام لكل من يحمل سكينا، حتى لو لم يعد يهدد أحدا بالخطر. وقد مرر الكنيست الإسرائيلي أمس، تعديلات عدة على القوانين، لتشديد العقوبات على الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال بأية طريقة، من قذف حجر إلى عملية دهس وحتى الطعن بالسكين. وقد تمت المصادقة في القراءة الأولى، ومن خلال إجراء عاجل، على مشروع القانون الذي يقلل السقف المطلوب لمحاكمة المشبوهين بالتحريض على الإرهاب، وذلك كي تتمكن النيابة من تقديم عدد أكبر من لوائح الاتهام ضد من تعتبرهم «محرضين». وحسب مشروع القانون الذي طرحته وزارة القضاء، فإنه لكي تجري إدانة شخص بهذه التهمة، لن تضطر الدولة إلى الإثبات بأن نشر التحريض جر بالضرورة إلى عمل إرهابي. ودعم مشروع القانون 34 نائبا، فيما عارضه تسعة نواب فقط. ويدعي المعارضون لمشروع القانون، أن من شأنه المس بحرية التعبير والاحتجاج. كذلك صادق الكنيست في القراءتين الثانية والثالثة، أمس، على القانون الذي يفرض الحد الأدنى من العقوبة على راشقي الحجارة، ويسمح بسحب مخصصات التأمين القومي من عائلات المدانين برشقها. كما يسمح القانون بفرض غرامة قيمتها 10 آلاف شيقل على عائلة القاصر الذي يدان برشق الحجارة. وسيجري تفعيل هذا القانون كأمر طارئ لمدة ثلاث سنوات. ودعم القانون 51 نائبا، مقابل معارضة 17. ويحدد القانون أن العقوبة في هذه الحالة، لا تقل عن خمس العقوبة القصوى التي تم تحديدها لهذه المخالفة. ولكنه يمكن للمحكمة تحديد عقوبة أخرى لأسباب خاصة. كما يحدد القانون أنه لا يمكن استبدال عقوبة السجن الفعلي بالسجن مع وقف التنفيذ، إلا لأسباب خاصة.
مشاركة :