يدعي السياسي في بلاد الغرب ضمن حملته الانتخابية بأنه يمثل الشعب ويحاول فرض هذه القناعة ليتم انتخابه أو إعادة انتخابه. وتستخدم في ذلك الوعود والكلمات الرنانة، لكنه عند تولي القيادة سواء كان رئيس دولة و رئيس حكومة أو مسؤول منتخب، ينسى بعض الوعود فتفرض عليه أجندة الجهات الداعمة أو القاعدة الإنتخابية، إلخ. رئيس وزراء كندا الأسبق حينما تمكن من الاستمرار في دفة القيادة بفضل تدفق مداخيل البترول وتحسن الاقتصاد واستخدامه سياسة الترويع للكنديين بأن الأخطار والإرهاب تحدق بهم، كما هي عادة حكومات المحافظين وأبرز أوجهها العالمية جورج بوش الابن. الكنديين لم يعودوا يحتملون ذلك وهم البلد متنوع العرقيات والأديان والمهاجرين، ولم تعجبهم سياسة حكومة المحافظين الغير متحمسه للاجئين العرب والتي ترى الإسلام أحد صور الإرهاب والتي أعادت كندا للوراء في علاقاتها الدولية. أختار الكنديون وبأغلبية لم تكن متوقعة حتى للمراقبين قبل شهر من الانتخابات حكومة جديدة يتزعمها الليبراليون، ورئيسهم المنفتح على التنوع وقبول الآخر وإدراك قيم كندا المنفتحه - نظام الانتخابات الكندية برلماني وليس رئاسي. وقد كان واقعياً، حين لم يخدع الكنديين بقوله أنه سيلغي عجز الميزانية، بل أشار إلى وجودها وبأن الدين ليس عيباً حينما يكون في صالح الاقتصاد والبنى التحتية للبلد، ومع تحسن الاقتصاد ستعود العجلة لتتحسن ويتم إصلاح العجز خلال سنوات... المفاجأة الجميلة لم تكن في ذلك فقط، وهي التي جعلتني أكتب عن وجه كندا الجديد. المفاجأة هي في تحقيق وعده باختيار حكومة تمثل كندا. فكيف فعل ذلك؟ جاءت حكومة جستن ترودو - رئيس وزراء كندا الجديد - متجاوزة جميع التوقعات في تمثيلها وتنوعها، حيث شكلت مناصفة بين الرجال والسيدات وهذا تمثيل يعكس تنوع السكان، وتم إختيار وزيرة - أصغر وزير وعمرها 30 عاماً - أصولها أفغانية وجاءت لاجئة إلى كندا هي ووالدتها وأخواتها. لم تتوقف المفاجآت هنا بل اختار وزيرين من ذوي الإعاقات ووزيرين من السكان الأصليين (ممن كان يطلق عليهم في مصطلح أصبح مرفوضا الهنود الحمر). وزير العدل اختيرت امرأة ووزير الدفاع اختير من طائفة السيخ. وكان هناك وزير ملحد وعلى الأقل وزير مسلم وهذا تمثيل لم يسبق حدوثه بهذا التنوع في تاريخ أية دولة أخرى. كندا تتغير بشكل حقيقي وليس بمجرد تغيير شخص رئيس الحكومة، وبخبرة السنوات الأخيرة فإن حكومة المحافظين الكندية لم تكن على ود وصداقة مع العرب، بما عهدناه من حكومة الديموقراطيين التي سبقتها. الآن يوجد حكومة جديدة منفتحة وهي فرصة إلى إعادة ترميم وتحسين العلاقات العربية مع كندا، أو الخليجية تحديداً، بما يخدم مصالحنا المشتركة وبما يدعم القضايا العربية المختلفة. كندا بلد ذو صبغة اجتماعية لديها ميزات وخبرات يمكننا الاستفادة منها بشكل كبير، ولعل أهمها التعليم الكندي المتميز والنظام الصحي والتدريب الصحي والنظام الاجتماعي أو السياسات الاجتماعية التي تميز كندا عن كثير من دول العالم. تحديداً توصف كندا بأنها ضمن أفضل البلدان في العناية بذوي الدخول المحدودة والمتوسطة بفضل سياساتها الاجتماعية. مما يجعل الاستفتاءات الأممية تختارها بشكل متكرر ضمن أفضل البلدان التي يرغب الناس العيش فيها أو الهجرة إليها، بعد بلدانهم الأصلية. البعض في بلادنا يجهلون كندا يعتقدون أنها نسخة من الولايات المتحدة وهذا مخالف للواقع حيث النظام الرأسمالي التجاري البحت في الولايات المتحدة يجعلها دولة غنية، لكنها من الدول السيئة في مجال السياسات الصحية والاجتماعية. لذلك نرى ضرورة الاطلاع والبحث عن قرب في السياسات الكندية الاجتماعية والصحية والتعلم منها. بالطبع لا نغفل الجانب التجاري والتقني لكندا، كدولة بترولية ودولة تملك أطول خطوط سكك حديدية وجامعات ضمن الأفضل على مستوى العالم، كما تتميز بثروتها الزراعية إنتاج الأخشاب وغير ذلك من المزايا التي تجعلها ضمن الدول الصناعية المتقدمة. مقالات أخرى للكاتب الخطر في مدارسنا جامعة الملك عبدالعزيز والهدر الأكاديمي ثقافة خدمة العملاء.. وأخلاقيات القرارات حضورنا الخارجي إعلامياً وثقافياً الفالح شخَّص مشكلة الاعتماد والتقويم والجودة
مشاركة :