حكاية من الزمن الجميل عن العلاقات بين العراقيين

  • 12/11/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حكاية من الزمن الجميل عن العلاقات بين العراقيين   حاكم محسن محمد الربيعي يعرف اغلب العراقيين واخص بذلك البقية من الاوائل الذين مازالوا احياء  طبيعة العلاقة بين العراقيين سواء كان ذلك في المحلة او المقهى او في الوظيفة العامة   او اثناء  تأدية الخدمة العسكرية  في الجيش العراقي، وقد حدثونا  الاوائل عن حكايات  جميلة  خلال سنوات  من القرن الماضي عن العلاقات بين المسلمين واليهود والمسيحين والصابئة  والديانات الاخرى  تحت علم واحد هو العلم العراقي ، ويتعاملون  مع بعض في كل الحالات التي تقتضيها حقوق الجيرة او المحلة  اوالمدينة اوالعراق كخيمة للجميع  ، وابرز صيغ التعامل هو التعامل الانساني وعلى وفق ذلك كانت العلاقة هي تعامل انسان مع انسان اخر يتشاركون بالبلد ويحملون هويته وبالتالي عليهم واجبات ولهم حقوق متساوية تضمنتها القوانين المدنية  وفي هذا الاطار قال الامام علي بن ابي طالب (ع ) في رسالته الى مالك الاشتر احد الولاة  في خلافته يوصيه بالناس حيث قال ، الناس صنفان  اما اخاك في الدين او نظيرك في الخلق ، وهذه العبارة اعتمدت من قبل الامم المتحدة وتناولها الكثير في  البحث وقد روى صديق يعيش في نيوزيلندا ان استاذه اسكتلندية  القت محاضرة في ندوة خصصت لهذا الغرض اي الحديث  في تفاصيل قول الامام ،  وبالتالي الا ينبغي على العراقيين الحفاظ على هذه الصلات والعلاقات بين العراقيين دون الجزئيات التي تفرق ولا تجمع ، وهذه العلاقات التي كانت ونامل ان تستمر تجسدها حكاية رواها الراحل عالم الاثارالدكتور  بهنام ابو الصوف وهو من الاخوة المسيحيين و من مواليد الموصل ( الحدباء )   حيث يقول حدث في أحد ايام الدوام الرسمي ( وكنت مديرا عاما للمديرية العامة للأثار الشمالية في الموصل 1980 وفي الساعات الأولى من الصباح أن دخل عليَّ سكرتير مكتبي ليخبرني وبشيء من الحرج والتردد قائلاً: إن فتاة من أهالي الموصل في المكتب طالبة مقابلتك وحين سألتها عن غرضها من المقابلة قالت إنه خالي وأريد السلام عليه ولما أخبرتني اسمها الكامل صرت في حيرة لأنها مسلمة فيكف تكون أنت خالها؟ قلت للسكرتير مبتسماً طيب دعها تدخل ولنستمع إلى قصتها. بعد لحظات دخلت مكتبي فتاة في مقتبل العمر،  حين تكلمت عرفتُ فيها لهجة سكنة حي الميدان في الموصل القديمة عند باب شط القلعة. قلتُ لها : أخبريني ابنتي حكايتك وكيف أكون أنا خالك؟ قالت: دكتور أخبرتني والدتي حين رأتك منذ مدة وأنت تتجول في محلتنا مع بعض الرجال وأخبروها حين سألت عنك وعن اسمك واسم عائلتك ولما نقلت ذلك إلى والدتها جدتي أم إبراهيم قالت لها هذا ابني في الرضاعة بهنام من بيت أبو الصوف وجدته أمينة كان جارتنا، مقابل بيتنا هذا، وأشارت إلى الدار ذات المدخل الواسع من المرمر المزخرف، وهي كانت تأتي به دوماً لأرضعه معكِ وأنتِ طفلة ترضعين، يعني أنه أخوكِ في الرضاعة. حينها طلبت مني والدتي أن أزورك في الدائرة لأنقل لك كلام والدتي وجدتي لك، وأبلغك سلامهما وعتاب جدتي عليك لأنك في الموصل ولم تأتِ لتسلم عليها. قلت لها وأنا غائب في ذكرياتي التي كنت أستمع إليها من والدتي وجدتي أمها سلمي على والدتكِ وعلى جدتكِ أم إبراهيم وأخبريها بأنني سأزورها قريبا ورجعت إلي ذاكرتي وأنا صبي حين كانت تحكي لي جدتي أمينة كيف كانت تأخذني وأنا طفل لا يزيد عمري على ستة أشهر إلى جارتها أم إبراهيم لترضعني مع أبنتها المولودة حديثاً، بسبب مرض والدتي في تلك الفترة إذ كانوا يخشون عليَّ من حليبها وهي مريضة. مرت بي هذه الذكريات بسرعة والفتاة واقفة أمام مكتبي وبجوارها السكرتير ينتظر.. قلتُ للفتاة وكأني أستفيق من حلم لذيذ نعم يا ابنتي حقاً أنا خالكِ في الرضاعة وأنا جدا سعيد أنك قد أحييتِ فيَّ هذه الذكرى العزيزة وسألتها عن صحة جدتها أم إبراهيم والتي هي أمي في الرضاعة وعن والدتها وأخوالهم، أجابتني بأنهم كلهم بخير ويبلغونك تحياتهم. يقول بهنام كان في زقاقنا هذا أكثر من عشرين بيتاً تسكنها عوائل مختلطة من مسلمين ومسيحيين رحم الله الراحلين واطال في عمر الباقين  ممن عاش في ذلك الزمن الجميل .

مشاركة :