منذ أعلن مارك زوكربرج، مؤسس موقع الفيسبوك، عن مشروع ميتا فيرس، والذي يعني: ما وراء الأبعاد، وتغيير اسم شركته إلى «ميتا»، مستعرضاً حلمه في فيديو طويل يزيد على الساعة.. حتى انشغل الناس في مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية من الأمر وإطلاق الدعابات - الميمز والكوميكس - بينما ذهب الجادون منهم إلى إبداء التخوف والاعتراض على هذه الخطوة التي ستهدد نمط الحياة كما نعرفه.. رغم أن الموضوع قد أخذ زحماً هذه الأيام، إلا أنه ليس بجديد، فتطبيقات الواقع الافتراضي موجودة بالفعل في مجال الألعاب، بالإضافة لتطبيقات علمية ومهنية أخرى.. ما أعطى العلماء فرصة دراسته ومعرفة تأثيره وأبعاده.. طبقاً لهذه الدراسات.. ما هو التأثير النفسي الذي قد يحدثه عالم «ميتا»؟ الصحة النفسية تشير الدراسات إلى أن العلاج بالواقع الافتراضي يمكن أن يفيد في العلاج النفسي. - التنزه وسط مناظر طبيعية في العالم الافتراضي، يخفف من الضغوط النفسية ويحسن المزاج. هذا الأمر قد يكون مفيداً للأشخاص الذين يعيشون حياة قاسية في أماكن ضيقة ولا يتاح لهم مشاهدة الطبيعة. - وسيلة فعالة في علاج الخوف المرضي «الفوبيا».. حيث يتعرض الشخص لما يثير رهبته، تدريجياً، حتى يعتاده ويألفه.. وهي وسيلة المتعارف عليها في العلاج النفسي تسمى «التعرض المتدرج» لكنها كانت تمارَس عن طريق التخيل. في دراسة حديثة، وجدوا أن نتائج استخدام هذه الوسيلة أكثر فعالية من العلاج النفسي التقليدي بأربعة أضعاف، وبدون استخدام أدوية! - وسيلة فعالة استخدمها الجيش الأميركي لعلاج الجنود العائدين من العراق والمصابين باضطرابات ما بعد الصدمة. - يستخدم الواقع الافتراضي في تخفيف الألم الجسدي في المستشفيات، حيث كشفت الدراسات أنه يشغل الذهن عن الألم عند تغيير ضمادات المصابين بالحروق. - قد تفيد في تحسين أحوال الأشخاص الذين يعانون من الوحدة. مثل كبار السن الذين يشكلون شريحة كبيرة من هذه الفئة، إذ توضح الدراسات تحسن أحوالهم عند استخدامها لمحاكاة السفر أو مقابلة الناس أو زيارة أماكن مرتبطة بذكريات الماضي، كما أن التواجد في العالم الافتراضي مع من تحب، قد يخفف وحشة الغربة لمن هم بعيدون عن أحبابهم. تعلم المهارات هناك تطبيقات تعليمية موجودة بالفعل تساعد طلاب الطب في التعرف على التكوين الخلوي وتشريح الجسم البشري بطريقة بصرية ثلاثية الأبعاد، تختلف كثيراً عن تعلم التشريح من الرسوم التوضيحية بصفحات مرجع جراي للتشريح.. كما توفر هذه التقنيات إجراء عمليات جراحية افتراضية توفر الكثير من الأخطاء الطبية الناجمة عن قلة الخبرة عند إجراء عملية لأول مرة.. فكما تعلم، لكل طبيب مرة أولى.. فلتكن افتراضية إذن بدلاً من أن يكون المريض حقيقياً! هذه التقنية مفيدة عموماً في اكتساب المهارات المطلوبة التي من الصعب التدرب عليها في بيئاتها الأصلية.. مثل التدرب على إلقاء محاضرة أمام الجمهور.. أو تدريب الجنود على الاشتباك في أرض المعركة.. أو تدريب رواد الفضاء على أداء مهامهم.. وهكذا. مخاوف مشروعة تقنيات الواقع الافتراضي المتاحة حالياً ترهق العينين، وتصيب البعض بالدوار، ولا تناسب الذين يعانون من دوار البحر والصداع.. ما يجعل الإكثار منها مرهقاً جسدياً، لكن إن تحسنت هذه التكنولوجيا بشكل يتجنب الإضرار بالصحة، تظل هنالك مخاوف لا ينبغي التقليل منها.. فعلى سبيل المثال، زيادة جاذبية العالم الافتراضي قد تجعل احتمالات إدمانه أكبر من الإنترنت في وضعها الحالي.. ورغم كونه يستخدم في العلاج النفسي، إلا أن الإكثار من ارتياده قد يصيب المرء بالهم والإحباط حين يعود لحياته الواقعية ويجد الفرق بينهما شاسعاً، فيرثى لحاله.. كما أن الواقع الافتراضي قد يجعل الناس أكثر كسلاً، مكتفين بتحريك «أفاتارهم» الافتراضي، بينما هم جالسون على الأريحة دون أي دافع للحركة.. وببعض الخيال، يمكن تخيل وقوع شخص في حب شخصية افتراضية يحركها الذكاء الصناعي! باختصار، لهذه التقنية جوانب مفيدة قد تنعكس على حياتنا بالإيجاب.. بينما الإفراط في استخدامها مضر كالإفراط في أي شيء آخر.. وبما أن ليس في إمكان أحد إيقاف عجلة التقدم، لا زال في إمكاننا اكتساب الخبرات المطلوبة لمواكبتها، واستغلالها لصالحنا.
مشاركة :