«التمييز» تلزم «الداخلية» تعويض مواطنة 4 آلاف دينار لإيقافها بمبرر التشبه بالجنس الآخر

  • 12/14/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أكدت المحكمة أنه ليس هناك ما يحول دون مساءلة رجال الشرطة أمام القضاء وجبر الأضرار الناجمة عما ارتكبوه من أخطاء أدت الى الاعتداء على الحريات الشخصية. في حكم قضائي بارز قضت محكمة التمييز المدنية برئاسة المستشار فؤاد الزويد بإلزام وزارة الداخلية تعويض مواطنة 4 آلاف دينار على سبيل التعويض الأدبي إزاء القبض عليها من دون دليل أو مقتضيات بذريعة التشبه بالجنس الآخر. وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن موظفي وزارة الداخلية استوقفوا المواطنة واصطحبوها إلى مخفر الشرطة تحت مبرر جريمة التشبه بالجنس الآخر، وتم التحفظ عليها وعرضها على المباحث الجنائية والآداب. وأضافت المحكمة أن ما أتاه رجال الشرطة من أعمال مادية ينطوي على سلوك معيب وخروج عن مقتضيات الواجب الوظيفي. وذكرت أن ارتكاب الأعمال المادية من رجال الشرطة، ليس هناك ما يحول دون مساءلتهم أمام القضاء عن جبر الأضرار الناجمة عما وقع من تابعها عن أي خطأ أدى إلى الاعتداء على الحرية الشخصية. وأكدت «التمييز» أن «الداخلية» طعنت على حكم الاستئناف بسبب واحد تنعى به بالوجه الأول منه على أن الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنها مكلفة قانوناً بحفظ النظام ومنع الجرائم وضبط مرتكبيها، بما يجعل لها الحق في توقيف الأشخاص والتحري عنهم واصطحابهم إلى مركز الشرطة حال قيام قرائن جدية بارتكاب جريمة معاقب عليها قانوناً، وأنها إذ وجدت المطعون ضدها الأولى متلبسة بجريمة التشبه بالجنس الآخر فكانت حاسرة الرأس ذات شعر قصير وترتدي بنطلون جينز وتي شيرت، وتحرشت بها فقامت بالإبلاغ عنها، وما تلا ذلك تم بمعرفة رؤسائها، ولا ينفي ذلك ما ورد بالمذكرة المقدمة في الشكوى باعتبار أنها مجرد رأي لمجريها، وبما ينتفي في جانبها الخطأ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه. وقالت محكمة التمييز، إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ الموجب للمسؤولية عن التعويض يتحقق بالانحراف عن السلوك المألوف وما يلتزم به الشخص العادي من اليقظة والتبصر حتى لا يضر بالغير في مثل الظروف المحيطة بالمنسوب إليه الخطأ، وأن أعمال الضبط التي لا تسأل الدولة عنها تقتصر على الأوامر والإجراءات التي تصدر أو تتخذ من مأموري الضبطية القضائية في نطاق الاختصاص الذي خوله لهم القانون وهي التي تعد أعمالاً قضائية، أما مجرد ارتكاب أعمال مادية فلا يعد من هذا القبيل ولو صدر من موظف عام، والأعمال المادية الصادرة من رجال الشرطة أثناء وسبب تأديتهم لأعمال وظيفتهم ليس هناك ما يحول دون تدخل القضاء لتقرير مسؤولية وزارة الداخلية عن جبر الأضرار الناجمة عما وقع من تابعيها من خطأ عنها أدى إلى الاعتداء على الحرية الشخصية، ما كانوا يساقوا إليه إذا تحروا الدقة في تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم، وأن النص في المادة 45 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية بالكويت في فقرتها الأولى على أن «لرجال الشرطة عند قيامهم بالتحريات أن يستعملوا وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حرياتهم» مؤداه أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية أو يمس بها في غير الحالات المقررة قانوناً، كعمليات القبض التي يقوم بها رجال الشرطة لدى قيامهم بالتحري أو جمع الاستدلال، يجب أن يتم وفقاً لأحكام القانون، فإن خرج عن هذا النطاق وجبت مساءلتهم والوزارة التابعين لها، لا يغير من ذلك حسن أو سوء نياتهم لأن ما ارتكبوه لا يعدو أن يكون عملاً مادياً غير مشروع توجب المادة ٢/٢٢٧ من القانون المدني إلزام مرتكبه بالتعويض عما أحدثه فعله من ضرر بالغير سواء تعمد هذا الإجراء أو رجع خطؤه إلى إهماله وتقصيره، ومن المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى، ولها استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية وعلاقة السببية بينه وبين الضرر، باعتبار أن ذلك من وسائل الواقع التي تستقل بها متى كان استخلاصها سائغاً ومردود إلى أصل ثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. وقالت المحكمة، إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت خطأ الطاعن في الطعن الأول والطاعنة في الطعن الثاني على ما خلص إليه من الأوراق من أن الثابت من التحقيقات التي أجرتها إدارة التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية بشأن واقعة الشكوى أن المطعون ضدها الثالثة - في الطعن الأول والطاعنين في الطعن الثاني -أبلغت عمليات وزارة الداخلية بارتكاب المطعون ضدها الأولى في الطعنين - بجريمة التشبه بالجنس الآخر فاستوقفها المطعون ضده الثاني بناء على هذا البلاغ واصطحبها إلى مركز الشرطة وتحفظ عليها ثم عرضها على المباحث الجنائية ومباحث الآداب، حال أن الأولى تجهل أركان الجريمة وشروطها وانطباقها على المطعون ضدها الأولى وكان مظهرها وقت البلاغ لا ينبئ عن ارتكاب تلك الجريمة، وبما يدل على أن ما أتاه رجال الشرطة سالفو الذكر من أعمال مادية ينطوي على سلوك معيب وخروج عن مقتضيات الواجب الوظيفي، وبما يكون معه المتبوع. وقائع الطعن تتحصل وقائع الطعن اثر قيام المواطنة برفع دعوى ضد عدد من رجال الشرطة ووكيل وزارة الداخلية لطلب التعويض بمبلغ 12 ألف دينار. وقالت المواطنة إنه في عام 2012 استوقفها كل من المطعون ضده الأول باعتباره ملازم أول شرطة- والمطعون ضدها الثالثة- باعتبارها وكيلة ضابط، واصطحابها الى مخفر الشرطة بدعوى ارتكابها جريمة التشبه بالجنس الآخر، وتحفظا عليها، ثم حوّلاها الى المباحث الجنائية، التي حولتها الى مباحث الآداب، ثم أُخطرت بعدم انطباق التهمة في حقها، وأخلي سبيلها بعد فترة من الاحتجاز والإجراءات. وإذ تم ذلك دون علم من المطعون ضدهما سالفي الذكر بأركان الجريمة التي احتجزاها بسببها، فتقدمت بشكوى إلى الإدارة العامة للرقابة والتفتيش بوزارة الداخلية، وتمت مجازاتهما إدارياً مما يكون ما وقع منهما خطأ وهما تابعا الطاعن وكيل الداخلية بصفته، وقد ألحق بها ذلك الخطأ أضراراً مادية وأدبية فقد أقامت الدعوى. وحكمت محكمة الدرجة الأولى بإلزام المدعى عليهم بمبلغ 3000 دينار تعويضاً أدبياً- واستأنفت المواطنة و«الداخلية» الحكم، فقررت محكمة الاستئناف رفع التعويض إلى 8 آلاف دينار فتم الطعن على الحكم أمام «التمييز». الطاعن في الطعن الأول قد قصر في الإشراف على تابعيه وبما يتحقق به الخطأ في جانبهم وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، وكافياً لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لما يخالفه فإن ما يثيره الطاعن في الطعن الأول وما تثيره الطاعنة في الطعن الثاني لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً. وأوضحت المحكمة أن المقرر في قضائها أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وتقدير الأدلة المقدمة فيها، واستخلاص ثبوت الضرر أو نفيه دون رقابة من محكمة التمييز مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن في الطعن الأول مع المطعون ضدهما الثاني والثالثة بتعويض المطعون ضدها الأولى على ما خلص إليه من الأوراق وما ثبت بالمحضر رقم 168 لسنة 2012 من إصابة المطعون ضدها الأولى من ضرر أدبي تمثل فيما شعرت به من حزن وما ألم بها من أسى على أثر النيل من سمعتها واعتبارها جراء توقيفها من الشرطة في مكان عام واصطحابها بسيارة الشرطة إلى المخفر والتحفظ عليها حتى عرضها على المباحث الجنائية ومباحث الآداب ودون ذنب اقترفته، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، وكافياً لحمل قضائه، وفيه الرد الضمني المسقط لما يناهضه من حجج وأسانيد فإن ما يثيره الطاعن بوجه النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً. ولفتت المحكمة إلى أن المقرر في قضائها أنه يكفي في تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون بالقدر الذي يواسي المضرور بغير غلو ولا إسراف في التقدير، وأنه وإن كان تقدير التعويض وتحديد التعويض الجابر له من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أنه لابد أن يتناسب التعويض مع الضرر لأن الغاية من التعويض هو جبر الضرر جبراً متكافئاً وغير زائد عليه، إذ كل زيادة تعتبر إثراء على حساب الغير دون سبب - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بزيادة مبلغ التعويض عما لحق المطعون ضدها الأولى في الطعنين من ضرر أدبي بجعله ثمانية آلاف دينار بعد أن كان مقدراً من محكمة أول درجة بثلاثة آلاف دينار، وكان ذلك من الحكم تقديراً مغالى فيه إلى حد يزيد على جبر الضرر الذي لحق بها والمتمثل فيما أصابها من ألم وأسى جراء احتجازها بمركز الشرطة وتوجيه تهمة ثبت عدم صحتها، فإن زيادة مبلغ التعويض على هذا النحو ليس من شأنه مواساة المضرور وإنما يعد إثراء بلا سبب على الغير الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد قدر تعويضاً زائداً عن جبر الضرر غير متكافئ معه، وبما يعيبه ويوجب تمييزه تمييزاً جزئياً في هذا الخصوص. وحيث إنه وعن موضوع الاستئناف وفي حدود ما تم تمييزه - فإنه ولما تقدم صالح للفصل فيه ولما كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير التعويض الجابر للضرر دون مغالاة وإسراف وبما يتكافأ مع الضرر فإن المحكمة في ضوء ما أصاب المستأنفة من ضرر باحتجازها واصطحابها لمركز الشرطة وما أصابها من ألم نفسي ترى تعديل التعويض المقضي به بزيادته إلى أربعة آلاف دينار على ما سيرد بالمنطوق. البطلان لعدم توقيع المحامي قالت المحكمة عن تمسك النيابة ببطلان صحيفة الطعن المقام من أحد المطعون ضدهم، إن هذا الدفع في محله، لأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفقرة الثالثة من المادة 153 من قانون المرافعات نصت على ان «يرفع الطعن بصحيفة تودع إدارة الكتاب، ويوقعها أحد المحامين، وتشتمل علاوة على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم ومحل عمله، على تعيين الحكم المطعون فيه، وتاريخه، وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن، وطلبات الطاعن، واذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلان». وأضافت أن هذا يدل على ان المشرع أوجب على الخصوم ان ينيبوا عنهم محامين مقبولين أمام محكمة التمييز للقيام بالإجراءات والمرافعة امامها، والحكمة من ذلك ان المحكمة لا تنظر الا في المسائل القانونية، فلا يصح ان يتولى تقديم الطعون إليها، او التوقيع عليها، والمرافعة فيها، الا المحامون المؤهلون لبحث مسائل القانون، ويترتب على مخالفة ذلك بطلان الطعن. وتابعت: ولما كان ذلك، وكانت صحيفة الطعن، وإن صدرت باسم محامٍ بصفته وكيل الطاعن، الا ان التوقيع غير المقروء والمكتوب قرين ذلك الاسم مسبوق بحرف «ع»، بما يدل على ان محرر هذا التوقيع ليس المحامي المثبت وكالته عن الطاعن، لا سيما أن هذا التوقيع كان مسبوقاً بكلمة «تطوعا» لمحامٍ آخر، وخلت الأوراق مما يدل على صفة الأخير وما إذا كان محامياً مقبولاً أمام «التمييز» من عدمه، فيتعين ان تشتمل صحيفة الطعن في ذاتها مقومات اكتمال شروط صحتها باعتبارها ورقة من اوراق المرافعات، ومتى كان ذلك فتكون الصحيفة قد جاءت خلواً من توقيع محام مقبول أمام «التمييز»، ومن ثم تكون باطلة.

مشاركة :