مسجد الرفاعي .. روعة المعمار المملوكي

  • 11/6/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعكس مسجد الرفاعي، الكائن في منطقة القلعة بالقاهرة القديمة، روعة المعمار الإسلامي في سنوات مجده القديم، ليس فحسب بما يضمه من فنون زخرفية عالية الدقة وباهرة الجمال، وإنما بما يمثله من قيمة كبرى، تروي فصولاً من تاريخ مصر، على مر العصور. ويرجع تاريخ بناء مسجد الرفاعي إلى عام 1911 ميلادية، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى أحد أحفاد الإمام أحمد الرفاعي، القطب الصوفي الأشهر في مصر، وهو أحمد عز الدين الصياد الرفاعي، ورغم أن الرجل لم يدفن في مصر، إلا أن التسمية لازمت المسجد، نسبة إلى الزاوية التي أقيم عليها، والتي كانت تضم - حسبما يقول آثاريون مصريون- رفات أحد أبناء الإمام الرفاعي، وهو الشيخ علي أبي الشباك. ويتميز مسجد الرفاعي ليس فحسب بعظمة المعمار، حيث يعد من أعلى المساجد بناء في مصر، لا يضاهيه في ذلك سوى مسجد الحسين والسلطان حسن المواجه له، وإنما بالزخارف البديعة المحفورة على حوائطه، إضافة إلى الأعمدة العملاقة الموجودة عند البوابة الخارجية للمسجد. استغرق بناء مسجد الرفاعي أكثر من أربعين عاماً، وأمرت خوشيار هانم، والدة الخديوي إسماعيل ببنائه، وتخصيص مكان داخله لعدد من المقابر، تخصص للأسرة العلوية في مصر، وقامت في سبيل ذلك بتكليف أمهر المهندسين في مصر، وعلى رأسهم المهندس الكبير الراحل حسين باشا فهمي، بعملية التصميم لمعمار المسجد، الذي يضم اليوم رفات الملك فاروق، آخر ملوك الأسرة العلوية التي حكمت مصر لردح من الزمان، إلى جانب رفات الخديوي إسماعيل ووالدته. وتبلغ مساحة مسجد الرفاعي نحو 6500 متر مربع، منها 1767 متراً هي المساحة المخصصة للصلاة، واستمر العمل فيه حتى ارتفع البناء نحو مترين عن سطح الأرض، ثم توقف لإدخال بعض التعديلات على التصميم، ومع وفاة الأميرة خوشيار سنة 1885 توقف العمل لفترة طويلة، قبل أن يتواصل مجدداً في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في عام 1905، وقد أسند عباس إلى هرتس باشا، مهندس لجنة حفظ الآثار العربية وقتئذ، مهمة إكمال البناء بالمسجد، واستمر العمل إلى أن تم البناء أواخر عام 1911، وافتتح للصلاة يوم الجمعة الموافق غرة محرم 1330 هجرية، الموافق 1912 ميلادية. بني مسجد الرفاعي على الطراز المملوكي الذي كان سائداً في القرن ال19 وبدايات القرن ال20، وهو يشبه إلى حد كبير معمار المباني في أوروبا في ذلك الوقت، ويعد ضريح الأميرة خوشيار والدة الخديوي إسماعيل، أشهر الأضرحة الموجودة في منطقة المقابر الملكية بالرفاعي، وهو أول ما يقابل الزائر في تلك المنطقة، ويلفت الانتباه بضخامته، حيث يبلغ طوله نحو 3 أمتار، وارتفاعه 4 أمتار، ويمزج الضريح في معماره بين شكل البناء الهرمي الذي تميز به قدماء المصريين، إضافة إلى الطراز العربي والإسلامي في نقوشه، ولا ينافسه فخامة سوى ضريح الخديوي عباس الأول، وهو يتكون من ثلاثة طوابق منقوش عليها أشكال نباتية جميلة، ويوجد أعلى الضريح شاهد كتب عليه باللغة التركية بعض الكلمات التي تعرف صاحب القبر، إضافة إلى أدعية له ويعلو الشاهد الطربوش التركي، فيما القبر محاط بسور نحاسي ضخم منقوش بالأشكال الهندسية.

مشاركة :