إسرائيل تعمل منذ احتلالها القدس الشرقية على وضع العالم أمام الأمر الواقع

  • 11/13/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أوضح الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس مجلس الافتاء الأعلى لفلسطين أنه لا يمكن إنكار حقوق العرب فى القدس الشرقية. فعلى أرض هذه المدينة يعيش عشرات الآلاف من العرب الذين تعود جذورهم التاريخية إلى آلاف السنين التى تتجاوز أربعة آلاف عام. فالقدس مدينة عربية إسلامية ويجب أن تكون تحت السيادة العربية رغم ما أحدثه الاستيطان اليهودى من متغيرات فى مدينة القدس. وأضاف : أحذر من تداعيات الدعوات التي أطلقها المستوطنون المتطرفون لاقتحام المسجد الأقصى (الحرم القدسي الشريف )خلال الأيام المقبلة وأدين بشدة الإعدامات الميدانية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنون المتطرفون ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل. مشيرا إلى أن القدس تعرضت لعشرات الحملات العسكرية المعادية، لكن المدينة كانت تعود إلى أهلها عبر المراحل التاريخية المختلفة، ولا شك في أن المستقبل السياسي للقدس له العديد من الأبعاد منها أن القدس مدينة الديانات السماوية حيث لا يمكن معه إنكار حقوق ديانة من هذه الديانات. وفى إطار هذا الموضوع كان لنا الحوار التالي : ¿ فى البداية سألناه .. تتعرض مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك للعديد من الممارسات التى تهددها بالخطر .. ماذا تقول ؟ بعد احتلال القدس العربية عام 1967 ميلادية عملت اسرائيل على تغيير وتبديل هوية المدينة المقدسة قانونيا وسكانيا وجغرافيا ما يخالف القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. ولا شك في أن الهدف من وراء تكثيف الاستيطان اليهودي فى القدس العربية هو تفريغها من العرب وعزلها عن العالمين العربي والإسلامي، فاسرائيل تعمل منذ احتلالها القدس الشرقية على وضع العالم أمام الأمر الواقع. الجامعة العربية ¿ مم يحذر ومن يناشد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية؟ أحذر من تداعيات الدعوات التي أطلقها المستوطنون المتطرفون لاقتحام المسجد الأقصى (الحرم القدسي الشريف ) خلال الأيام المقبلة. وأدين بشدة الإعدامات الميدانية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنون المتطرفون ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل. وأناشد الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى وكل العالم الحر بكل مؤسساته أن تتدخل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على القدس ومقدساتها وفى مقدمتها المسجد الأقصى المبارك. الحقائق التاريخية ¿ وكيف ترون مستقبل القدس في ظل هذه الممارسات؟ لقد تعرضت القدس لعشرات الحملات العسكرية المعادية، لكن المدينة كانت تعود إلى أهلها عبر المراحل التاريخية المختلفة. ولا شك في أن المستقبل السياسي للقدس له العديد من الأبعاد منها أن القدس مدينة الديانات السماوية، حيث لا يمكن معه إنكار حقوق ديانة من هذه الديانات. كما أن الحقائق التاريخية تؤكد أن الحقين العربي والإسلامي في هذه المدينة كما أن هناك البعد الدولي في القرار رقم 242 والقرار رقم 338 الصادرين عن الأمم المتحدة وهناك العديد من القرارات الدولية الأخرى التى تؤكد ذلك . كما أنه لا يمكن إنكار حقوق العرب فى القدس الشرقية فعلى أرض هذه المدينة يعيش عشرات الآلاف من العرب الذين تعود جذورهم التاريخية إلى آلاف السنين التى تتجاوز الأربعة آلاف عام. فالقدس مدينة عربية إسلامية ويجب أن تكون تحت السيادة العربية رغم ما أحدثه الاستيطان اليهودي من متغيرات فى مدينة القدس. احترام الشخص ¿ حدثنا عن آداب التعامل مع المخالف؟ في ظل حتمية التعددية في الآراء والمواقف بين الناس ينبغي للمسلم أن يراعي عددا من الآداب وهو يتعامل مع مخالفيه سواء أكانوا مسلمين أم غير ذلك ومن تلك الآداب الصبر على ما يجد المرء من مخالفيه يقول تعالى: (واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ) ويقول سبحانه : ( فاصبر على ما يقولون ) وعلى المسلم أن يحتسب الأجر والثواب من الله في صبره على ما يعاني من مخالفيه بأن ينوي صبره لله أخذا بقوله تعالى : ( ولربك فاصبر )، ومراعاة احترام الشخص الآخر سواء عند محاورته أو الحديث عنه. فالسخرية والتهكم تنفران وتجلبان سلبيات للساخر ودعوته، والله - تعالى - نهى عنها وعن غيرها من أنواع السلوك الذي يجرح مشاعر الآخرين، فقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ). وتجنب سب الآخر أو شتم مبادئه، قال تعالى: ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) وإذا كان الله قد حظر سب غير المسلمين ومبادئهم فمن باب أولى أن يرسي هذا الحظر بين المسلمين الذين يختلفون في الرأي والاجتهاد بدلا من تبادل أوصاف التفكير والتفسيق والتخوين. والتعاطي مع قضايا الاختلاف بموضوعية وإنصاف، فالله - تعالى - نهى عن مجانبة العدل مع الخصم فقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ). والتحلي بالرفق واللين في محاورة الناس ومعايشتهم، قال تعالى: ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) وخير قدوة في ذلك الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي أثنى الله عليه قال تعالى: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ). والامتناع عن ممارسة الاقتتال الداخلي بين الفئات المجتمعية المختلفة أفرادا وجماعات، حيث اعتبر الله - تعالى - التنازع في الأمر من مسببات الفشل فقال تعالى: ( حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر ). البشر واحد ¿ ما القواسم المشتركة التي يلتقي فيها المسلم مع الآخر؟ رغم ما بين الناس من اختلاف وتباين إلا أن هناك أمورا مشتركة كثيرة بينهم وتشير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة إلى عدد من الأمور التي تشكل قاسما مشتركا بين الناس سواء المسلمين منهم أو غير المسلمين ومن تلك الأمور خالق الناس واحد وهو الله سبحانه وتعالى، حيث أشار القرآن الكريم إلى حقيقة خلق الله - سبحانه وتعالى - الناس كافة فقال تعالى : ( الرحمن علم القرآن خلق الإنسان ) ولما طلب - سبحانه وتعالى - من الناس أن يعبدوه ذكرهم بأنه خالقهم فقال تعالى : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ). ولا يجد الناس مهما كانت توجهاتهم مناصا من الاعتراف بهذه الحقيقة، يقول تعالى : ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون )، إنه مؤشر مهم على امكانية التعايش بين الناس، والأخوة في الانسانية حيث يرجع الناس لأب وأم واحدة فقد خلق الله - سبحانه وتعالى - آدم عليه السلام أولا وأعلن للملائكة أنه سيكلفه بمهمة الخلافة في الأرض، قال تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ). ثم خلق منه زوجة ثم تناسل الخلق وتكاثروا، قال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) فأبو البشر واحد وهو آدم عليه السلام وأمهم واحدة، فهم بذلك أخوة في الانسانية. وأخبر القرآن الكريم أن الله - جل وعلا - خلق الإنسان من تراب وجعل خلق الانسان من هذه المادة آية على عظمة الله وقدرته - سبحانه - قال تعالى : ( ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ). وبين - سبحانه وتعالى - في آيات أخرى أنه خلق الإنسان من طين، قال تعالى : (هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون). وذكرت آيات أخرى نوع الطين الذي خلق منه الإنسان فقال تعالى : ( إنا خلقناهم من طين لازب ) أي طين لاصق، وقال تعالى : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ). فالناس يرجعون الى أصل واحد وخلقوا من مادة واحدة ويمرون بمراحل خلقية واحدة ويشترك في ذلك جميع بني آدم على اختلاف مذاهبهم وألوانهم وأجناسهم ولغاتهم وقوتهم وضعفهم وعلمهم وجهلهم. ويشكل هذا الأصل أساسا لالتقاء بني البشر وداعيا لانهم يرحم بعضهم بعضا كما يشكل مانعا من تطاول بعضهم على بعض. وحرص الإسلام على هداية الناس والرحمة بهم، والإنسان أيا كان موقعه أو مذهبه أو لغته أو جنسه فانه محط رعاية الإسلام ومقصود للهداية ونيل الخير. حياة الفرد ¿ ما ضوابط العلاقة مع الآخر وحدودها؟ للعلاقة التي يقيمها المسلم مع غيره ضوابط في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية ومن ذلك التمسك بالثوابت الشرعية التي يطلب من المسلم الالتزام بها في كل الظروف والأحوال باستثناء حالات الضرورة، حيث يجب التقيد بالحكم الشرعي الخاص بكل حال أو ظرف سواء تعلق بحياة الفرد أو الجماعة لقوله تعالى: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )، ويقول تعالى: ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ). والتمييز بين الناس حسب مواقفهم من المسلمين يقول تعالى : ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ). ومن التعايش الودي بين المسلمين وغيرهم عيادة مرضى الآخر والتعامل المعاشي معه، فعن أنس بن مالك - رضى الله عنه - قال : كان غلام يهودي يخدم النبي (صلى الله عليه وسلم) فمرض فأتاه النبي (صلى الله عليه وسلم) يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم (صلى الله عليه وسلم) فأسلم فخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار )). والبر والعدل فقد رفع الله - سبحانه وتعالى - عن المسلمين الحرج في مسالمة المسالمين من غيرهم، بل أمر ببرهم والعدل فيهم يقول تعالى: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ). وبين (صلى الله عليه وسلم) معنى البر فقال : (( البر حسن الخلق )) وخص الله - تعالى - القسط بالذكر إلى جانب البر في هذه الآية الكريمة وهي تحث على فعلهما لمن لم يكن معاديا للمسلمين، بل حفزت الآية الكريمة على التشبث بالقسط من خلال الأمر به مقرونا ببيان حب الله للمقسطين. الموضوعية والإنصاف الحديث عن العلاقة بين المسلمين وغيرهم يجب أن ينطلق من الموضوعية والإنصاف والوعي، فالإسلام يمقت التعصب الأعمى، لأنه يدرك خطورة عواقبه عدا كونه أسلوبا فاشلا لا يجلب للمسلمين خيرا. والامتناع عن السب والشتم فمن ضوابط العلاقة التي يقيمها المسلم مع غيره في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الامتناع عن السب والشتم لمعتقدات المخالفين لقوله تعالى : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ). عالم متشابك ¿ ما تعليقك على أن الحوار وسيلة مهمة للتواصل مع الآخر؟ في ظل الاختلاف الواقع لا محالة بين الناس لابد من وسيلة للتواصل بينهم فهم يعيشون في عالم متشابك المصالح يشترك فيه الناس في كثير من الأمور المهمة سواء البيئية أم المعيشية أم الصحية أم غيرها وبخاصة الذين يعيشون في مجتمع واحد أو مجتمعات متجاورة. وقد ثبتت مشروعية الحوار في كثير من الآيات القرآنية فالله - سبحانه وتعالى - حاور الملائكة، يقول تعالى: ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ). وحاور الأنبياء أقوامهم واستخدموا الحوار أسلوبا في محاججة أقوامهم ودعوتهم قال تعالى: ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ). حكم شرعي ¿ ماذا عن إمكانية الاختلاف بين المسلمين إذا كان الخلاف حقيقة واقعة فهل يقع الخلاف بين المسلمين وما الصورة المثلى لعلاقة المسلمين مع بعضهم في حال الخلاف ؟ المسلمون بشر ممن خلق الله - تعالى - يحبون ويكرهون ويحلمون ويغضبون ويصيبون ويخطئون وتتفاوت مداركهم ومستويات تفكيرهم واجتهاداتهم ومن الخيال بمكان تصور اتفاقهم على رأي واحد في كل القضايا والأمور خاصة المستجدة منها حتى والرسول (صلى الله عليه وسلم) بين ظهرانيهم حدث أن اختلفوا في تفسير بعض النصوص واستنباط بعض الأحكام، فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: «قال النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم الأحزاب : لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم يعنف واحدا منهم». حتى إن بعض الصحابة كانت له وجهة نظر اجتهادية في أمور وقعت في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) وكانوا يطرحون آراءهم بوضوح أمام الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ويقفون عند حدود الحكم الشرعي، فحين كانوا يشعرون بأن رأيهم يتعارض مع حكم شرعي كانوا يلقون آراءهم جانبا ويتبعون حكم الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم). ومن الشواهد على هذا المنحى ما حصل من بعض الصحابة يوم الحديبية قال عمر رضى الله عنه: «لما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله (صلى عليه وسلم) لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا قال : فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا). واختلاف وجهات النظر وبيان المواقف لا يصح أن ينسيانا الحكمة في التصرف والاعتدال في معايشة المخالف، فالمغالاة مرفوضة حتى وإن كانت في جانب الالتزام بالدين الحق قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (( إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا ويسروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )) فحثنا (صلى الله عليه وسلم) على التزام السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، وإن لم نستطع الأخذ بالأكمل نعمل بما يقرب منه.

مشاركة :