اقتصادات دول الخليج تحقق أقوى تعافٍ معززٍ بنمو القطاعات غير النفطية

  • 12/9/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعاود اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لمسار النمو الكلي بنسبة 2.6 % في عام 2021. جاء ذلك في الإصدار الأخير من تقرير البنك الدولي عن آخر المستجدات الاقتصاديّة لمنطقة الخليج تحت عنوان "اغتنام الفرصة لتحقيق تعافٍ مستدام"، ويؤكد التقرير أن التعافي القوي في هذه البلدان، الذي يعود إلى نمو القطاعات غير النفطية والارتفاع الذي شهدته أسعار النفط، سوف تتسارع وتيرته خلال عام 2022 بالتوازي مع الإلغاء التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط وفقاً لاتفاق أوبك+، وتحسّن الثقة لدى مؤسسات الأعمال، وجذب استثمارات إضافيّة. وقلّصت الظروف المواتية في سوق النفط من الاختلالات التي طالت حسابات المالية العامة والحسابات الخارجيّة لهذه البلدان، مع انتعاش عائدات صادراتها. ورغم ذلك، فإن الآفاق المستقبليّة متوسطة الأجل تبقى عرضة للمخاطر الناشئة عن التباطؤ في وتيرة التعافي العالمي، وتجدّد تفشّي فيروس كورونا، وتقلبات قطاع النفط. ويركّز التقرير على وجوب معالجة فاتورة الأجور، وهي مقدار الإنفاق الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي على الرواتب والمزايا التي تمنحها للموظّفين الحكوميّين، وتُعتبَر وظائف القطاع العام ذات الأجور العالية جزءًا من العقد الاجتماعي السائد في المنطقة، بالإضافة إلى الرعاية الصحيّة المجانية، والتعليم، ومزايا الضمان الاجتماعي، ودعم المرافق والإسكان، وهي المزايا التي غالبًا ما يحظى بها المواطنون أيضًا. وتعليقاً على هذا التقرير، قال عصام أبو سليمان، المدير الاقليمي لدائرة دول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي: "مع ما تشهده دول مجلس التعاون من الارتفاع في معدلات النمو السكاني والخيارات المحدودة التي يوفرها القطاع الخاص، باتت فاتورة الأجور غير مستدامة في بعض هذه الدول، بما أنّها تشكل جزءًا كبيرًا من الإنفاق الحكومي ومن الاقتصاد بشكل عام. ونظرًا إلى التحسّن في وضع المالية العامة لهذه الدول، فقد أصبحت الفرصة سانحة لحكوماتها لتسريع وتيرة تنفيذ أجندتها الإصلاحيّة وتحقيق الأهداف التي سبق ووضعتها لنفسها". ووفقاً لما أورده التقرير، فقد تجاوز متوسط فاتورة الأجور في مجلس التعاون الخليجي خلال العقدَيْن الماضيَيْن متوسطها في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، باستثناء قطر والإمارات. ولدى العديد من دول مجلس التعاون الخليجي قطاعات عامة تتوافق مع معايير الحجم السائدة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من حيث عدد الموظّفين، ومع ذلك، يتقاضى الموظّفون الحكوميّون بدول المجلس علاوةً أجور تتراوح بين 50 % و100 %، ممّا يؤدي إلى ارتفاع فاتورة الأجور مقارنة بإجمالي الناتج المحلي وإجمالي الإنفاق العام في هذه الدول. ويرصد التقرير أيضاً أنه، وعلى الرغم من تدهور أسعار النفط، فقد ارتفع الإنفاق على فاتورة الأجور، كما ارتفعت أعداد من تم توظيفهم في القطاع العام بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، خصّصت موازنة الكويت لعام 2022 مبلغ 12.6 مليار دينار كويتي (نحو 42 مليار دولار أميركي) للرواتب والمزايا، أي ما يعادل 55 % من إجمالي نفقاتها، وثمة دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي في الموقف نفسه، حيث تضاعفت فاتورة الأجور في سلطنة عمان في العقد الماضي على الرغم من الجهود الحكومية لوضع حدّ لنموّها، وارتفعت المخصصات التي تمنحها المملكة العربية السعوديّة لموظّفي الخدمة المدنية من 44 مليار ريال سعودي في عام 2016 إلى 148 مليار ريال سعودي في عام 2019 وهي اليوم تتجاوز ثلث إجمالي فاتورة الأجور الحكومية. ووفقاً للتقرير، تضيف فاتورة الأجور المرتفعة ضغوطًا مفرطة على موازنات دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيّما في الدول التي تعاني من قلة الموارد ومحدودية هوامش الأمان المتاحة في ماليتها العامة. ونتيجةً لذلك، لجأت معظم هذه الدول إلى استحداث قواعد ضريبيّة أو توسّيعها، وتقليّص المزايا المالية، والنظر في منح خيارات التقاعد المبكر إلى بعض موظّفيها. وبدلاً من فرض حل إلزامي في هذا التقرير، فإن خبراء البنك الدولي يسلطون الضوء على بعض الخيارات التي اعتمدتها بلدان أخرى، ويقترحون أن تتوصّل دول مجلس التعاون الخليجي إلى توافق الآراء فيما بين الجهات المعنيّة قبل أن تمضي قدماً في وضع الحلول التي تناسبها. وأجمع خبراء البنك الدولي حول التوقعات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي بالتفاؤل أكثر الآن مما كانت عليه قبل ستة أشهر. ومع خروج العالم من الوباء، تنمو دول مجلس التعاون الخليجي مرة أخرى حيث انخفض إجمالي الناتج المحلي من 4.9 ٪ في عام 2020 إلى زيادة قدرها 2.6 ٪ في عام 2021 على خلفية ارتفاع أسعار النفط التي تضاعفت أكثر من الضعف منذ أكتوبر 2020، من 38 دولارًا للبرميل إلى 83 دولارًا للبرميل في أكتوبر 2021، مع زيادة الاستثمار والاستهلاك على حد سواء حيث يساهم القطاعان العام والخاص في النمو بينما يظل التضخم ضعيفًا في معظم الاقتصادات باستثناء المملكة العربية السعودية حيث يبلغ حاليًا 5.5 ٪ ومن المتوقع أن ينخفض ​​بشكل حاد مع تلاشي تأثير ارتفاع ضريبة القيمة المضافة العام الماضي. يعتمد هذا الارتداد على تدابير الاقتصاد الكلي وإدارة الأوبئة الممتازة التي تم تنفيذها في عامي 2020 و2021، حيث وضعت دول مجلس التعاون الخليجي عددًا لا يحصى من تدابير الدعم للشركات والموظفين خلال أسوأ فترات الوباء وكانت من بين أوائل العالم في تطعيم سكانها بأكثر من 85 ٪ من اللقاحات الكاملة وبعض الفئات الضعيفة تتلقى جرعة تقوية ثالثة. وبشكل عام، من المتوقع أن يتفوق الاقتصاد غير الهيدروكربوني على الاقتصاد النفطي في عام 2021. تتعافى السياحة بسرعة مع تخفيف القيود المفروضة على السفر في كل من دول مجلس التعاون الخليجي وحول العالم، ما يوفر دفعة خاصة لعُمان والإمارات والبحرين. ومن المرجح أن تحافظ كأس العالم 2022 على الاهتمام وأعداد المسافرين إلى المنطقة، كما هو الحال مع استئناف الحج من دون قيود في المملكة العربية السعودية. ومع ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في 7 سنوات، أصبح لدى دول مجلس التعاون الخليجي الآن فرصة لاستعادة الأرصدة المالية والهوامش الوقائية التي استنفدت خلال الوباء. وارتفع العجز المالي المجمع من 3.8 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى 11.7 ٪ في عام 2020. ومن المتوقع الآن أن ينخفض ​​إلى النصف في عام 2021. على الرغم من هذه الصورة الوردية، لا تزال هناك مخاطر في الأفق وهناك أسباب قليلة للرضا عن الذات.

مشاركة :