نبض: من لا يقرأ.. لا يجيد معنى الكتابة!

  • 12/11/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

‭(‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فواصل‭ ‬لذاكرة‭ ‬مثقوبة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أقدام‭ ‬تتقدم‭ ‬في‭ ‬مشروعها‭ ‬الأدبي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تهجس‭ ‬حرارة‭ ‬وهج‭ ‬الكتابة‭ ‬وتعبها‭ ‬اليومي،‭ ‬فلا‭ ‬هي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬لجم‭ ‬وهجها‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬أداة‭ ‬طيعة‭ ‬لمن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكسر‭ ‬صلجانها‭..!)‬ بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬قرأت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬البدء‭ ‬لينة،‭ ‬تتقدم‭ ‬بها‭ ‬الرياح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬فوق‭ ‬ثوابت‭ ‬مفهوم‭ ‬الكتابة‭.‬ كان‭ ‬حلمها‭ ‬أن‭ ‬تكسر‭ ‬المستحيل‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬احتراق‭ ‬الجسد‭ ‬بالكتابة،‭ ‬لها‭ ‬بصرٌ‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬بصيرة،‭ ‬دخلت‭ ‬المعركة‭ ‬مع‭ ‬الجموع،‭ ‬فارسها‭ ‬يتقدمها‭ ‬نحو‭ ‬السباق‭ ‬والهدف‭ ‬واحد،‭ (‬من‭ ‬يتصلب‭ ‬أمام‭ ‬العاصفة‭)‬؟ بين‭ ‬الحشود‭ ‬انحشرت،‭ ‬والأقلام‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬ازدادت‭ ‬عددًا‭ ‬ولم‭ ‬تزد‭ ‬وهجًا،‭ ‬سارت‭ ‬والدرب‭ ‬ضيق‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬داهمت‭ ‬أقدامها،‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬تصطاد‭ ‬طرائدها‭ ‬من‭ ‬شباك‭ ‬متفلت،‭ ‬تركهُ‭ ‬الصياد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طعم‭ ‬يقود‭ ‬الطرائد‭ ‬إلى‭ ‬المصيدة،‭ ‬ظنت‭ ‬أن‭ ‬رؤيتها‭ ‬للأشياء‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الحلم‭ ‬أصلب‭ ‬من‭ ‬واقعها‭ ‬في‭ ‬المعادلة،‭ ‬لكنها‭ ‬أخطأت‭ ‬حينما‭ ‬تجاسرت‭ ‬على‭ ‬صحوتها‭. ‬ لم‭ ‬تكن‭ ‬صحوة‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الذي‭ ‬يدركه‭ ‬الكفيف،‭ ‬لأن‭ ‬الثاني‭ ‬يتقدمه‭ ‬قلب‭ ‬نابض‭ ‬والأول‭ ‬يتقدمه‭ ‬عقلٌ‭ ‬مشتت،‭ ‬ضائع‭ ‬بين‭ ‬الخطيئة‭ ‬والخطوة،‭ ‬وبين‭ ‬الصبوة‭ ‬والفُتّوة،‭ ‬دخل‭ ‬ليرى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الجراب‭ ‬وحيدًا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رفيق‭ ‬وما‭ ‬حوله‭ ‬كثرة‭ ‬من‭ ‬الصحاب‭ ‬النائمين‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬المتقدمين‭ ‬بتيه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رشد‭.‬ وإن‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬المسير،‭ ‬رسائل‭ ‬يعلم‭ ‬الحبُر‭ ‬موقعها‭ ‬من‭ ‬كبد‭ ‬الأبيض‭ ‬من‭ ‬الورق،‭ ‬وبينهما‭ ‬سمو‭ ‬عالق‭ ‬بتربة‭ ‬تختزن‭ ‬في‭ ‬أحشائها‭ ‬بذور‭ ‬الصحوة‭!‬ تلك‭ ‬المعادلة‭ ‬يدركها‭ ‬الكثيرون‭ ‬ممن‭ ‬يمتهنون‭ ‬وجع‭ ‬الكتابة‭ ‬رغم‭ ‬جفاف‭ ‬الحبر‭ ‬يظلون‭ ‬يفتلون‭ ‬حبل‭ ‬الضوء‭ ‬بصبر‭ ‬ضنين‭.‬ ومن‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬ذلك‭ ‬ينحدر‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬أسفل‭ ‬الجرح،‭ ‬بين‭ ‬الألم‭ ‬والقيح‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الشاهد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬لعبة‭ ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬القرابين‭.‬ بينها‭ ‬السهر‭ ‬المضني‭ ‬والصبر‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬وأن‭ ‬ضعف‭ ‬البصر‭ ‬وقلت‭ ‬الحيلة،‭ ‬تظل‭ ‬الحكاية‭ ‬كتابا‭ ‬يعلقنا‭ ‬فوق‭ ‬مشانق‭ ‬عشقة‭ ‬ولغة‭ ‬تنطوي‭ ‬بانطواء‭ ‬ما‭ ‬يخالجنا‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬يومي‭ ‬يلزمنا‭ ‬بالكتابة‭ ‬والقراء‭ ‬حتى‭ ‬نتنفس‭ ‬بحرية‭ ‬ويتنفس‭ ‬من‭ ‬يتعاطى‭ ‬معنا‭ ‬لذة‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬رغد‭ ‬بحبوحة‭ ‬ما‭ ‬نكتب‭.‬ فالسلم‭ ‬ليس‭ ‬سهلا‭ ‬في‭ ‬صعوده‭ ‬لكنه‭ ‬ليس‭ ‬مستحيلا‭ ‬لمن‭ ‬سهر‭ ‬وحبّر‭ ‬أوراقه‭ ‬بحر‭ ‬دماء‭ ‬أنامله‭ ‬في‭ ‬اكتمال‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬به‭ ‬نحو‭ ‬القمة‭ ‬أو‭ ‬يعيده‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬الجبل‭.‬ بين‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الإصرار‭ ‬والمكابدة‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬ألق‭ ‬يفتح‭ ‬للظلمة‭ ‬خوفها‭ ‬ويترك‭ ‬للفضاء‭ ‬سعة‭ ‬البوح،‭ ‬بين‭ ‬وطن‭ ‬يشد‭ ‬جيادنا‭ ‬نحو‭ ‬الحب‭ ‬وبين‭ ‬عيون‭ ‬أكل‭ ‬رموشها‭ ‬السهر‭ ‬لكنها‭ ‬ظلت‭ ‬ببصيرتها‭ ‬تقود‭ ‬الجياد‭ ‬نحو‭ ‬الهدف‭.‬ وهدفنا‭ ‬أن‭ ‬نكتب‭ ‬ونقرأ‭ ‬بمعادلة‭ ‬واحدة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نفقد‭ ‬البوصلة،‭ ‬فمن‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬لن‭ ‬يجيد‭ ‬لغة‭ ‬الكتابة‭ ‬بمعنى‭ ‬الضوء‭ ‬في‭ ‬متاهة‭ ‬العتمة‭.‬ a‭.‬astrawi@gmail‭.‬com

مشاركة :