«الجزيرة الثقافية» - حاوره: محمد هليل الرويلي: يا لسرعة الزمن وقطار العمر، كأنه بالأمس حين شاركت بمقال قصير في احتفال الجزيرة الثقافية بعددها المئوي السادس في يوم السبت الرابع من جمادى الآخرة 1440هـ، تحت عنوان الالتزام بالعمق في عصر السطحية. هكذا علق الدكتور (جاسر الحربش) حين اتصال الجزيرة الثقافية موجهة إليه دعوة المشاركة بالعدد 700 وتطويق عقدها الثاني، وقال: ما زال العنوان بمحتواه صالحاً للمناسبة الجديدة، الاحتفال بالعدد المئوي السابع، فالعروسة العشرينية مستمرة بثبات على الالتزام بالعمق الثقافي الفكري في عصر تتلاطم فوقه الأمواج السطحية. تحولت الشعوب ونحن منها مع الرقمنة المعلوماتية إلى الأنماط الاستهلاكية للمعلومة الجاهزة، تماماً مثلما تحول الأكل الصحي إلى الفاست فود. تحول الورق من ناقل للفكر والثقافة والعلوم إلى لفافات تغلف الساندويتش والهامبرجر. بين الرافضين المغادرة وأضاف: توشك الصحافة الثقافية وملحقاتها على الاستسلام للضربة الرقمية القاضية، ما عدا النادر القليل الرافض للمغادرة المهينة، فإن كان ولا بد من المغادرة فواقفاً على نفس القدمين، والجزيرة الثقافية الأسبوعية بين الرافضين للمغادرة. الجزيرة الثقافية ما زالت صامدة وها نحن نحتفل بعددها المئوي السابع، إذ قيض الله لها طاقماً فدائياً من فرسان الثقافة الضاربة في الأصالة الحضارية العربية والإسلامية، طاقماً قوي الشكيمة يرأسه مثقف كبير تراثي حداثي مكافح متواضع، وذلكم هو صديق الجميع البشوش أبو يزن إبراهيم التركي. وفي معرض حديثه حول أبرز المقالات التي كتبها والقضايا والمواقف التي واجهته بصفته مهتمًا بقضايا المعرفة والثقافة ويكتب في مجالات متعددة منها العلوم اللغوية وقضايا الأدب المتنوعة، أجاب قائلًا: وأنا طبيب ليس محسوباً على المثقفين، لكنه وهو مفتون بحب مهنته يتطفل أحياناً على الندوات الثقافية وكتابة الرأي في الصحافة المحلية. مساهماتي في الجزيرة الثقافية نادرة لا أتذكر منها غير مقالين حملتهما قلقي على مستقبل اللغة العربية بعد أن تصبح عهدة عند أجيالنا الشبابية الرقمية المعولمة. حمل المقال الأول عنوان (متى تتحرر العربية من أسر النحاة)، والثاني (اللغة العربية بين أربع زوايا ولا أضلاع). كلا المقالين يحور ويدور حول إمكانية تبسيط اللغة العربية وفك أسرها من تعقيدات فقهاء اللغة والنحاة، باعتبار هذه التعقيدات أصبحت عوامل تنفير من العربية وتحبيب في اللغة البديلة الإنجليزية. أدعو الصحف إلى «التكافل الرقمي» وعن استشرافه وقراءته المستقبل المتوقع أو المنتظر (للصحافة الأدبية والملاحق الثقافية)، والرسائل التي يوجهها لوسطنا الإعلامي والثقافي في خضم هذا الحراك الذي نشهده.. بين الدكتور «جاسر الحربش» أنه اليوم لم يعد واثقًا من قدرة الصحافة على الاستمرار، داعيًا لما سماه «التكافل الرقمي» وقال: اليوم لم أعد واثقاً من قدرة الصحافة والملحقات الثقافية العربية على الاستمرار في الصمود، ولذلك أنصحها بالتحول إلى المنصات الرقمية التكافلية مع بعضها البعض. كيف يمكن التكافل الرقمي للنشرات الثقافية؟ أعتقد أنه يصبح ممكناً عندما تقتنع الجهات الرسمية المسؤولة في وزارتي الثقافة والإعلام بضرورة بقاء الروح الثقافية على قيد الحياة، فتساعد النشرات الثقافية المستقلة (مع حفظ استقلالها الإداري عن بعضها) على التجمع الإلكتروني في موقع رقمي موحد تتبادل فيه دورياً الزمان والمكان للنشر والاشتراك. هذا التبادل التكافلي للزمان والمكان في الموقع الالكتروني الموحد قد يضمن الاستقلالية التحريرية ويحافظ على المتابعين وقد يجتذب إليه بعض الأجيال الشابة التي استبدلت لوحة المفاتيح والشاشة بالقلم والورق. لأنه زمن لوحة المفاتيح والشاشة والأزرار فلا مناص للثقافة العريقة من التحول الرقمي.
مشاركة :