محمد بن سالم البطاشي بينما تتواصل المفاوضات في فيينا بين أطراف الإتفاق النووي سعيا إلى السلام، ونبذا لعسكرة المنطقة، حتى تتفرغ شعوب العالم لما هو أجدى وأنفع، بعد الركود الإقتصادي الذي خيم على العالم منذ بدء جائحة كوفيد-19، ومن أجل تعويض شعوب العالم قاطبة عن هذا الركود الكبير الذي أطبق على انفاس اقتصاديات العالم قاطبة. في هذا الوقت الدقيق نجد ان إسرائيل تهرول وتولول في كل مكان معلقة الرحماني الكبير في رقبتها تسمع العالم صوت طبول الحرب، صارخة من هول المصيبة التي تدعي إنها تنتظرها في حال توافقت الأطراف في مفاوضات فينا على حل يرضي الجميع. هذا الواقع يكشف مجددا من هو الطرف الذي لا يريد خيرا بهذه المنطقة، بل ويرعبه هدوئها وتقدمها وازدهارها، فإسرائيل تعتاش من القلاقل والحروب وعدم الإستقرار وتعتبر ذلك وسيلة فعالة لبقائها متفوقة دائما على جيرانها. إسرائيل الدخيلة على المنطقة تريد شعوب هذه المنطقة مهزومين أذلاء مستضعفين ومتخلفين متقاتلين يأكل بعضهم بعضا، ولم تدخر وسعا ولا جهدا في بث الفرقة والشقاق والكراهية بين دول المنطقة، لتبقى هي وحدها المتربعة على عرش القوة والهيمنة، وشواهد التاريخ والواقع تؤكد هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار، وعلى ذلك فإن العدو الحقيقي لهذه المنطقة هو إسرائيل لا غيرها، مهما حاولت الدعاية الصهيونية بأساليبها الشيطانية المختلفة إخفاء هذه الحقيقة، وادعاء خلاف ذلك.. وكيف وكيف يلحق عين الشمس نكران؟! تدرك الاطراف المشاركة في المفاوضات الحالية في مدينة فينا أن الفرصة سانحة للتوصل لاتفاق وانه لا مجال إلا للتوصل لاتفاق لأن البديل سيكون مدمرا للجميع بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لكن إسرائيل وحدها لا تريد هذا الإتفاق، فترى قادتها ابتداء برئيس وزرائها نفتالي بينيت مرورًا باستخباراتها إلى وزير خارجيتها (يائير لابيد)يجوبون أوروبا ويتصلون ويلحون على قادتها بالتزام التشدد تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويقدمون مزاعمهم المضللة عن برنامج إيران النووي، ونراهم يخترعون الأسباب ويخلقون الدوافع ويطبخون المكائد في دهاليز مؤسسات اللوبي الصهيوني المتنفذ في امريكا والدفع بكل جهود وسائل الضغط داخل الولايات المتحدة لحشد التأييد لوجهة نظرهم، بهدف جر الإدارة الامريكية نحو التشدد في مواقفها في المفاوضات الحالية تمهيدا لإفشالها. إسرائيل الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك أسلحة نووية هجومية بترسانة مرعبة تقدرها التقارير المتحفظة بمائتي رأس نووي، مع وسائل إطلاقها المتطورة من صواريخ وطائرات إف-35، وهي تريد أن تبقى إلى الأبد من يمتلك اسلحة الدمار الشامل، وتطلب من أمريكا واوروبا وربما العالم اجمع أن يحارب إيران نيابة عنها، لتبقى هي وحدها صاحبة اليد العليا في المنطقة، وفي سبيل ذلك وإمعانا في ابتزاز العالم تلوح إسرائيل بانها مستعدة للذهاب إلى الخيار العسكري وحدها، وتروج بقدر كبير من التهويل مزاعم تدعي إن لديها معلومات استخباراتية عن برنامج إيراني نووي سري، يهدف إلى إنتاج اسلحة نووية، وتدعي أنها عازمة على منع إيران من الحصول على السلاح النووي بكل الوسائل بما في ذلك الهجوم العسكري المباشر على المنشآت النووية الإيرانية، وهي تعلم علم اليقين إنها كاذبة، وإنها أعجز وأجبن من الإقدام على خطوة كهذه، لأنها متأكدة من قسوة الرد وقوة الردع الإيراني وتنوعه شكلًا ومضمونًا. إسرائيل تستغفل العالم أجمع باستكانتها وولولتها وتهويلها لحجم الخطر المزعوم المحدق بها، متجاهلة من إنها القوة النووية الوحيدة، في منطقة تخلت دولها طواعية عن الخيار النووي بانضمامها إلى معاهدات منع الإنتشار النووي وبقيت إسرائيل هي الدولة الوحيدة المارقة التي لم توقع على هذه المعاهدات، وهي بذلك تعتبر القوة النووية الغير شرعية التي لا يمكن لفرق التحقق النووي دخولها، فمن يهدد المنطقة بل والعالم أجمع؟
مشاركة :