كان التهافت بالأمس يجري على التقاط صورة تذكارية بجانب مسؤولي المؤسسة ؛ حيث يقطع كبيرهم تورتة الاحتفال بفرحة ما تم من إنجازات؛ وذلك لإطلاع الجمهور على ما تحقق من أهداف. هذا المشهد أستحضره من باب التشبيه فقط، لأنقل لكم الصورة الجماعية لتقطيع التورتة، والتي تذكرني بأساليب التسويق التقليدية التي كانت متبعة قديمًا؛ حيث كان معيار النجاح هو الظهور الإعلامي ونشر الإعلانات بوسائل الإعلام المرئية والمقروءة. أما اليوم، فباتت الأداة الأهم والأدق لتقييم العمل المؤسسي؛ هي قياس رضا الجمهور عن المنتجات أو الخدمات المقدمة، ومدى تأثيره على أفراد المجتمع، وقياس المستثمرين مدى مصداقية التعامل مع المؤسسات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. ولا ينطبق ذلك على الشركات فحسب، بل أيضًا على المؤسسات الحكومية التي تقدم خدمات للجمهور؛ فقد تُبيِّن تغريدة واحدة أو تصريح من مسؤول مدى رضا أو استياء الجمهور؛ ما يمثل إما ترويجًا إيجابيًا للمؤسسة، أو تهديدًا لسمعتها. قد يرى البعض أن ذلك مجرد تعبير عن رأي، لكن الأمر أعمق من ذلك بالنسبة للمحللين التسويقين؛ إذ يعتمد أغلب المستثمرين على تحليل رد فعل الجمهور وقياس رواج المنتج، وسمعة المؤسسة؛ من خلال قياس تأثيرها على المجتمع، ومدى تفاعل الجمهور مع فعاليات ومشاركات المؤسسة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يسمى بالتسويق الفيروسي. ويُعرف التسويق الفيروسي بأنه استراتيجية عمل تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لمنتج أو خدمة ما؛ وذلك بقيام المستهلكين بنشر معلومات حول المنتج، وتبادلها مع آخرين، بما يشبه طريقة انتشار الفيروس من شخص إلى آخر. تقوم فكرة التسويق الفيروسي على وصول المحتوى إلى مستخدم «مستعد»، يصبح «مصابًا بالعدوى» (أي متقبلًا للفكرة)، ثم يشاركها مع الآخرين «ناقلًا العدوى إليهم»، حسب مصطلحات القياس الفيروسي. التسويق العاطفي للتسويق الفيروسي عدة أنواع؛ منها: العاطفي، المُحَفِز، الهندسي، المحظوظ، باستخدام التمرير، والصاخب. ونتطرق هنا إلى التسويق الفيروسي العاطفي الذي تبلغ نسبة نجاحه 100 %؛ لاعتماده على العواطف؛ إذ تثير مشاعر الجمهور- مثل الضحك، الحزن، الغضب، والحب.. إلخ- ما يؤدي إلى رد فعل عاطفي تجاه المنتج أو الخدمة، محققًا بذلك سرعة الانتشار. وتكمن قوة التسويق الفيروسي العاطفي في أن العواطف تجبر المستهلك على مشاركة المحتويات مع المعارف والأصدقاء؛ كون المحفزات العاطفية تدفع العميل الراضي عن المنتج إلى مشاركة “خبرة العميل” الجديدة مع من حوله. فوائد التسويق الفيروسي تُعد تكاليف التسويق الفيروسي هي الأقل، مقارنةً من أنواع وأساليب التسويق الأخرى؛ حيث ينتشر المحتوى بسهولة من شخص إلى آخر، وفي المقابل قد تكون تكلفة إنشاء محتوى للتسويق الفيروسي باهظ الثمن مما إذا قامت شركة تخصصية بصناعة المحتوى المثير للجدل والاهتمام، وعليه العائد سيكون أكبر من قيمة الحملة نفسها. كذلك، يُعد هذا النوع من التسويق غير إجباري؛ فقرار المشاركة وإعادة توجيه الرسالة متروك للشخص نفسه؛ وبالتالي فإنه أسلوب محبذ جدًا للاستخدام؛ لما له من تأثير عالٍ، فعندما ترى رسالة من مصدر معروف أو شخص معروف، فإنها تحظى بمزيد من الاهتمام وتترك تأثيرًا مباشرًا على تفكيرك ورأيك. ينمو هذا النوع من التسويق بشكل هائل؛ عبر مواقع التواصل الاجتماعي ؛ حيث يصل بشكل أسرع وأوسع لشريحة أكبر من الجمهور؛ وبالتالي فإن النمو السريع سيحقق الأهداف التجارية بشكل أكبر وأسرع. استطاع التسويق الفيروسي أن يجذب الشباب وهم الفئة الأصعب جذبها بأساليب التسويق التقليدي؛ لذا يُعد التسويق الفيروسي من أفضل أنواع التسويق من حيث قدرته على الوصول إلى جيل الشباب، الذي يهتم جدًا بالتكنولوجيا؛ لذلك فإن معظم من يستخدمه، شركات الاتصالات، وشركات الهواتف النقالة. ومن أبرز سمات التسويق الفيروسي عدم محدوديته؛ إذ يخترق الحدود الجغرافية؛ ما يؤدي إلى سرعة انتشار العلامة التجارية وتحقيق الأهداف المرجوة منها. استخدم مصطلح الإستراتيجية الفيروسية لأول مرة في التسويق في عام 1995، في عصر ما قبل التسويق الرقمي، بواسطة فريق إستراتيجي في Chiat / Day Advertising في لوس أنجلوس TBWALA)) بقيادة لورين كيتش وفريد ساتلر؛ وذلك لإطلاق أول بلاي ستيشن من شركة Sony Computer Entertainment. ووفقًا لأندرياس كابلان ومايكل هاينلين؛ الباحثين في التسويق، فإن عوامل نجاح التسويق الفيروسي، تكمن في 3 معايير: الرسالة المناسبة، والأشخاص المناسبون، والبيئة المناسبة. أساليب التسويق الفيروسي تتمثل أهم أساليب التسويق الفيروسي في تحسين مواقع التواصل الاجتماعي، وتحسين محركات البحث (SEO)، والتسويق المؤثر (SMO)؛ من خلال مقاطع الفيديو، الهدايا، العاطفة، المفاجأة، تمكين التنزيل والمشاركة، التوعية الاجتماعية، ومشاركة العملاء. وتتمثل مبادئ التسويق الفيروسي في عدة نقاط: جمع البيانات الشخصية لمستخدمي مواقع التواصل، وتحليل السوق عن كثب، وتحليل كثافة الكلمات الرئيسة باستمرار؛ حتى يسهل دخول المستخدم، الصفحة الخاصة بالمؤسسة. ومن خلال تطبيق هذه المبادئ الثلاثة، تستطيع المؤسسة تصميم نموذج إعلاني مطابق مع عملائها المستهدفين لتحقيق تأثير فعال. وتُقاس معايير نجاح الحملة التسويقية الفيروسية من خلال مراقبة سلوكيات الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي كإنستجرام، وتويتر، وفيس بوك… إلخ؛ حيث تستطيع المؤسسة تحليل التفاعل من خلال عدد المشاهدات ومرات الإعجاب، وإعادة التغريد، إلى جانب إحصائيات المواقع لخاصية الحسابات التجارية؛ حيث يستطيع صاحب المؤسسة التعرف على نوعية جمهوره، والفئة العمرية، والموقع الجغرافي، والوقت المناسب لنشر الإعلانات، وعدد ونوعية المشاركات والمشاهدات للمحتوى، وعدد طلبات المعلومات، والتعليقات، وعدد المتابعين. ويمكن لاستطلاعات آراء الجمهور تقييم درجة معرفة الجمهور بالعلامة التجارية، فيما يتعلق بمواقفهم تجاه العلامة التجارية؛ إذ تُعد التدابير السلوكية جوهرية؛ لأن التغيير في سلوك المستهلكين وقرارات الشراء؛ هو هدف الحملات الفيروسية. ومن المتوقع أن يؤدي سلوك المستهلكين إلى مساهمات في صافي أرباح الشركة؛ ما يعني زيادة المبيعات من حيث الكمية والعائد المالي، فعند قياس التغييرات في حجم المبيعات، يحتاج المسؤولون إلى مراعاة العوامل الأخرى التي قد تؤثر على المبيعات إلى جانب أنشطة التسويق الفيروسي. خوارزميات التسويق كثيرًا ما يُستخدم الأشخاص المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي في التسويق الفيروسي؛ فكان بوب جيرستلي من أوائل من كتبوا عن خوارزميات تحديد المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بخوارزميات SNPفي أبحاث التسويق الكمي، ثم في عام 2004، أصبح متاحًا تحديد الأشخاص المؤثرين في أي حملة فيروسية. وقد عزز هذا من ظهور المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فأصبحت الشركات تستعين بهم للترويج لمنتج أو خدمة ما، أو لصياغة محتوى يثير الجدل؛ ما يحقق زيادة في المبيعات. وتستخدم الخوارزميات رموزًا وشفرات تحدد توجه المستخدم لمواقع البحث والتواصل الاجتماعي؛ فعلى سبيل المثال: نجحت دائرة الشرطة بشيكاغو في عام 2014، في تحديد أي زوار المدينة هم الأكثر احتمالًا للانخراط في الجرائم؛ وذلك بقيام الكمبيوتر بتحديد قائمة بأشخاص لم يخضعوا لأي تحقيقات؛ باستخدام خوارزمية التنبؤ بالسلوك الإجرامي مستقبلًا؛ من خلال زيارة مواقع البحث ومواقع التواصل الاجتماعي. هنا يتضح لنا أهمية ودور التسويق الفيروسي؛ وذلك بفهم أنواعه وآلياته وأساليبه وفوائده وخوارزمياته التي تتحكم في سلوك الجمهور على الإنترنت، والتي تؤثر بالفعل في قرارات الشراء. اقرأ أيضًا: أزمة سلاسل التوريد العالمية أهمية المعرفة في نجاح المؤسسة سِرك ليسَ في بِئر الإذاعة.. وتعطل فيس بوك الرابط المختصر : يرجى ترك هذا الحقل فارغا مرحبا 👋 سعداء بالتواصل معكم قم بالتسجيل ليصلك كل جديد نحن لا نرسل البريد العشوائي! اقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيد من المعلومات. تحقق من علبة الوارد أو مجلد الرسائل غير المرغوب فيها لتأكيد اشتراكك.
مشاركة :