القاهرة - تركت الممثلة المصرية الراحلة سهير البابلي المعروفة بصنعها البهجة والفرح والسعادة إرثا فنيا متنوعا يشمل باقة من الأعمال الخالدة والمحفورة في وجدان المشاهد العربي. وبرحيل البابلي خسر المسرح الكوميدي واحدة من قاماته الفنية حيث انها صنعت نجاحها الاستثنائي في مسيرة المسرح المصري ونافست عن جدارة أعمدة الكوميديا على غرار عادل إمام وسمير غانم ومحمد صبحي. وسطع نجم الفنانة الشهيرة التي ترجلت عن صهوة الحياة بعد معاناة مع المرض في المسرح بالخصوص من خلال اعمال هادفة بعيدة عن الاسفاف والابتذال. والبابلي التي ولدت في شباط/فبراير 1935 هي ابنة محافظة دمياط الساحلية شمال مصر. درست البابلي في المعهد العالي للفنون المسرحية وفي معهد الموسيقى في الوقت نفسه، وبدأت مسيرتها الفنية في عمر مبكر قدمت خلالها أكثر من مئة عمل بين المسرح والدراما والسينما. وأصبحت سهير البابلي واحدة من أيقونات وقامات المسرح المصري لتنافس قامات وأسماء كبيرة في عالم المسرح، فعملت في بدايتها مع أمينة رزق وسناء جميل في المسرح القومي، لكن بشخصيتها القوية والمختلفة صنعت لها بصمة فنية خاصة بها. وترجمت سهير البابلي حبها وعشقها للمسرح وتفجرت طاقتها الفنية بين رحاب "ابو الفنون" من خلال مشاركتها في مسرحيات "عايزة أتكلم"، "عطية الأرهابية"، "يا حلوه ماتلعبيش بالكبريت"، "جوزين وفرد الفرافير"، "العالمة باشا"، "القضية"، "الدخول بالملابس الرسمية"، "نص أنا ونص أنت". وكان لها العديد من الأعمال الفنية الخالدة التي طبعت ذاكرة هواة الفن الرابع وعشاق الكوميديا مثل دور "أبله عفت" المعلمة في مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي عرضت في السبعينات، ودورها في مسرحية "ريا وسكينة" التي تقاسمت بطولتها مع الفنانة المصرية الراحلة شادية. ومن بين المسرحيات الشهيرة التي قدمتها البابلي، المسرحية السياسية الساخرة "ع الرصيف" عام 1987 التي أخرجها مدير المسرح القومي في مصر آنذاك جلال الشرقاوي.  وأثارت "ع الرصيف" جدلا واسعا ومنعت من العرض سنوات عديدة لأسباب سياسية. كما تألقت في مسلسلات عديدة من بينها "يا أنا يا هن "، "قلب حبيبة"، "ألف ليله وليلة"، "أسطورة (عروس البحر)"، "الشاهد الوحيد"، "عم حمزة"، "ومشيت طريق الأخطار" و"الأيدي الناعمة الحقيقة". وبرعت سهير في مسلسل "الحقيقة  ذلك المجهول" مع صلاح ذو الفقار.  وكانت شخصية "بكيزة هانم الدرملّي" من أشهر الشخصيات التي قدمتها في مسلسل "بكيزة وزغلول"، مع الممثلة والمنتجة المصرية إسعاد يونس. وكان آخر عمل قدمته الممثلة الراحلة مسلسل "قانون سوسكا" عام 2016 والذي لم يعرض بعد على شاشة التلفزيون بسبب بعض الأزمات الانتاجية، بحسب ما قالت البابلي في تصريحات سابقة. وعلى الرغم من تنوع أدوارها بين الكوميديا والتراجيديا وظهور موهبتها الاستثنائية فإنها لم تحصل على البطولة المطلقة إلا بعد سنوات طويلة في مجال السينما. ولم يقم صناع السينما وفقا لنقاد بالاستفادة من طاقة سهير الفنية الكبيرة في تقديم بطولات مطلقة كما قدمتها بالمسرح إلا بعدد قليل جدا من الأفلام، الا انها نجحت في تقديم عدة أدوار مهمة في مجموعة من الأفلام واشتهرت بالخصوص في السينما بتجسيد أدوار المرأة الشريرة أو الحقودة أو اللعوب اوالمغرية. وقد تقمصت سهير البابلي شخصيات عديدة في أفلام اسندت لها فيها ادوار ثانوية في المراحل الاولى من حياتها ثم ادوار البطولة على غرار "الجنسية مصري"،  "يا ناس يا هووه"، "ليلة عسل"، "القلب وما يعشق"، "الأونطجية"، "وعد ومكتوب"، "لحظة ضعف"، "استقالة عالمة ذرة"، "الوليد والعذراء"، "أميرة حبي أنا"، "العاطفة والجسد "، "المرأة المجهولة" و"صراع مع الحياة". ومن أهم الاعمال السينمائية لسهير البابلي صاحبة الاداء القوي والحضور الساطع أفلام "جناب السفير"، "لحظة ضعف" مع صلاح ذوالفقار، و"ليلة القبض على بكيزة وزغلول".  اعتزلت عام 1997 بعد ارتدائها الحجاب وفي عام 2006 عادت إلى التمثيل من خلال مسلسل "قلب حبيبة" ثم ابتعدت عن الأضواء مرة اخرى بعد معاناتها مع المرض حيث أجرت جراحة بزرع فصين للكبد.  ورصعت مسيرة الممثلة الراحلة بجوائز وتكريمات حيث تم تكريمها في "مهرجان قرطاج الدولي"، "مهرجان المسرح العربي"، "اتحاد المنتجين العرب"، وتم تكريمها ايضا في احتفالية خاصة من طرف نقابة المهن التمثيلية المصرية.  وقد نعت الأوساط الثقافية والفنية والإعلامية الممثلة الراحلة التي لقبها العديد من نجوم الفن بملكة الفرح والسعادة وصانعة البهجة.