الإسكان ورسوم الأراضي البيضاء !! أين الحل ؟؟ (3)

  • 11/10/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تزداد مشكلة السكن في المملكة تعقيدا يوما بعد يوم، لارتباطها المباشر بجميع فئات المجتمع المواطن والمسؤول والتاجر والفقير والمشتري والبائع والمستثمر والمطور والعقاري والبنك الممول ولم تعد تحديا اجتماعيا فقط بل أصبحت تحديا اقتصاديا وسياسيا وأمنيا. وتعد أزمة السكن واحدة من أخطر وأعقد الأزمات التي تعيشها المملكة منذ وقت طويل، وتحتاج إلى مناقشات مجتمعية، وآراء خبراء، واستعانة بأهل الخبرة من المتخصصين من بعض الدول لدراسة تجاربها في حل هذه الأزمة، بل لا يكفي لحلها إقالة وزير وتعيين آخر، لأن حل مثل هذه المشكلة أكبر من جهد وزير بل هي منظومة لابد من تعاون كافة مؤسسات الدولة الفاعلة للخروج من نفق هذه الأزمة. وأول الحلول لأي مشكلة هو الاعتراف بهذه المشكلة، ووجودها بل وخطورتها على أمن واستقرار المملكة، وكذلك الاعتراف أننا لم ننجح في حلها بل وأن جميع الحلول المقترحة حتى تاريخه لا ترتقي إلى مستوى المشكلة نفسها. ولعل غياب التخطيط منذ البداية، وعدم إعطاء هذه المشكلة الاهتمام الكافي أدى إلى تفاقم ارتفاع أسعار الأراضي والأراضي غير المطورة، والتقاعس في تنفيذ الخطط التنموية الخمسية، وعدم قيام الجهات الحكومية، كل فيما يخصها، باستشعار الخطر ووضع الحلول الملائمة لها قبل وقوعها، وغياب الرقابة على الشركات والمكاتب العقارية، واحتكار الأراضي البيضاء من قبل بعض رجال الأعمال والتلاعب بأسعار الأراضي. ومازالت المدائن باب المناقشة مع خبراء العقار حول أسباب المشكلة وسبل حلها، وأهمية قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، فقد طالب المستثمر العقاري بندر بقشان بضرورة وجود آلية واضحة لتنفيذ قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، مشيرا إلى أن هذا القرار سيكون له مردود إيجابي على المستهلك والعقار لأنه سيحفز ملاك الأراضي على تطويرها وبالتالي كثرة المعروض منها مما يسهم في انخفاض أسعارها. وأكد أن السبب الرئيس فيما تشهده المملكة من أزمة إسكان هو وجود مساحات كبيرة من الأراضي الخام الغير مطورة خارج النطاق العمراني، وأن تحرك سوق هذه الأراضي كفيل بانتعاش حركة السوق وحركة البيع والشراء والبناء والتأجير. وحول مطالب البعض بضرورة وجود توسع رأسي في العقارات الجديدة أشار إلى أن هذا الأمر يحتاج لتطوير كبير للبنى التحتية وشوارع جديدة وتوفر الكثير من الخدمات التي قد لا تتوفر في الوقت الراهن وقد لا يسمح التنظيم الحالي للمدن بتطبيق هذا الأمر. وأثنى على قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتوفير مبلغ 20 مليار ريال لإيصال الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصرف إلى المخططات الجديدة، مطالبا بضرورة إنشاء أحياء جديدة في أطراف المدن، وكذلك إنشاء مدن جديدة كالتي يتم إنشاؤها في شمال غرب الرياض على طريق صلبوخ والتي تقيمها دار الأركان. كما طالب بضرورة قيام وزارة الإسكان بدور كبير حل مشكلة الإسكان، عن طريق تحديد المطلوب والأفكار الجديدة لدى المستثمرين والمطورين العقاريين، ومناقشة ما تم إنجازه ومعرفة أسباب الإخفاق فيما لم ينجز، مشيدا في الوقت ذاته بما يتم تداوله من تخفيض اشتراطات وزارة الإسكان للمواطن من توفير قيمة 30% من قيمة العقار إلى 10 %. بينما يرى المستثمر العقاري فراج السبيعي أن فرض أي رسوم على الأراضي البيضاء لن يكون حلا، بل سيؤدي لارتفاع سعر الأرض بصورة كبيرة، خاصة أن هذه الرسوم لن تفرض على الأراضي التي تقع داخل المدن، أما الأراضي الخام فيملكها كبار التجار ولن يقوموا ببيعها، ويتساءل لماذا تفرض علي رسوم وما ذنبي؟ والأراضي بيضاء لا خدمات بها، والأولي حث وإجبار أصحاب الأراضي داخل المدن على بنائها لأن أزمة السوق ليست في الأراضي الخام. ويرى السبيعي أن حل المشكلة في تحفيز ملاك الأراضي داخل المدن على بنائها عن طريق منحهم قروضا ميسرة للبناء على أن تقسط على مدد مريحة، وكذلك ضرورة وجود دعم من الدولة بدون أي فوائد للمواطنين الراغبين في بناء شقة أو مسكن، وكذلك تحديد مدة محددة لإنهاء قرض الإسكان للمواطن بدلا من الانتظار عشرات السنوات. ويشير المستثمر العقاري محمد المزروع، أن أسعار السكن ارتفعت خلال السنوات الأربع الماضية بصورة كبيرة، فاقت قدرات الكثير من المواطنين، وذلك بسبب غياب أي نوع من الرقابة على التجار، وأصبح السوق العقاري سوقا بلا تنظيم فلا تتعدى نسبة الرقابة 20% والكل يقوم برفع الأسعار دون حسيب أو رقيب، حتى صرنا نرى عجبا وهو تجاوز أسعار بعض الأراضي البيضاء أسعار بعض الفيلات داخل المناطق السكنية، والحل في ضرورة القضاء على أسباب ارتفاع الأسعار، وفرض رسوم على صغار تجار الأراضي لإجبارهم على النزول بالأسعار، وتدخل الدولة المباشر في تنظيم هذا السوق، الذي فقدت وزارة الإسكان أي سيطرة عليه بل يخضع لمعايير كبار التجار وأهوائهم. ويؤكد أنه رغم ما قامت به الدولة من جهود لحل مشكلة السكن، إلا أن هذه المشكلة ما زالت قائمة، حيث تمثل نحو (60 في المائة) من مشاكل المواطن السعودي التي تنعكس سلبا وتؤثر على حياته وترتبط فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة العديد من المشاكل الأخرى حيث تقول بعض الإحصائيات، بأن 75 في المائة من مواطني المملكة لا يملكون مساكن خاصة بهم و(60 في المائة) من دخل المواطن السعودي يصرف على السكن. بينما يؤكد المستثمر العقاري فهد الحصين أن سوق العقار غير متحرك بسبب قلة الأموال، وارتفاع متر الأرض إلى أكثر من 2500 ريال في بعض المناطق بعد أن كان السعر لا يتعدى ألف ريال، ووجود فجوة كبيرة بين وزارة المالية والإسكان، بالنسبة للمقاولين الذين توقف الكثير منهم عن العمل في بعض مشروعات الإسكان بسبب عدم حصولهم على مستحقاتهم وتأخرها بشكل كبير. ويطالب العقاري فهد الخلف بضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين في حل هذه المشكلة ومنها التجربة الإماراتية، والذي تقوم على قيام الدولة ببناء المساكن وتسليمها للمواطنين بالاشتراطات التي تراها وأي مواطن لا يرغب في تسلم عقاره فليس له الحق في مطالبة الدولة بسكن، وهذه التجربة قامت بها المملكة من قبل في حي الجزيرة ولاقت نجاحا كبيرا، وكذلك يجب الاستعانة بكبرى الشركات العالمية في مجال الإنشاء العقاري، فهي كفيلة بتسريع وتيرة البناء وفي فترة وجيزة وبمواصفات عالية. ويؤيد العقاري محمد الصالح فرض رسوم على الأراضي، ولكنه يتساءل عن الآلية التي يتم بها فرض مثل هذه الرسوم، وما الضمان بأنها ستؤخذ من مالك الأرض وليس من المستهلك البسيط مثل رسوم الجمارك التي تحمل في النهاية على المستهلك دون غيره، بينما يعارضه العقاري محمد عبد العزيز الناصر الذي يرى أن الإشكالية في قرار مثل تطبيق الرسوم عند من لا يدفع فكما أن هناك من لا يدفع الكهرباء ولا المياه ستجد من لا يدفع مثل هذه الرسوم، لأنه يعتبر نفسه فوق المواطن، وينصح كل أب بالبناء لأولاده شقة فوق منزله خوفا من المستقبل الذي قد لا يجد فيه أولادنا مجرد شقة سكنية يأويهم من برد الشتاء وحر الصيف إذا استمرت أزمة السكن دون حل جذري من الدولة يشعر به المواطن البسيط.

مشاركة :