الإمارات.. دبلوماسية العلاقات الناجحة

  • 11/24/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

السلام والاستقرار في المنطقة تترجمه الإمارات دائماً فعلاً وليس قولاً، سواء بالمبادرة، أو العمل الدؤوب، انطلاقاً من رؤية ثاقبة لقيادة ممتدة في تفكيرها، ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً، نحو كل ما يؤمِّن رفاهية الإنسان، وتحقيقه واقعاً ملموساً. وبين نهاية حقبة 50 عاماً من قيام الدولة التي تحتفل الأربعاء المقبل الثاني من ديسمبر بيومها الوطني، وبداية حقبة 50 عاماً أخرى، تستمر الإمارات على نهج سياسة خارجية أرستها رؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» في مقولته الشهيرة: «إننا نسعى إلى السلام، ونحترم حق الجوار، ونرعى الصديق»، وأكملتها قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في مبادئ الخمسين بـ«الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات، وتطوير العلاقات الإقليمية والدولية لترسيخ الاستقرار في العالم». ووصف خبراء في شؤون العلاقات الدولية، السياسة الخارجية الإماراتية بـ«دبلوماسية العلاقات الناجحة»، مؤكدين على السياسات الخارجية الرشيدة والمتزنة إقليمياً ودولياً، ومنوهين بالتوجهات القائمة على ركائز أساسية وثوابت راسخة، تتمثل في الحرص على إقامة علاقات مميزة مع دول العالم كافة، مع مراعاة حسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والعمل على نشر مبادئ السلام، الأمر الذي أثمر، إقامة شراكات وتحالفات ثنائية وثلاثية ورباعية بين الإمارات وغالبية دول العالم. التعاون المشترك في الجمهورية التركية، يبحث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، اليوم الأربعاء، مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز التعاون والعمل المشترك بين البلدين في مختلف المجالات، بما يحقق مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى مجمل القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين. وتأتي الزيارة الرسمية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الجمهورية التركية تلبية لدعوة من فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان. وكان سبقها اتصال هاتفي في 30 أغسطس الماضي، جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية، والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، إلى جانب تبادل وجهات النظر بشأن عددٍ من القضايا والملفات الدولية والإقليمية. ووصف معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، اتصال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وفخامة الرئيس أردوغان بـ«الإيجابي والودي للغاية، لاسيما أنه استند إلى مرحلة جديدة تسعى فيها الإمارات إلى بناء الجسور، وتعظيم القواسم والعمل المشترك مع الأصدقاء والأشقاء لضمان عقود مقبلة من الاستقرار الإقليمي والازدهار لجميع شعوب ودول المنطقة». تعزيز العلاقات وفي وقت سابق، كان فخامة الرئيس أردوغان استقبل في 18 أغسطس الماضي وفداً إماراتياً برئاسة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني. وتم البحث في سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الإمارات والجمهورية التركية، خاصة التعاون الاقتصادي والتجاري والفرص الاستثمارية في مجالات النقل والصحة والطاقة، بما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين. ووصف معالي الدكتور قرقاش، لقاء فخامة الرئيس أردوغان، وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان بأنه تاريخي وإيجابي. وقال في تغريدة على حسابه في «تويتر»: «التعاون والشراكات الاقتصادية، المحور الرئيسي للاجتماع. الإمارات مستمرة في بناء الجسور وتوطيد العلاقات، وكما أن أولويات الازدهار والتنمية محرّك توجهنا الداخلي فهي أيضاً قاطرة سياستنا الخارجية». الدبلوماسية والتواصل يقول المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، خلال إحدى محاضراته مؤخراً: «المواجهة ليست المسار الأكثر إنتاجية، فالدبلوماسية وتعزيز التواصل مع الجميع هو أفضل طريقة للمضي قدماً. لذلك، نحن نعمل بجد لبناء جسور التواصل مع جميع الدول، بما في ذلك تلك التي لدينا خلافات جدية معها»، لافتاً إلى أن التركيز على الدبلوماسية والتواصل سيكون قلب السياسة الخارجية للإمارات في مرحلة ما بعد «الجائحة»، وأنه حيثما تستطيع، ستسعى مع بدء عملها كممثل للمجموعة العربية في مجلس الأمن، لبناء جسور بين القوى العظمى، والحوار مع الدول الأخرى لاستكشاف كيفية تعزيز نظام عالمي منفتح ومتعاون. هدى عوض هدى عوض توجهات ناجحة تقيم الإمارات علاقات دبلوماسية مع 189 دولة حول العالم، وتوجد على أراضيها 110 سفارات أجنبية، و75 قنصلية عامة، فضلاً عن مقرات لـ15 منظمة إقليمية ودولية، ويصل عدد سفاراتها في الخارج إلى ما يقارب 70 سفارة، و11 قنصلية، بالإضافة إلى ثلاث بعثات دائمة. وتؤكد الدكتورة هدى راغب عوض، الخبيرة في شؤون العلاقات الدولية، وأستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أهمية توجهات السياسة الخارجية الإماراتية الرامية إلى تعزيز العلاقات الإقليمية والدولية، وتوسيع دائرة العلاقات الخارجية، مع مراعاة حسن الجوار، واحترام لسيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقوانين والمواثيق الدولية، الأمر الذي أثمر عن إقامة شراكات وتحالفات ثنائية وثلاثية ورباعية بين الإمارات وغالبية دول العالم. جمال بيومي جمال بيومي سر النجاح ويؤكد السفير جمال بيومي، الخبير في شؤون العلاقات الدولية ومساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، في تصريحات لـ«الاتحاد» أن سر نجاح السياسة الخارجية الإماراتية يتمثل في وجود إرادة حقيقية لدى القيادة والحكومة والشعب للوصول بالإمارات إلى الصفوف الأمامية في السباق العالمي نحو التقدم والتطور في مختلف المجالات سواء الدبلوماسية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، فضلاً عن وجود ركائز أساسية وثوابت راسخة تقوم عليها السياسة الخارجية. ويقول بيومي: «أحد أهم الركائز الأساسية والثوابت الراسخة التي تقوم عليها السياسة الخارجية الإماراتية يتمثل في حرصها على إقامة علاقات مميزة مع دول العالم كافة، والعمل على نشر مبادئ السلام إقليمياً ودولياً، عبر إطلاق العديد من مبادرات الوساطة لإنهاء النزاعات والخلافات بين الدول المتنازعة سلمياً، وعلى مائدة المفاوضات، وعبر الحوار الدبلوماسي الجاد والهادئ». دور مؤثر وفاعل وينوه بيومي بحرص السياسة الخارجية الإماراتية على تعميق روابط الإمارات بمحيطها الجغرافي، فضلاً عن دورها الرئيسي والمؤثر في تعميق روابط التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي. ويشيد أيضاً بدور السياسة الخارجية المتنامي على المستوى الدولي، الأمر الذي جعل الإمارات صاحبة واحدة من أهم وأبرز الدول الأعضاء داخل هيئة الأمم المتحدة، وجعلها محل تقدير واحترام من قبل المجتمع الدولي ومؤسساته ومنظماته المختلفة. وحصلت مرتين على مقعد غير دائم في مجلس الأمن، وذلك عبر رصيد هائل وتاريخ مشرف من العمل الدولي والإقليمي، ساهم بقدر كبير في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار. ويسجل التاريخ عدداً من مبادرات السلام التاريخية التي تبنتها الإمارات، وأسهمت من خلالها في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، ونجحت في نزع فتيل عددٍ من الأزمات والنزاعات، والتخفيف من حدتها، ويأتي على رأسها نزع فتيل أطول نزاع في قارة أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا، فضلاً عن توقيع اتفاق سلام تاريخي مع إسرائيل. كما لعبت الإمارات دوراً محورياً في تحقيق التوافق بين الحكومة الانتقالية في السودان وبعض الحركات المسلحة، إضافة إلى إطلاقها وثيقة «الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك». نادية حلمي نادية حلمي الدبلوماسية الإنسانية تشير الدكتورة نادية حلمي، الخبيرة في شؤون العلاقات الدولية، وأستاذة العلوم السياسية، إلى أهمية المبادرات التي تتبناها الدبلوماسية الإماراتية في مجال حفظ الأمن والاستقرار، سواء على المستوى الخليجي، أو العربي، أو العالمي، فضلاً عن التزامها المتواصل بدعم ومساعدة الأشقاء ودول الجوار لدرء الأخطار والفتن التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار هذه الدول وشعوبها. وتشيد الدكتورة نادية في تصريحات لـ«الاتحاد» بالتوجه الإنساني للسياسة الخارجية الإماراتية حتى عُرفت بـ«الدبلوماسية الإنسانية»، حيث تحرص الإمارات على تقديم مساعدات خارجية غير مشروطة على الصعيدين العالمي والإقليمي، الهدف منها دعم النمو الاقتصادي في البلدان النامية، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية للمجتمعات المحلية في هذه البلدان، والحد من معدلات الفقر بها، والقضاء على الجوع، ودعم الأطفال، وتمكين النساء والفتيات، ودعم البرامج القطاعية كالنقل والبنية التحتية، وتعزيز فعالية الحكومات، فضلاً عن تعزيز السلام والازدهار، وتحفيز العلاقات الاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة من خلال دعم العلاقات التجارية والاستثمارية مع مختلف البلدان النامية. «تصفير الأزمات» يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، إن الخطوات التركية خلال العامين الماضيين لتحسين العلاقات مع دول الخليج ومصر هي محاولة العودة لسياسة «تصفير الأزمات». ويعتبر في تصريحات لـ«سكاي نيوز عربية» أن فخامة الرئيس أردوغان يحاول توظيف السياسة الخارجية في خدمة الاقتصاد التركي، وهو ما تمثل في تقليل المشاكل مع القوى الرئيسية في الشرق الأوسط. ويرى أستاذ العلاقات الدولية، طارق فهمي أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا تكتسب أهمية كبيرة؛ لأنها تنقل العلاقات الإماراتية التركية إلى مرحلة جديدة، فالإمارات دولة مهمة، وتركيا تسعى لتصفية المشكلات معها وبالتالي بناء سياسة مختلفة. ويقول إن تركيا تسعى إلى الحصول على مكاسب ليست فقط اقتصادية وإنما استراتيجية من التقارب مع المحيط العربي. وأن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ستكون لها نتائج إيجابية على المستويين الاقتصادي والسياسي.

مشاركة :