نادراً ما أكتب عن الأشخاص، رغم أن هناك كثيرين عبروا في حياتنا على المستوى الشخصي أو المستوى العام يستحقون التقدير وأن يكتب عنهم ولهم صفحات عديدة. وفي حال كتبت فإن ذلك يأتي غالباً في باب الوفاء. وهذا ما أفعله اليوم، أكتب وفاءً وتقديراً لزميلي الدكتور علي البشري الملحق الثقافي السابق في كندا، وقد ترجل مؤخراً عن دفة قيادة ملحقية كندا بانتظار رحلة عملية أخرى في مكان آخر من هذا العالم. حينما حاولت أن أقول كلمة في الحفل الوداعي الذي أقامه سعادة الملحق الثقافي الحالي للدكتور البشري وبرعاية كريمة من سعادة السفير السعودي في كندا، احترت في اختيار المفردات (ارتجالا) وكان مطلوباً مني الاختصار قدر الإمكان، كما هو مطلوب مني هنا عدد كلمات محدودة. طبعاً لن أتحدث عن فلسفة وتقنية العمل، فلـكل طريقته ولا يوجد طريقة واحده هي الأفضل أو الأسوأ، لكن هناك سمات نحفظها لبعض القادة الإداريين تبقى في الذاكرة وفي الذهن، والدكتور البشري اشتهر بحب المبتعثين له سواء حينما كان في استراليا أو كندا واحسب أن السر يكمن في أول كلمتين أو عبارتين قالهما لي في أول لقاء به. الأولى تبين الفلسفة التقنية للعمل؛ نحن نتعامل مع آلاف الطلاب وكلما نجحنا في التواصل معهم ومع الموظفين ومع جهات الابتعاث ومع الجامعات الكندية، كلما تميز عملنا. التواصل.. التواصل.. التواصل (كما كررها) الفعال والإيجابي هو سر نجاحنا. العبارة الثانية وهي الأهم تمثل المبدأ العام الذي عرف عنه الدكتور البشري ويمثل الإشعاع في التعامل مع المبتعثين؛ كن رحوماً قدر المستطاع مع المبتعث وبالتأكيد مع الموظف. نعم؛ نحن مؤتمنون على مبتعثينا وفي مقام أسرهم، نتلمس قضاياهم ونساعدهم قدر الإمكان ووفق ما تسمح به الأنظمة. لم يترك هؤلاء المبتعثين، صغاراً و كباراً، وطنهم واختاروا تحصيل العلم في الغربة، إلا رغبة في النجاح فلنكن عوناً لهم. بعضهم يجيد درب النجاح ويستحق مزيداً من التحفيز وبعضهم، إما لنقص الخبرة أو عدم إجادة الاختيار أو لتزاحم المغريات في حياته، مهمتنا مساعدته لتجاوز عثراته الأكاديمية والاجتماعية والأخذ بيده لجادة السبيل الموصل لناصية الحلم الذي قدم لأجله. وراء كل مبتعث أم/ أب/ أسرة/ أصدقاء/ جماعة ينتظرون عودته سالماً مكللاً بالنجاح، فلنستشعر ذلك قبل إصدار الحكم على أي مبتعث. كما أن دولتنا لم تصرف ملايين الريالات ليعود أبناؤها بالفشل وإنما لينجحوا ويكونوا رافداً للوطن والتنمية.. الدكتور علي البشري أكبر فيه دعمه للمواقف الإنسانية، فما عرضت عليه حالة إنسانية لموظف أو طبيب أو طالب، إلا وكان داعماً ومؤازراً ومبادراً في الاهتمام بها. وهذا جانب أضاف له حباً وتقديراً لدي ولدى المبتعثين والموظفين... دعواتنا للدكتور البشري بالتوفيق في مهامه الجديدة، ولعله من حسن حظ ملحقية كندا أن يكون خلفه رجلاً فاضلاً متمكناً وملماً بطبيعة وتفاصيل العمل، بحكم تأهيله وخبراته السابقة، وألا وهو سعادة الدكتور فوزي بخاري، نسأل الله له العون والسداد في مهمته الجديدة. هذه كندا؛ تدفئ صقيعها القارس بإشعال قناديل الحب للمغادر والقادم...
مشاركة :