المحاصصة الطائفية تدفع العراق للهاوية

  • 12/16/2021
  • 18:16
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

وصف تقرير بحثي عالمي الوضع الحالي في العراق بأنه على (حافة الهاوية)، في ظل تنامي مؤامرات ميليشيات الموت الموالية لإيران، وطالب الحكومة بإصلاحات ضرورية لمعالجة مشاكل نظام الحكم القائم على المحاصصة الطائفية.وقال مراقبون «إن الاستناد في الحكم على النعرات الطائف كان وراء تدمير وانهيار الدولة اللبنانية، بعدما نجح الفصيل المدعوم خارجيا والممثل في حزب الله الإرهابي في الهيمنة على مقاليد الأمور، وبث الفتنة والضغينة وثقافة الكراهية بين أبناء الشعب، وتسبب في الكثير من الحوادث الإرهابية». واستبعد التقرير الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، التابع للحكومة السويدية، تغيير النظام الحالي وإجراء إصلاحات «شاملة»، إلا أنه أكد أن العراق قادر على اتخاذ خطوات تعالج بعض مشاكل الحكم التي تعصف بالعراقيين.عرقلة الدولةوأكد تقرير المعهد السويدي الذي استند إلى مقابلات مع مسؤولين وخبراء حاليين وسابقين أن نظام تقاسم السلطة الطائفي، بمؤسساته الضعيفة وضعف المحاسبة، أضعف الاقتصاد وعرقل أداء الدولة، وتوفير الخدمات الأساسية، وتطوير مؤسسات قوية وآليات للمحاسبة.وذكر أن ترتيبات تقاسم السلطة شملت جميع جوانب العملية السياسية، بما في ذلك تشكيل الحكومة، والتوظيف، وإدارة وتوزيع الموارد العامة. ومع قلة الفرص الاقتصادية وتردي الخدمات العامة كانت وراء خروج الاحتجاجات ودعا المتظاهرون إلى إجراء إصلاح كامل للنظام السياسي.وقال التقرير «إن العراق على حافة الهاوية وهناك حاجة ماسة للتخفيف من الأزمات الحالية التي تضر بالمواطنين وتهدد استقرار الدولة وتنذر بحدوث توترات وأعمال عنف».تفكك الوطنوبينما يرى كثيرون أن الابتعاد عن تقاسم السلطة القائم على الطائفية هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، تحتاج عملية الانتقال هذه سنوات، خاصة أن النظام السياسي «راسخ» وأن القائمين على التغيير «يستفيدون» من الوضع القائم.واعتبر المحلل والصحفي العراقي أحمد الياسري، الذي يترأس المركز العربي الأسترالي للدراسات الاستراتيجية، أن النظام السياسي الحالي في العراق اعتمد على التناقضات السياسية التي أنتجتها المعارضة قبل عام 2003.. وفقا لموقع قناة (الحرة) الأمريكية.وقال «رغم أنه نظام قائم على الديمقراطية والتعددية، إلا أن القوى السياسية التي تدير العملية السياسية أفرغت هذه المبادئ من محتواها، وأصبح نظاما طائفيا يساعد على تفكيك الدولة».ويرى الياسري أن بناء الدولة العراقية بالطريقة السليمة يحتاج إلى وقت واتخاذ خطوات «إجرائية» تقوم بها مؤسسات الدولة بعيدا عن السلطة الحزبية، ويشير إلى أن العراقيين ذهبوا باتجاه استعادة الدولة على «المستوى القيمي» خاصة بعد «احتجاجات أكتوبر» (عندما طرح مفهوم استعادة الوطن، ويقول «إن المكونات العراقية بمختلف طوائفها باتت تشعر بخطر ضعف الدولة، خاصة عندما اكتسح داعش المناطق».حافة الهاويةويؤكد أن العراق سيكون على حافة الهاوية إذا أخذته الكتل العسكرية في هذا الاتجاه من خلال محاولة ضرب الأمن القومي، لكن وعلى عكس دول أخرى في المنطقة شهدت انهيارات مثل سوريا واليمن، يوجد في العراق توازن بين القوى السياسية والعسكرية يمنع حدوث هذا السيناريو.ويرى أن انتخابات أكتوبر أدت إلى خسارة الكتل العسكرية مقاعدها، وفي ظل هذا الوضع يتوقع انبثاق برلمان قوي يخدم عملية الإصلاح.ويقول الياسري «الدولة العراقية تقوم بإصلاح تدريجي. هناك خطوات إجرائية ستقوم بها. مؤكدا أهمية فصل سلطة الأحزاب الحاكمة عن سلطة الدولة، وهي خطوة ضرورية للإصلاح، وفصل القرار السياسي عن المؤثرات الخارجية لزيادة فعاليات هذه المؤسسات وتنفيذ مشاريع الإصلاح».ويشير التقرير إلى أن إصلاح النظام السياسي ذاته مطلوب إلا أنه غير محتمل حدوثه على المدى القصير، لكن يمكن للعراق القيام بخطوات للإصلاح من داخل النظام تؤدي إلى تحسين نظام الحكم وتقديم خدمات عامة بشكل أفضل.مواجهة الفسادويوصي التقرير السويدي بإعطاء أولوية لأن تكون الحكومة المقبلة مستقرة، وهو ما يعني ضرورة أن تتجنب الكتل السياسية الخلافات والمماطلة في تشكيل الحكومة، وقال «هذه الحكومة يجب أن تعكس اختيارات الناخبين، وليس مصالح النخب السياسية، وأن تقدم برنامجا واقعيا لمعالجة التحديات التي تواجه البلاد».ويدعو إلى إعطاء أولوية لمعالجة مشكلة الفساد، باعتماد الاستراتيجيات والسياسات اللازمة لمحاربته، وإنشاء وتعزيز الهيئات المستقلة، والتحقيق في مزاعم الفساد، وجعل ممارسة الفساد أكثر صعوبة.ويدعو إلى ضرورة فصل المؤسسات القضائية المكلفة بالملف عن المؤسسات السياسية «حتى لا تتدخل في عملها».ويرى الباحث أن تشكيل اللجان لن يحل المشكلة، ولابد من فرض عقوبات رادعة تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام لمرتكبي الفساد. ويقول «في ظل القوانين الحالية عقوبة سرقة مليارات لا تختلف عن سرقة مبالغ ضئيلة»، ويضيف «منذ عام 2003، لا أحد يعرف أين تذهب ثلث ميزانيات العراق».اعتبارات طائفيةويرى التقرير أن التنويع الاقتصادي وزيادة الوظائف أمران حتميان في المرحلة المقبلة، ويدعو أيضا إلى تسهيل بيئة الأعمال التجارية بخفض الإجراءات البيروقراطية، وتسهيل الاستثمار الأجنبي، ويوصي بزيادة الإنفاق الحكومي على أنظمة الرعاية الصحية والبنية التحتية الصحية لتحسين الحصول على رعاية صحية جيدة، ودعا على وجه الخصوص إلى تحسين ظروف عمل الطواقم الصحية وزيادة الحوافز المقدمة لهم لتشجيعهم على العمل والبقاء في العراق.ويقترح تبني خطة تعليمية واضحة تلبي احتياجات التنمية البشرية في العراق وتضمن حصول الخريجين على المهارات اللازمة لدخول سوق العمل.ويقول خبير عراقي «إن ميزانية التعليم في العراق لا تزيد عن 10 % من قيمة الميزانية العامة، بينما تصل في دول أخرى إلى أكثر من 20 %». ويقترح زيادة موازنة التعليم وتحديث النظام التعليمي الحالي بتقنيات ووسائل حديثة ومكافحة تزوير الشهادات التعليمية.وأوصى معهد ستكهولم بـ»عدم تسييس» إدارة قطاعي الكهرباء والمياه وضمان ألا تعيق الاعتبارات السياسية والطائفية إدارة هذين الموردين الهامين لحياة الناس، داعيا إلى إقامة هيئات مستقلة لإدارة الموردين تتولى المسؤولية عن تنفيذ استراتيجيات طويلة المدى لإعادة هيكلة القطاعين.كيف يخرج العراق من المأزق؟ أن تتجنب الكتل السياسية الخلافات والمماطلات في تشكيلها. تعكس الحكومة اختيارات الناخبين، وليس مصالح النخب السياسية. تقدم الحكومة المنتظرة برنامجا واقعيا لمعالجة التحديات التي تواجه البلاد. إعطاء أولوية لمعالجة مشكلة الفساد. إنشاء وتعزيز الهيئات المستقلة، والتحقيق في مزاعم الفساد. فرض عقوبات رادعة تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام لمرتكبي الفساد. فصل المؤسسات القضائية المكلفة بالملفات الوطنية الحساسة عن السياسة. جعل النظام المصرفي أكثر سهولة وجدارة بالثقة وزيادة الشفافية. زيادة الإنفاق الحكومي على أنظمة الرعاية الصحية والبنية التحتية. تبني خطة تعليمية واضحة تلبي احتياجات التنمية البشرية. عدم تسييس إدارة قطاعي الكهرباء والمياه.

مشاركة :