حسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، ارتفع إجمالي الإيرادات بنسبة 80 في المئة، على أساس سنوي، نتيجة ارتفاع العائدات النفطية، إذ حقق ما يوازي 88 في المئة من تقديرات إيرادات الموازنة للعام كله. ويعزى ذلك بصفة رئيسية إلى ارتفاع سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 104 في المئة، على أساس سنوي، ليصل في المتوسط إلى 72.3 دولاراً للبرميل خلال تلك الفترة، كما زاد إنتاج النفط الخام هامشياً فقط (+ 2.8 في المئة على أساس سنوي، ليصل في المتوسط إلى 2.41 مليون برميل يومياً). وارتفعت الإيرادات غير النفطية 47 في المئة، على أساس سنوي، لتصل إلى 1.1 مليار دينار (60 في المئة من تقديرات موازنة العام كله). ويرتبط ذلك إلى حد كبير بزيادة "الإيرادات الأخرى" (+74 في المئة على أساس سنوي) – التي تمثل الإيرادات من الكهرباء والمياه والخدمات الحكومية الأخرى. وقد بلغ العجز المالي للكويت 1.2 مليار دينار بنهاية الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية 2021/2022 (أبريل إلى أكتوبر)، بانخفاض عن مستوى العجز المسجل بنهاية الفترة المماثلة من السنة المالية 2020/2021 بقيمة 3.8 مليارات دينار، وفقا للبيانات الأولية الصادرة عن وزارة المالية. الجدير بالذكر ان الكويت قد تسلمت مدفوعات تعويضات لجنة الأمم المتحدة (جراء غزو العراق للكويت في عام 1990) بقيمة 1.47 مليار دولار (0.4 مليار دينار) في أبريل ويوليو وأكتوبر من العام الحالي، بينما يتبقى مبلغ 629 مليونا للسداد. كذلك ارتفعت الضرائب والرسوم (29 في المئة من الإيرادات غير النفطية) بنسبة 3.7 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 0.3 مليار دينار، بفضل تعافي الواردات من تداعيات الجائحة. من جهة أخرى، بلغ إجمالي الإنفاق خلال الأشهر السبعة 10.8 مليارات دينار، بزيادة كبيرة بلغت 18.2 في المئة عن المستويات المسجلة في الفترة المماثلة من العام الماضي، مما يعكس جزئياً تأخير تسجيل المعاملات المالية خلال العام المالي السابق بسبب الجائحة. وقد ارتفعت النفقات الجارية (92 في المئة من إجمالي الإنفاق) بنسبة 16.6 في المئة، على أساس سنوي، إلى نحو 10 مليارات دينار، وسط زيادة رواتب الموظفين إلى 4.6 مليارات. كما ارتفع الإنفاق على السلع والخدمات (التي تشمل مشتريات الوقود لتوليد الكهرباء) بنسبة 22 في المئة على أساس سنوي إلى 1.8 مليار، في حين تراجعت المنح (التحويلات إلى الهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة) إلى 2.2 مليار (-27 في المئة على أساس سنوي). وبصفة عامة، يبدو أن الجهود الحكومية لتقليص النفقات خلال السنة المالية الحالية - التي تأتي ضمن خطوات أخرى تستهدف تخفيض الإنفاق الحكومي بنسبة 10 في المئة - قد اتت ثمارها، رغم أن الطبيعة المؤقتة للبيانات الأولية تشير لصعوبة تأكيد ذلك. ويبدو أن الإنفاق الرأسمالي، الذي كان ضعيفا خلال الشهرين الأولين من السنة المالية 2021/2022، قد اكتسب بعض الزخم بداية من يونيو، إذ ارتفع بنسبة 41 في المئة على أساس سنوي ليصل المتوسط الشهري له إلى 0.2 مليار دينار خلال الفترة الممتدة ما بين يونيو إلى أكتوبر. إلا ان الإنفاق الرأسمالي لايزال أقل بكثير من مخصصات موازنة العام كله، ممثلاً 33 في المئة من هذه المخصصات. ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي في الأشهر المقبلة في ظل رفع الحكومة للإنفاق الرأسمالي لهذا العام بنسبة 13.4 في المئة، ضمن الموازنة العامة ليصل إلى 2.6 مليار دينار. ووفقاً لوثائق الميزانية، سيتم توجيه تلك الأموال نحو تعزيز البنية التحتية (تطوير المطار: 0.4 مليار دينار، والرعاية الصحية: 0.14 مليار دينار). إلا انه استناداً إلى البيانات التاريخية، يتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية إلى حوالي 80 في المئة فقط (2.0 مليار) من مخصصاتها المدرجة في الموازنة العامة، مما سيساهم ذلك في خفض إجمالي النفقات إلى أقل من المستويات الواردة في موازنة السنة المالية. وبصفة عامة، استفادت الميزانية العامة للكويت بشكل واضح من ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة مع انخفاض العجز المالي بأكثر من المتوقع في السبعة أشهر الأولى من السنة المالية 2021/2022. كما قد يكون العجز في نهاية العام المالي أقل بكثير من تقديراتنا السابقة والبالغة حوالي 10.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً الجهود التي تبذلها الحكومة لخفض الإنفاق. وبينما نأمل أن يؤدي نجاح الحوار الوطني، وتشكيل حكومة جديدة في الفترة المقبلة إلى بعض المبادرات الملموسة نحو الإصلاح المالي، فقد ألقى شح السيولة الناجم عن شبه استنفاد أصول صندوق الاحتياطي العام الضوء على ضرورة إصدار قانون الدين العام الجديد، أو السماح للحكومة بالسحب من صندوق الأجيال القادمة، لتلبية احتياجاتها التمويلية على المديين القصير والمتوسط. وعلى نطاق أوسع، يجب إعطاء الأولوية للتنويع الاقتصادي، وإصلاحات القطاع الخاص، لتعزيز الإيرادات غير النفطية، والحد من تعرض الحكومة لتقلبات أسعار النفط.
مشاركة :