استمرار الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية دون الوصول الى تسويات عادلة يفتح كل أبواب الجحيم والإرهاب في المنطقة والعالم، فالممارسات الإسرائيلية التي تتم عبر إرهاب الدولة في تعاطيها مع الشعب الفلسطيني بغطاء من القوى الغربية لا يتصوّر أن تقود الى تسليم بما تفرضه على أرض الواقع لأن ذلك ضد المنطق وحقائق التاريخ، ولم تكن هناك قوة محتلة مستقرة في احتلالها على مدار التاريخ وإنما هناك مقاومة الى أن تزول كل مظاهر ذلك الاحتلال. السفور الإسرائيلي في استباحة الأراضي الفلسطينية انتهى بنا أخيرا الى ثورة السكاكين، وتلك ترجمة للقهر الذي يرزح تحته الفلسطينيون ولا يجدون دعما أمميا يقود الإسرائيليين الى طاولة تفاوض أو تقديم تنازلات مهمة، وبذلك تتعقد القضية لأننا نظل في وجه تعنّت واستعلاء يرفض كل الحلول والتسويات والمعالجات التي يمكن أن تضع حدا للصراع، خاصة في ظل وجود تيارات يهودية متشددة ومتباينة في توجهاتها السياسية مما يشكّل عامل ضغط على الحكومات الإسرائيلية ويجعلها ترضخ بسهولة لمطالبها. وفي الواقع نحن أمام تحديات معقدة في تعاملنا مع الكيان الصهيوني، أول ذلك التنازع حول القدس التي يستمر المتطرفون اليهود في الافتراء على أحقيتهم بها والزعم بوجود موروثات يهودية تجعلهم يسعون للسيطرة الكاملة عليها، ودليل ذلك الحفريات التي تحدث حاليا تحت الأقصى والحديث الكثيف عن الهيكل المزعوم، وذلك يعتبر أحد أخطر تعقيدات القضية ولا يمكن دون تفنيد علمي للهوس اليهودي بالأراضي المقدسة أن نصل الى حل حاسم ونهائي يقود الى استقرار في الأراضي المحتلة. العامل الآخر، هو الاستيطان الذي يتمدد عشوائيا في الأراضي الفلسطينية ويعمل على تآكل حقوق الفلسطينيين في أراضيهم، وحتى مع اتفاقيات أوسلو فإن الفلسطينيين يفقدون تلك الأراضي تدريجيا ومعها المقدسات التي تزيد اشتعال الحريق وتنتج التطرف وتثير المرارات والأحقاد، ولا يمكن السيطرة على حريق له عمقه الديني ذلك يؤجج الصراعات ويزيد معدلات التطرف والإرهاب لتصبح إسرائيل بذلك عاملا مؤثرا في توتر استقرار المنطقة وتهديد الأمن والسلم الدوليين، فهي تساعد عصابات المستوطنات وتدعمهم بقوة الأجهزة الأمنية فيما تتعسّف مع الفلسطينيين المدنيين العزّل وتمارس أبشع وسائل وأساليب التنكيل بهم بل ومباشرة القتل بإفراط. لا يمكن بهذه الحيثيات أن تكون الدولة الصهيونية جزءا من أمن وسلام المنطقة والعالم، لأن استراتيجياتها قائمة على العنف وانتاج الصراع بصورة دراماتيكية مؤسفة، ما يجعل من الطبيعي أن تغيب الحلول وتبطؤ، فهي فيما تشعل الحرائق تحرق معها كل فرصة مثالية للتفاوض وتجعله مستحيلا خاصة مع رفضها لمبادرة السلام العربية ورفضها التفاوض وفقا لمعطياتها ومبادئها لأنها غير راغبة في السلام وليس في أدبياتها السياسية، لتصبح بذلك هي كل المشكلة المنتجة لثورة السكاكين اليوم وغدا، لأن المقاومة لن تتوقف وستتعدد خياراتها سلما أو عنفا وصولا الى مبتغاها، حتى أن الإسرائيليين أنفسهم استخدموا كل الوسائل غير المشروعة لاحتلال فلسطين والاستمرار في ذلك، ولا ينسى التاريخ عصابات الهاجاناه الارهابية واعمالها وغيرها من العصابات، لذلك من الضروري أن يعمل المجتمع الدولي على تجريد إسرائيل من الغطاء الداعم لها في سلوكها العسكري والأمني والتوقف عن الهدر الإنساني والجلوس للتفاوض حتى يستقر العالم ويحصل على أمنه وسلامه.
مشاركة :