تراجع عجز المالية العامة للكويت خلال السبعة أشهر الأولى (أبريل إلى أكتوبر) من السنة المالية 2022/2021 إلى مستوى أقل من المتوقع؛ إذ بلغ 1.2 مليار دينار نتيجة لزيادة العائدات النفطية بفضل ارتفاع أسعار النفط. وتوقع بنك الكويت الوطني في تقرير تلقى "مباشر" نسخته، اليوم الاثنين، انخفاض مستوى العجز المالي للعام بأكمله لأقل من التوقعات السابقة للبنك والبالغة 10.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك مع استمرار ارتفاع أسعار النفط عن المستويات المتوقعة سابقًا، وخفض الإنفاق الحكومي نسبيًا. إلا أن مواصلة الإصلاحات لتنويع الاقتصاد واستدامة أوضاع المالية العامة يجب أن تبقى في صدارة الأولويات. وأوضح البنك في تقريره أن إجمالي الإيرادات ارتفع 80%، على أساس سنوي، نتيجة ارتفاع العائدات النفطية؛ إذ حقق ما يوازي 88% من تقديرات إيرادات الموازنة للعام بأكمله. ويعزى ذلك بصفة رئيسية إلى ارتفاع سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 104%، على أساس سنوي، ليصل في المتوسط إلى 72.3 دولار للبرميل خلال تلك الفترة. كما زاد إنتاج النفط الخام هامشيًا فقط (+ 2.8% على أساس سنوي، ليصل في المتوسط إلى 2.41 مليون برميل يوميًا). كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية 47%، على أساس سنوي، لتصل إلى 1.1 مليار دينار (60% من تقديرات موازنة العام بأكمله). ويرتبط ذلك إلى حد كبير بزيادة "الإيرادات الأخرى" (+74% على أساس سنوي)، التي تمثل الإيرادات من الكهرباء والمياه والخدمات الحكومية الأخرى. ومن الجدير ذكره بأن الكويت قد استلمت مدفوعات تعويضات لجنة الأمم المتحدة (جراء غزو العراق للكويت في عام 1990) بقيمة 1.47 مليار دولار (0.4 مليار دينار) في أبريل ويوليو وأكتوبر من العام الحالي، بينما يتبقى مبلغ 629 مليون دولار للسداد. كذلك ارتفعت الضرائب والرسوم (29% من الإيرادات غير النفطية) بنسبة 3.7% على أساس سنوي لتصل إلى 0.3 مليار دينار، بفضل تعافي الواردات من تداعيات الجائحة. من جهة أخرى، بلغ إجمالي الإنفاق خلال السبعة أشهر 10.8 مليار دينار، بزيادة كبيرة بلغت 18.2% عن المستويات المسجلة في الفترة المماثلة من العام الماضي، مما يعكس جزئيًا تأخير تسجيل المعاملات المالية خلال العام المالي السابق بسبب الجائحة. وقد ارتفعت النفقات الجارية (92% من إجمالي الإنفاق) بنسبة 16.6%، على أساس سنوي، إلى نحو 10 مليارات دينار، وسط زيادة رواتب الموظفين إلى 4.6 مليار دينار. كما ارتفع الإنفاق على السلع والخدمات (التي تشمل مشتريات الوقود لتوليد الكهرباء) بنسبة 22% على أساس سنوي إلى 1.8 مليار دينار، في حين تراجعت المنح (التحويلات إلى الهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة) إلى 2.2 مليار دينار (-27% على أساس سنوي). وبصفة عامة، يبدو أن الجهود الحكومية لتقليص النفقات خلال السنة المالية الحالية - والتي تأتي ضمن خطوات أخرى تستهدف تخفيض الإنفاق الحكومي بنسبة 10% - قد آتت ثمارها، على الرغم من أن الطبيعة المؤقتة للبيانات الأولية تشير لصعوبة تأكيد ذلك. ويبدو أن الإنفاق الرأسمالي، الذي كان ضعيفًا خلال الشهرين الأولين من السنة المالية 2021/2022، قد اكتسب بعض الزخم بداية من شهر يونيو؛ إذ ارتفع بنسبة 41% على أساس سنوي ليصل المتوسط الشهري له إلى 0.2 مليار دينار خلال الفترة الممتدة ما بين يونيو إلى أكتوبر. إلا أن الإنفاق الرأسمالي ما يزال أقل بكثير من مخصصات موازنة العام بأكمله، ممثلًا 33% من هذه المخصصات. ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي في الأشهر المقبلة في ظل رفع الحكومة للإنفاق الرأسمالي لهذا العام بنسبة 13.4% ضمن الموازنة العامة ليصل إلى 2.6 مليار دينار. ووفقًا لوثائق الميزانية، سيتم توجيه تلك الأموال نحو تعزيز البنية التحتية (تطوير المطار: 0.4 مليار دينار، والرعاية الصحية: 0.14 مليار دينار). إلا أنه استنادًا إلى البيانات التاريخية، فيتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية إلى نحو 80% فقط (2.0 مليار دينار) من مخصصاتها المدرجة في الموازنة العامة، مما سيساهم ذلك في خفض إجمالي النفقات إلى أقل من المستويات الواردة في موازنة السنة المالية. وبصفة عامة، استفادت الميزانية العامة للكويت بشكل واضح من ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة مع انخفاض العجز المالي بأكثر من المتوقع في السبعة أشهر الأولى من السنة المالية 2021/2022. كما قد يكون العجز في نهاية العام المالي أقل بكثير من تقديراتنا السابقة والبالغة نحو 10.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا الجهود التي تبذلها الحكومة لخفض الإنفاق. وفيما نأمل أن يؤدي نجاح الحوار الوطني وتشكيل حكومة جديدة في الفترة المقبلة إلى بعض المبادرات الملموسة نحو الإصلاح المالي، فقد ألقى شح السيولة الناجم عن شبه استنفاد أصول صندوق الاحتياطي العام الضوء على ضرورة إصدار قانون الدين العام الجديد أو السماح للحكومة بالسحب من صندوق الأجيال القادمة لتلبية احتياجاتها التمويلية على المديين القصير والمتوسط. وعلى نطاق أوسع، يجب إعطاء الأولوية للتنويع الاقتصادي وإصلاحات القطاع الخاص لتعزيز الإيرادات غير النفطية والحد من تعرض الحكومة لتقلبات أسعار النفط.
مشاركة :