لا يترك اللبنانيون مناسبة إلا ورفعوا شعارات مناهضة للاحتلال الإيراني وسياسة «حزب الله» الإجرامية، ولأن لدى غالبية الشعب اللبناني قناعة بأن الدولة الحالية والسلطة التي تحكمهم لا تمثل تطلعاتهم، وما هي إلا أداة أو جسر عبور لمشروع ولاية الفقيه، هكذا أحيا اللبنانيون على طريقتهم ذكرى الاستقلال.وشهدت الاحتفالات عرضا مدنيا تحت شعار «شعب، جيش، قضاء» ـ أي دون «مقاومة» ـ كونها ليست سوى احتلال عبثي للبنان، بمشاركة كثيفة لجماعات المجتمع المدني و«ثوار 17 تشرين»، ورفع المشاركون لافتات تحت راية «إيران برا»، و«لا للاحتلال الإيراني»، وتدعو إلى «تحقيق الاستقلال الحقيقي ومحاربة الفساد وسرقة المال العام، والوصول إلى الدولة المدنية ومحاسبة المسؤولين عن انفجار بيروت».وفي التفاصيل، ضم العرض عددا من الأفواج، منها أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت باللباس الأسود، وفوج جرحى الانفجار، وفوج الكشافة، وشارك عدد من الفنانين والشخصيات الفكرية والاجتماعية في العرض، وسط رفع الأعلام اللبنانية ورايات الجيش، إلى جانب الرايات الخاصة التي تقدمت كل فوج، وأعلام دول أتى مشاركون لبنانيون منتشرون في بلاد الاغتراب منها.الدولة المخطوفةأشار الرئيس فؤاد السنيورة في حديث تلفزيوني، إلى أن «اللبنانيين يرون بأم العين كيف فقدوا استقلال بلدهم الذي أصبحت تسيطر عليه وعلى دولته دويلة حزب الله، أي بعبارة أخرى إن لبنان الآن أصبح عمليا محتلا من قبل الحزب، وهو الذي تأسس بلبنان في 1982 واكتسب قبولا لدى اللبنانيين من أجل أن يستعيد لبنان سيادته واستقلاله وكرامته بطرد المحتل الإسرائيلي، إلا أن الذي حصل بعد ذلك هو أن هذا السلاح وبدل أن يكون موجها نحو العدو الإسرائيلي، فإنه أصبح موجها نحو صدور اللبنانيين، وذلك بعد أن انسحبت إسرائيل في العام 2000، وبعد الاجتياح الذي قامت به إسرائيل في العام 2006».وقال: «في هذا اليوم يتذكر اللبنانيون وبأسى كيف أصبحت دولتهم تسيطر عليها وتتولى السلطة فيها دويلة حزب الله والأحزاب المنضوية معه ولمصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، مشددا على أن «هناك حاجة ماسة إلى استعادة الدولة اللبنانية المخطوفة دولة القانون والنظام، الدولة اللبنانية أصبحت مخطوفة ومسيطرا عليها من قبل حزب الله لصالح إيران، وهناك حاجة أساسية وماسة من أجل العمل على استعادة نهج الإصلاح في لبنان».وأضاف السنيورة: «والإصلاح يكون بداية باستعادة الاعتبار لوثيقة الوفاق الوطني والدستور اللبناني واستقلالية القضاء، وأيضا في العمل على الحرص على التوازنات الداخلية الدقيقة، وأيضا في احترام التوازنات في السياسة الخارجية للبنان، لا سيما بعد أن جرى تخريب كل هذه التوازنات في الداخل وفي علاقة لبنان مع أشقائه العرب ومع أصدقائه في العالم، وكذلك استعادة الثقة بالدولة وبمستقبل لبنان واقتصاده».«سيدة الجبل»وعقد «لقاء سيدة الجبل» مؤتمرا صحافيا أصدر في ختامه بيانا جاء فيه: «أيها اللبنانيات واللبنانيون في الوطن والمهجر، تمر بلادكم هذه الأيام بأخطر مراحل تاريخها على الإطلاق، وقد وقعت تحت الاحتلال وسلب الإرادة والفقر والنهب المنظم والتجويع، وفقدت مقومات استقلالها الذي احتفلت به في 1943 وجددت الأمل في استعادته بانتفاضتين متتاليتين، عامي 2005 و2019. لقد ارتضى بعض المسؤولين والسياسيين الانحناء ومسايرة قوى الأمر الواقع التي أوصلت لبنان إلى تلاشي دولته ومؤسساته».وأضاف: «وقطع الاحتلال علاقاتنا بالعالم العربي، بدوله وشعوبه الشقيقة، والذي نشكل جزءا أساسيا منه تاريخيا وبإجماع اللبنانيين وفق وثيقة الطائف التي أصبحت دستورا لبلادنا، كما فصلتنا قوة الاحتلال عن العالم الأوسع الحر، والذي نرتبط بدوله وشعوبه منذ عمق الأزمان بروابط وثيقة، تضيق بها الذاكرة والمجلدات والآثار. وفي غفلة من الزمن استفادت القوة التي تحتل لبنان وتسيطر على دولته، من انكفاء عربي في مقابل هجمة على المنطقة غير عربية، إيرانية في شكل خاص، وبدفع من نظام الملالي الذي لا يؤمن بالحرية لشعبه، فكيف لبقية الشعوب في المنطقة العربية، والذي يتباهى بالسيطرة على أربع عواصم عربية، أقام فيها بقوة السلاح تركيبات سلطوية، لم تنتج سوى الدمار والحروب والفقر والفضائح والأزمات والتخلف، والمآسي على كل المستويات».صورة لبنانوتابع بيان «سيدة الجبل»: «إن صورة بلادكم اليوم ليست صورة البلاد التي تحبونها، والتي ضحيتم وتضحون في سبيلها من أجل أن تسلموها أمانة إلى أولادكم وأحفادكم، على غرار ما فعل الآباء والأجداد، بلاد تنعم بدولة راقية، تحمي مواطنيها وتحافظ على أمنهم واستقرارهم وتؤمن مصالحهم وازدهارهم وسعادتهم ودوام ثقافتهم وأسلوب حياتهم، إن الأسلوب الذي اتبعته قوة الاحتلال قام ويقوم على ذريعة واهية هي أنها تحمي لبنان. الحقيقة أن لبنان تحرر من الاحتلالات الخارجية بخروج جيوش الدول والتنظيمات غير اللبنانية من أراضيه على التوالي، وآخرها جيش النظام السوري في 25 نيسان 2005، لكن حليفه النظام الإيراني سارع إلى الحلول مكانه، وذلك من خلال قوة عسكرية تابعة له، يحمل أفرادها الجنسية اللبنانية، لكنهم عمليا - وكما أعلنوا بأنفسهم - جنود في جيش إيران، ومشروعها تصدير الثورة من خلال حرس الثورة الإسلامية في إيران».وختم: «لتكن ذكرى الاستقلال الثامنة والسبعون اليوم فرصة لإطلاق دعوة إلى استعادة هذا الاستقلال وعودة الدولة اللبنانية، التي لها وحدها السلطة المنبثقة من الدستور والقوانين، والحق في حمل السلاح والدفاع عن مواطنيها ومصالحهم، وما لم تقم الدولة في لبنان مجددا وتنهِ سلطة حزب السلاح الإيراني، لن تكون هناك حلول لأزمات لبنان، ولن يعود إلى السلطة القضائية حقها في إعلان الأحكام باسمكم، أنتم الشعب الذي يكاد يفقد الرجاء بإمكان الوصول إلى الحقيقة في جريمة تفجير مرفأ بيروت».
مشاركة :