أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه سيبحث في لقائه اليوم، مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ثلاثة مواضيع مركزية، هي: الموضوع السوري في ضوء التطورات الأخيرة وتبعات الاتفاق النووي مع إيران عليها، وإمكانيات تحريك ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والعودة إلى الاستقرار، وكذلك زيادة المساعدات الأميركية لإسرائيل، في ضوء ما يعتبره، أخطارا متزايدة عليها من إيران وأذرعها في المنطقة. وجاءت أقوال نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة العادية، أمس، قبيل سفره إلى واشنطن ببضع ساعات، ردا على الانتقادات التي قيلت ضده في كل من واشنطن وباريس وتل أبيب. فقال: إنه لا يسافر إلى البيت الأبيض لكي يثير الحروب، بل لتثبيت العلاقات الممتازة بين إسرائيل والولايات المتحدة. وكشف النقاب في تل أبيب، أمس، أن عددا من مساعدي أوباما، اقترحوا عليه أن يرفض دعوة نتنياهو إليه: «عقابا له على تدخله الفظ في السياسة الأميركية الداخلية». وحسب مراسلة صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أورلي أزولاي، فإن مجموعة من القادة الليبراليين الأميركيين اليهود، نصحوه بدورهم، بأن لا يستقبل نتنياهو، على أمل أن يشكل ذلك ضغطا عليه، حتى يغير سياسته المتطرفة ويكسر الجمود في عملية السلام في الشرق الأوسط، باعتبار أن السلام هو أكبر ضمانة لأمن إسرائيل. لكن أوباما رفض وحسم الأمر باستقباله، حتى يبث للإسرائيليين بأنه على الرغم من الإساءات من رئيس حكومتهم، فإنه ما زال ملتزما بأمن إسرائيل بشكل استراتيجي. وتنقل المراسلة عن مؤيدي الرئيس الأميركي قولهم في هذا: إن «أكبر خلاف بينهما حصل بسبب الاتفاق النووي مع إيران، وهذا الاتفاق أصبح حقيقة واقعة. وعليه، فإن أوباما يلتقي نتنياهو وهو منتصر في هذا المجال. فسيتصرف بأدب مع ضيفه، موضحا أنه لا ينتظر منه شيئا. فهذا لقاء بلا هدف. والرئيس أوباما يئس من نتنياهو أيضا، في موضوع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولا يرى فيه شريكا. إنه لا يثق به ولا يعتمد عليه في شيء، ولا يوجد لديه أي أمل في أي شيء». وتنهي قائلة: «رئيس حكومتنا نتنياهو، كسب هذا الاستخفاف به من فعل يديه. إن الحرارة في العلاقات بين الإدارات الأميركية وحكومات إسرائيل، هي مركب مركزي في الأمن القومي الإسرائيلي، وقد نجح نتنياهو في تحويلها إلى قطعة ثلج». وكانت أوساط إسرائيلية مقربة من نتنياهو، ذكرت أن نتنياهو سيعرض على أوباما فكرة التوصل إلى صفقة تحقق الهدوء في المرحلة الحالية. وقالت: إن مستشار الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، يوسي كوهين، كشف عن هذه الصفقة خلال لقاء مع سفراء الاتحاد الأوروبي في إسرائيل، الأسبوع الماضي. وحسب أقوال الدبلوماسيين الذين شاركوا في اللقاء، فإن كوهين أطلع مستشارة الأمن القومي الأميركية، سوزان رايس، على صياغة الصفقة خلال لقائه بها الخميس الماضي في واشنطن. وكشف أن أوباما أوضح لمساعديه، أنه يرغب في سماع ما لدى نتنياهو، لعمله من أجل تحقيق التقدم، وأهم ما يريد سماعه منه، هو كيف ينوي التقدم حتى في غياب عملية سلام تحقق الاستقرار، وفي ظل منع حل الدولة الواحدة، والتلميح بأنه لا يزال ملتزما بحل الدولتين. وكان نتنياهو قد عقد يوم الأحد الماضي جلسة للمجلس الوزاري المصغر لمناقشة التحضيرات لرحلته إلى واشنطن. وطلب من الوزراء طرح أفكار لمناقشتها مع أوباما، وعرض أمامهم جوهر الاحتياجات الأمنية التي سيعرضها على الرئيس الأميركي، كجزء من المحادثات حول تطوير قدرات الجيش الإسرائيلي في أعقاب الاتفاق مع إيران. وقال نتنياهو للوزراء، إنه يريد الوصول إلى الاجتماع مع أوباما مزودا برزمة من الخطوات يمكنها إعادة بناء الثقة مع الفلسطينيين، تشمل خطوات ميدانية لتحسين الوضع في الضفة. والحديث عن سلسلة من الخطوات التي بلورها منسق عمليات الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، الجنرال يوآب مردخاي، وقائد المنطقة الوسطى في الجيش، الجنرال روني نوما. وستشمل تقليص الاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة، كرفع الحواجز وتسهيل الحركة، بالإضافة إلى خطوات لتحسين الوضع الاقتصادي، والمصادقة على مشاريع في مجال الخدمات التي يحتاجها الفلسطينيون، والتصديق على مخططات هيكلية في المناطق (ج). وأعلن الوزيران نفتالي بينت وزئيف الكين، تحفظهما على بعض الخطوات المطروحة، وادعيا أن السلطة الفلسطينية تحرض على العنف ضد إسرائيل، ولذلك يجب ربط جزء من الخطوات الإسرائيلية بخطوات فلسطينية لوقف التحريض. وقال نتنياهو ويعلون ووزراء آخرون، إنه باستثناء إمكانية مساهمة الخطوات الإسرائيلية بتهدئة الأوضاع، إلا أنه من المنطقي الوصول للقاء أوباما مع سلسلة من الخطوات التي تبدي إسرائيل استعدادها للقيام بها أمام الفلسطينيين. وقالوا: إن إسرائيل ستظهر من خلال ذلك، نواياها الحسنة أمام الرئيس الأميركي والمجتمع الدولي. ولوحظ أن الصفقة التي سيعرضها نتنياهو، لن تشمل التزاما إسرائيليا بتجميد البناء في المستوطنات، وسيفضل نتنياهو، على ما يبدو، الحفاظ على الوضع الحالي للتجميد الهادئ لكل مخططات البناء في المستوطنات وفي القدس الشرقية. من جهة ثانية، وجه وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، انتقادات مبطنة لسياسة نتنياهو. وقال: إن من أقنعوا أنفسهم وحاولوا إقناع الآخرين بأنه «يمكن إدارة وضع دبلوماسي راهن، فشلوا في فهم الصورة والتوجه السلبي الذي تولده بالنسبة لإسرائيل على المدى الطويل، والاشتعال الأخير هو تجسيد مأساوي لهذا التوجه». وجاءت هذه الأقوال في إطار مقال خاص كتبه فابيوس لصحيفة «هآرتس»، بمناسبة مؤتمر إسرائيل للسلام الذي سينعقد يوم الخميس المقبل. وأضاف فابيوس: «أنا قلق من تبلور واقع الدولة الواحدة التي تهدد طابع إسرائيل، وعلى اقتناع بأن الطريق الوحيد والقابل للوجود للسلام، هو حل الدولتين، ومفاوضات قائمة على المعايير التي نعرفها، ليس بسبب الآيديولوجيا، وإنما لأن هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام المتواصل الذي يستحقه الشعب الإسرائيلي والمنطقة كلها». وحسب أقواله، فإن رسالة فرنسا للجانبين لم تتغير: «تجرأوا على القيام بالخطوة الأولى تمهيدا لاستئناف المفاوضات الحقيقية. المجتمع الدولي مستعد للوقوف إلى جانبكم، هذا ضروري، وممكن وليس متأخرا».
مشاركة :