وقعت الكاتبة منيرة المدفع، كتاب من ذاكرتي، والذي تناولت فيه حياتها كاملة، فتحدثت عن نفسها ودراستها وعن العائلة والبيئة، وكتبت عن والدها الذي عاصر عدداً من شيوخ الدولة الكرام، وكان دائماً في خدمة الوطن، وتضمن الكتاب مجموعة من الصور التي تعكس جوانب الحياة في ذلك الوقت، وتوثق لمسيرة حياة الكاتبة ووالدها. واستهلت الكاتبة كتابها بالحديث عن والدها إبراهيم بن محمد المدفع، والذي كان من الرواد الذين سخروا حياتهم لخدمة وطنهم، وتطرقت إلى التعليم الذي حظي به على أيدي الشيخ عبدالكريم البكري النجدي وأحمد بن عبدالرحمن الهرمس، إضافة لختمه القرآن منذ نعومة أظفاره، وتناولت مجالسه ومكتبته ومناصبه وإنجازاته. ولفتت الكاتبة إلى علاقتها المميزة بوالدها، الأمر الذي سمح لها لكي تنهل من علمه، إضافة إلى سردها ذكريات عن علاقتها مع جدتها متتبعة كل ما جال في خاطرها عن تلك الفترة التي وصفتها بأنها تمر أمامها مثل أحد الأفلام السينمائية، الذي لا تمل من مشاهدته مراراً وتكراراً، ووصفت الكاتبة بعذوبة حنينها إلى ما كانت تتمتع به تلك الأيام من أخلاقيات وصفاء يحكم العلاقة بين البشر، وعن الأثر الكبير الذي أحدثه كل ذلك في نفسها. ووثقت المدفع في الكتاب كل مراحل طفولتها بحذافيرها وتفاصيلها الدقيقة فلم تسقط من ذاكرتها أية لحظة من تلك اللحظات الجميلة فتحدثت عن المدارس والأحياء القديمة والأسواق والعطارين ودور السينما والمستشفيات، كما كان لنكسة عام 1967 نصيب من حديث الكاتبة ومن ذاكرتها أيضاً. يفوح كتاب منيرة المدفع بأصالة الماضي وعبق التاريخ وتراث الآباء والأجداد، ولم تكتف بأن تصف الواقع والحال في ذلك الوقت، وحتى الحديث عنه، بل إنها طعمت ما كتبته بمجموعة من الصور التي تدل على عراقة وأصالة الحياة التي عاشتها في تلك الفترة، فتضمن الكتاب صوراً لها في بعض مراحل حياتها وصوراً لوالدها وللعديد من الأماكن التي أشارت إليها. وتقول المدفع في مقدمة الكتاب: البداية هي عبق الماضي وعراقة التراث الذي يفوح علينا بكل أطيافه وألوانه، فذكريات الطفولة وملاعبها الممتدة بين دولة الإمارات ودولة الكويت، وآمال الشباب في تلك المرحلة كانت ترسم الحياة بألوان التضحية لتبني مستقبله المشرق بالوفاء والعطاء متجسداً في المرأة الإماراتية أماً وزوجة وأختاً وبنتاً، وبهذه الصور المتداخلة رسمت خواطري ملونة بظلال التراث فكراً ووجداناً مؤرخة بسطور تحمل أصدق المشاعر وأنبلها، لأرصد الواقع الذي عشته خلال مسيرة الاتحاد حتى اليوم لتكون شاهداً على عصر زخر بالعطاءات والإنجازات ولتبقى في ذاكرة الأجيال منبع إلهام يستمدون منه معنى البذل والتضحية.
مشاركة :