عن جدلية السياسي والمثقف

  • 12/17/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

استهل‭ ‬الكاتب‭ ‬إلياس‭ ‬خوري‭ ‬مداخلته،‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬مؤسسة‭ ‬الدراسات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الثقافة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬اليوم،‭ ‬تعبيرات‭ ‬وتحديات‭ ‬وآفاق‮»‬،‭ ‬بتحديد‭ ‬دور‭ ‬الثقافة‭ ‬والمثقف،‭ ‬فالثقافة‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬المجتمع‭ ‬وتحميه‭ ‬من‭ ‬السقوط،‭ ‬والمثقف‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يحرس‭ ‬الكلمات‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬المعاني‭ ‬ويكافح‭ ‬الظلام‭. ‬وميز‭ ‬بين‭ ‬مثقف‭ ‬المدعي‭ ‬والمثقف‭ ‬المنحني‭ ‬والخائف،‭ ‬وجلهم‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬ثقافة‭ ‬الحضيض‭ ‬التي‭ ‬جسدت‭ ‬اختلاط‭ ‬الأصوليات‭ ‬والاستبداد‭ ‬وعلاقات‭ ‬التبعية‭ ‬معا،‭ ‬ميز‭ ‬خوري‭ ‬بين‭ ‬المثقف‭ ‬المدعي،‭ ‬والمثقف‭ ‬الحر‭ ‬العضوي‭ ‬النقدي‭ ‬والمستقل‭ ‬الذي‭ ‬يضطلع‭ ‬بدور‭ ‬سياسي‭ ‬واجتماعي‭ ‬وينتج‭ ‬ثقافة‭ ‬تحرر‭ ‬مستقلة‭. ‬وحذر‭ ‬من‭ ‬مغبة‭ ‬انعزال‭ ‬المثقف‭ ‬النقدي‭ ‬داخل‭ ‬بيئة‭ ‬أكاديمية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬شعبه،‭ ‬ورأى‭ ‬أنه‭ ‬يستطيع‭ ‬الحضور‭ ‬والتدخل‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬مستويات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الحراكات‭ ‬الاجتماعية‭.‬ ماهر‭ ‬الشريف‭ ‬توقف‭ ‬في‭ ‬مداخلة‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬منظور‭ ‬التحرر‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الفلسطينية‮»‬،‭ ‬عند‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني‭ ‬والتحرر‭ ‬الاجتماعي‭. ‬ونقد‭ ‬الاتجاهات‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬جانبا‭ ‬وشككت‭ ‬في‭ ‬جدوى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬وقضايا‭ ‬المرأة،‭ ‬مستندا‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬المفكر‭ ‬فرانز‭ ‬فانون‭ ‬والحداثيين‭ ‬الذين‭ ‬اعتبروا‭ ‬التحرر‭ ‬الاجتماعي‭ ‬شرطا‭ ‬أساسيا‭ ‬للتحرر‭ ‬الوطني‭. ‬واستعرض‭ ‬الشريف‭ ‬المقاربات‭ ‬النقدية‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬تأخر‭ ‬المجتمع‭ ‬يشكل‭ ‬شرطا‭ ‬مواتيا‭ ‬للغزو‭ ‬الاستعماري،‭ ‬وان‭ ‬التحدي‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬وهي‭ ‬تقاوم‭ ‬المستعمرين‭ ‬هو‭ ‬التحديث‭ ‬والتطور‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬قتال‭ ‬المستعمر‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يترافق‭ ‬مع‭ ‬تطوير‭ ‬وتطور‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المادية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والممارسة‭ ‬السياسية‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬أبوي‭ ‬تقليدي‭ ‬وعلاقات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الحداثة‭ (‬الأبوية‭ ‬والولاء‭ ‬والرعية‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬المواطنة‭ ‬والمعرفة‭ ‬الحديثة‭ ‬والعلمانية‭ ‬وضمان‭ ‬الحريات‭ ‬العامة‭ ‬والفردية‭. ‬وتوقف‭ ‬الشريف‭ ‬عند‭ ‬دور‭ ‬المثقف‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬خطاب‭ ‬تفكيكي‭ ‬نقدي‭ ‬يمد‭ ‬الحركات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بالمعرفة‭ ‬ويسائل‭ ‬السلطة،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬المفكر‭ ‬هشام‭ ‬شرابي‭.‬ في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬اعتبر‭ ‬حيدر‭ ‬عيد،‭ ‬أن‭ ‬الحصار‭ ‬الفكري‭ ‬هو‭ ‬أخطر‭ ‬أنواع‭ ‬الحصار،‭ ‬وأن‭ ‬استعمار‭ ‬العقل‭ ‬هو‭ ‬أخطر‭ ‬أشكال‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وأن‭ ‬تحرير‭ ‬العقل‭ ‬هو‭ ‬المقدمة‭ ‬الأولى‭ ‬لتحرر‭ ‬الإنسان‭.‬ رائف‭ ‬زريق‭ ‬عزز‭ ‬الدور‭ ‬النقدي‭ ‬للمثقف‭ ‬الذي‭ ‬يعادل‭ ‬استجواب‭ ‬أي‭ ‬سلطة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الهيمنة‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬التعدد‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الحضارات‭ ‬والهويات‭. ‬ورأى‭ ‬أن‭ ‬الفعل‭ ‬الفكري‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬الفعل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬ثقافي‭ ‬أخلاقي‭ ‬يحميه‭ ‬من‭ ‬العطب‭. ‬وحذر‭ ‬زريق‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬المثقف‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬التبرير‭ ‬الذي‭ ‬يعادل‭ ‬الخضوع‭ ‬للسلطة‭ ‬السياسية،‭ ‬ورأى‭ ‬أن‭ ‬وظيفته‭ ‬هو‭ ‬حراسة‭ ‬الحلم‭ ‬وتوضيح‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬تتحقق‭ ‬فيها‭ ‬الأفكار‭. ‬وأنهى‭ ‬حديثه‭ ‬بكلام‭ ‬للفيلسوف‭ ‬لودفيج‭ ‬فيورباخ‭ ‬عندما‭ ‬قال،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬هيجل‭ ‬بدأ‭ ‬بتبني‭ ‬فكرة‭ ‬مطلقة‭ ‬دون‭ ‬واقع،‭ ‬وانتهى‭ ‬بواقع‭ ‬دون‭ ‬فكرة‮»‬‭.‬ كما‭ ‬نرى،‭ ‬يحدد‭ ‬المثقفون‭ ‬دورهم‭ ‬ودور‭ ‬الثقافة‭ ‬وينتقدون‭ ‬الانحراف‭ ‬والسلب‭ ‬والقصور‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يكتشفون‭ ‬فيه‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬ويستشرفون‭ ‬المستقبل،‭ ‬أيضا،‭ ‬يحدد‭ ‬المثقفون‭ ‬علاقتهم‭ ‬بالسياسيين‭ ‬وبالترابط‭ ‬بين‭ ‬الدورين،‭ ‬كما‭ ‬يحددون‭ ‬علاقتهم‭ ‬بقوى‭ ‬التغيير‭ ‬وينتقدون‭ ‬كل‭ ‬خلل‭ ‬وتجاوز‭. ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬المثقف‭ ‬النقدي‭ ‬يتابع‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬ويمارس‭ ‬الرقابة‭ ‬والاحتجاج‭ ‬والنقض‭ ‬ويرفض‭ ‬الاستبداد‭ ‬السياسي‭ ‬والتبعية‭ ‬للخارج‭. ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬يحجم‭ ‬السياسيون‭ ‬عن‭ ‬تعريف‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬المثقفين‭ ‬ولا‭ ‬يمارسون‭ ‬النقد‭ ‬المباشر،‭ ‬فقط‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬دائمة‭ ‬لاستخدام‭ ‬الثقافة‭ ‬واستئناس‭ ‬المثقفين‭ ‬وتوظيفهم‭ ‬لمصلحة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭. ‬ولا‭ ‬يتابع‭ ‬السياسيون‭ ‬الثقافة‭ ‬ومنتجاتها‭ ‬المتنوعة‭ ‬وحواراتها‭ ‬وأفكارها‭. ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬يحضر‭ ‬المثقف‭ ‬ويغيب‭ ‬السياسي،‭ ‬وهذا‭ ‬ينسجم‭ ‬تاريخيا‭ ‬مع‭ ‬دور‭ ‬المثقفين‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الفكر‭ ‬والأدب‭ ‬والفنون‭ ‬والعلوم‭ ‬والفلسفة‭ ‬ومنظومة‭ ‬القيم،‭ ‬ومع‭ ‬حاجة‭ ‬السياسي‭ ‬إلى‭ ‬المثقف‭ ‬كدور‭ ‬ورافعة‭. ‬فقد‭ ‬ارتبط‭ ‬الصعود‭ ‬السياسي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬الالتقاء‭ ‬بالمثقف‭ ‬ومنتجاته‭ ‬المتعددة‭ ‬ونقده‭ ‬وتدخلاته‭ ‬ومبادراته،‭ ‬وارتبط‭ ‬الهبوط‭ ‬السياسي‭ ‬بالافتراق‭ ‬عن‭ ‬المثقف‭ ‬أو‭ ‬بالسيطرة‭ ‬عليه‭ ‬واستئناسه‭.‬ الافتراق‭ ‬بين‭ ‬المثقف‭ ‬والسياسي‭ ‬يشكل‭ ‬خللا‭ ‬كبيرا،‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬عملية‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني‭ ‬والاجتماعي‭. ‬المثقف‭ ‬هو‭ ‬المرشح‭ ‬لردم‭ ‬الهوة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬استجابة‭ ‬السياسي‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬عرّفت‭ ‬فيه‭ ‬الثقافة‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬بالحريات‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬والنقد‭ ‬والاختلاف،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحقوق‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬والمواطنة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والتعدد‭ ‬الثقافي‭ ‬والعلمانية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الحضارات‭ ‬والثقافات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬إزاء‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يواكب‭ ‬السياسيون‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬باعتمادها‭ ‬ومأسستها‭ ‬وترجمتها‭. ‬ المأسسة‭ ‬تعني‭ ‬دعمها‭ ‬بمنظومة‭ ‬قوانين‭ ‬وحماية‭ ‬القوانين‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭. ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬وبقيت‭ ‬المؤسسة‭ ‬السياسية‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬إلا‭ ‬بالشكل،‭ ‬وباعتماد‭ ‬الاتفاقات‭ ‬والمعاهدات‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬بالأقوال‭ ‬ومناهضتها‭ ‬بالأفعال‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬كمنتج‭ ‬ثقافي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭ ‬ومنفصلة‭ ‬عن‭ ‬أكثرية‭ ‬المجتمع‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬محافظة‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬الطرف‭ ‬الأقوى‭ ‬سياسيا‭ ‬والمرشح‭ ‬للسيطرة‭ ‬السياسية‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تكتمل‭ ‬وتحظى‭ ‬بالدعم‭ ‬السياسي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬وطني‭ ‬اجتماعي‭ ‬جديد‭ ‬يجسد‭ ‬مصالح‭ ‬الشعب‭ ‬بكل‭ ‬مكوناته‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭.‬ لقد‭ ‬وسعت‭ ‬الثقافة‭ ‬من‭ ‬ساحاتها‭ ‬ومجالاتها‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬السابقين،‭ ‬توسعت‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السينما‭ ‬والمسرح‭ ‬والعمارة‭ ‬والفنون‭ ‬البصرية‭ ‬والفلكلور‭ ‬والموسيقى‭ ‬والرقص‭ ‬وغناء‭ ‬الراب‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭. ‬وكانت‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬محصورة‭ ‬بالشعر‭ ‬والأدب‭ ‬والفن‭ ‬التشكيلي‭. ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬تأثيرها‭ ‬المجتمعي‭ ‬وفي‭ ‬ترابط‭ ‬ووحدة‭ ‬المكونات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬يعزلها‭ ‬المستعمرون‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وفي‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬التشارك‭ ‬الثقافي‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والعالم‭. ‬وكما‭ ‬تعرض‭ ‬الفكر‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬للنقد‭ ‬والتصويب،‭ ‬فإن‭ ‬حقول‭ ‬الثقافة‭ ‬الأخرى‭ ‬يعوزها‭ ‬النقد‭ ‬والتقييم‭ ‬الموضوعي،‭ ‬وتحديدا‭ ‬لجهة‭ ‬عزل‭ ‬التضامن‭ ‬الوطني‭ ‬والسياسي‭ ‬عن‭ ‬تقييم‭ ‬المستوى‭ ‬المهني،‭ ‬ولجهة‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬أجندات‭ ‬وأولويات‭ ‬الداعمين‭.‬ لقد‭ ‬أفلتت‭ ‬الثقافة‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬السياسية،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬بفعل‭ ‬تطور‭ ‬طبيعي،‭ ‬وإنما‭ ‬بفعل‭ ‬ضعف‭ ‬المركز‭ ‬السياسي‭ ‬وعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الثقافية،‭ ‬أصبح‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المركز‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬منفردا‭ ‬في‭ ‬سيطرته،‭ ‬مراكز‭ ‬ثقافية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬1948‭ ‬وفي‭ ‬الضفة‭ ‬والقطاع‭ ‬والقدس‭ ‬والخارج،‭ ‬مراكز‭ ‬لها‭ ‬استقلاليتها‭ ‬النسبية‭. ‬لكن‭ ‬التعدد‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة،‭ ‬لا‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬المتحف‭ ‬الوطني‭ ‬والمكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬والصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬وفرقة‭ ‬الفنون‭ ‬الوطنية‭. ‬في‭ ‬غياب‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬لأسباب‭ ‬ذاتية‭ ‬–‭ ‬كتوفر‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية،‭ ‬وضعف‭ ‬المركز‭ ‬السياسي‭ ‬وانفصاله‭ ‬عن‭ ‬الثقافة–‭ ‬وبسبب‭ ‬السياسة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬خرجت‭ ‬إلى‭ ‬العلن‭ ‬مبادرات‭ ‬لإنشاء‭ ‬متحف،‭ ‬وتأسيس‭ ‬مراكز‭ ‬ثقافية‭ ‬كبيرة‭.‬   {‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

مشاركة :