اقتصاد المعرفة هو الاقتصاد المبني على المعرفة والذي تستخدم فيه تقنيات المعرفة لإنتاج فائدة اقتصادية وتوفير فرص عمل ورفع مستوى الكفاءة والإنتاجية، وقد ظهر اقتصاد المعرفة في السنوات الأخيرة كفرع جديد من فروع العلوم الاقتصادية، حيث يقوم أساساً على الثورة المعلوماتية التي اختزلت كل الإنجازات البشرية من اختراعات وإبداعات وابتكارات طوال تاريخها، وأصبحت امتدادا للثورات الزراعية والصناعية التي اجتاحت العالم، وهي نتاج التوظيف لتقنيات الإعلام والاتصال والمعلومات في مجمل الأنشطة العلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. فاقتصاد المعرفة يقوم على إنتاج ونشر واستثمار البيانات والمعلومات، ونجاح المؤسسات والشركات يعتمد كثيراً على فعاليتها في جمع المعرفة واستعمالها لرفع الإنتاجية وابتكار وإنتاج سلع وخدمات جديدة، وقد أصبح الاقتصاد يقاد من قبل سلسلة هرمية من شبكات المعرفة التي تتغير فيها المعلومات بمعدلات سريعة، وهناك أنواع عديدة من شبكات المعرفة، كشبكات الجامعات وشبكات مراكز البحوث وشبكات مؤسسات المعلومات كالمكتبات ودور النشر ومراكز التوثيق وشبكات الصناعات المختلفة وغيرها من الشبكات. وأصبح المجتمع الذي لا يعتني بربط مؤسسات المعرفة مجتمعاً متأخراً عن الركب الاقتصادي العالمي، فاقتصاد المعرفة يقوم على فهم جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة في تطور الاقتصاد وتقدم المجتمع حتى أصبح المورد الاستراتيجي الجديد في الحياة الاقتصادية والمكمل للموارد الطبيعية ورأس المال والأيدي العاملة ذات الكفاءة العالية، فتأثير المعرفة على الحياة الاقتصادية في ظل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بات واضحا للجميع وأصبحت المعرفة مورداً أساسياً للاقتصاد، حيث تشير الإحصاءات إلى أن حجم صناعة المعلومات في العالم بلغ أكثر من ثلاثة تريليونات دولار، وهذا الرقم يمثل نصف الناتج القومي للدول الصناعية. فالاقتصاديون يركزون على تقديم ثورة تكنولوجيا المعلومات كفرصة للتطور الاقتصادي والمعرفي الذي يتيح تشكيل قاعدة راسخة للتنمية الاقتصادية، ويرى كثيرون أن العالم أصبح يتعامل فعلاً مع صناعات معرفية تكون الأفكار منتجاتها والبيانات موادها الأولية والعقل البشري أداتها، حتى باتت المعرفة المكون الرئيس للنظام الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المعاصر. وقد ظهرت مفاهيم جديدة كالاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي التي تشكل المعرفة جوهرها والقوة المحركة الرئيسة فيها مما أثرت بشكل رئيس في تسريع دوران عجلة الاقتصاد العالمي، فالمطلوب من دولنا الخليجية والعربية الاهتمام أكثر باقتصاد المعرفة لفتح مجالات استثمارية جديدة في الصناعات التي تحظى دولنا فيها بخبرة كبيرة كقطاع النفط والغاز والإنشاءات وتحلية المياه، والتطوير العقاري والمصارف الإسلامية وغيرها من الخبرات المعرفية التي تستطيع أن تصدرها دولنا لمختلف الأسواق العالمية. فعلينا أن نستفيد من الخبرات المهنية والكفاءات المنتجة من الخبرات الوطنية والعربية والوافدة، وكذلك مما تنتجه مؤسساتنا الرائدة في القطاع الخاص، واعتبارها إحدى الركائز المعرفية لأي مجتمع يسعى إلى الارتقاء في مستوى الإنتاجية والتنمية المستدامة، لذا علينا أن نطرح مفهوم اقتصاد المعرفة وطرق وآليات إنتاجها ونقلها ونشرها واستثمارها في الخطط الاستراتيجية للدول والمؤسسات والشركات، وفي الندوات والمؤتمرات العلمية، وفي المؤلفات والمناهج الدراسية، وفي وسائل الإعلام بهدف إنشاء روابط وشبكات معرفية مشتركة ما بين المؤسسات التعليمية والأكاديمية والتجارية والمدنية والحكومية والتشريعية لإحداث تغييرات إيجابية تمكننا من توجيه كافة شرائح المجتمع وقطاعات البلد، ومشاريع التنمية باتجاه استراتيجية التحول إلى اقتصاد متنوع مبني على المعرفة القائمة على توثيق خبرات وابتكارات واختراعات مؤسساتنا الرائدة ومواردنا البشرية المتميزة.
مشاركة :