ركزت وسائل الإعلام خلال الثلاثة أسابيع الماضية على التعرف على أسباب سقوط الطائرة الروسية من طراز أيربص أي-231 فوق صحراء سيناء المصرية وهي متجهة من منتجع شرم الشيخ المصري إلى مدينة سان بطرس برغ الروسية وعلى متنها 224 فرداً جلُّهم إن لم يكن كلهم من الجنسية الروسية ، وعلى من تقع مسؤولية ذلك العمل الإرهابي الشنيع خصوصاً بعد أن أعلنت داعش عن مسؤولية إسقاط الطائرة ، والناس بين مصدق ومكذب لهذا الإعلان الذي يبدو غير ممكن ، والخلاف لا يزال محتدماً على أشده هل أسقطت الطائرة بعمل تخريبي ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل تم تنفيذه بعبوة ناسفة مررت إلى الطائرة كما تصر بريطانيا أم أنه كان باستخدام صاروخ أرض- جو محمول على الكتف كمثل صاروخ ستينغر الأمريكي ؟ لمحة تاريخية خاطفة عن قيام بعض الدول بأعمال إرهابية ضد الطيران المدني تعيد للذاكرة قيام كل من الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها المدللة إسرائيل بالتورط في ذلك ، ففي 21 فبراير 1973 قامت المقاتلات الإسرائيلية بمهاجمة وإسقاط الطائرة الليبية من طراز 727 رحلة 114 فوق صحراء سيناء كانت في طريقها من طرابلس إلى القاهرة بعد أن حادت الطائرة المنكوبة عن مسارها بسبب عاصفة رملية ، وقتل جميع من كانوا عليها وهم 113 سوى أربع أشخاص كتب الله لهم النجاة. كما قامت قطعة من البحرية الأمريكية العاملة بالخليج العربي باستهداف طائرة إيرانية مدنية وهي في طريقها من بندر عباس إلى دبي بصاروخ أرض_جو في الثالث من يوليو 1988 م وقتلت جميع من كانوا عليها وعددهم 290 شخص. أليس من دواعي العجب أن تصر الحكومة البريطانية و بالتحديد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون على منطق «ما أريكم إلا ما أرى» ، فيصر على أن الطائرة الروسية المعنية قد تم إسقاطها بقنبلة كانت محمولة بداخلها رغم عدم توفر أدلة علمية على وقوع تفجير بداخل الطائرة وأن هذا الزعم ينقصه الأدلة المادية ، فلماذا يصر وزير خارجية إحدى دول العالم الكبرى والمشهورة بالعلمية على مثل هذا المسلك المخل بالموضوعية والعلمية ؟. الأمر الذي استثار غضب كل من روسيا ومصر ، لاسيما وأن الولايات المتحدة حذت لاحقاً حذو بريطانيا. لا بد وأن كلاً من بريطانيا و أمريكا قد لاحت لهما بعض «المكاسب» السياسية من وراء تبني وجهة النظر هذه ( التفجير من الداخل ) للإستفادة منها للضغط على روسيا كرد سياسي على هجماتها الجوية على المقاومة السورية والشعب السوري واعتبار ما حصل ردة فعل قوية و سريعة من قبل المقاومة السورية ضد روسيا. بقي احتمال أو سيناريو مهم لم يعطه الإعلام العالمي ما يستحق من اهتمام ألا وهو اختطاف الطائرة عن بعد ، وهي تقنية أمريكية طورت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 م ، حيث يتم الاختطاف بالتواصل مع حاسوب الطائرة من خلال بعض أجهزة الملاحة ثم يقوم المختطفون بعدها بالتحكم في الطائرة وسلب طاقم الملاحة على متنها من أي سيطرة عليها ويستطيع المختطفون عن بعد أن يفعلوا بها ما يشاءون بما في ذلك إسقاطها. وتمتلك إسرائيل مرفقاً للمخابرات الرقمية قريباً من العريش وتستطيع من تلك المسافة التخاطب رقمياً مع طائرة على مسافة ( زهاء 100 كم ) حيث موقع الحادث واختطاف الطائرة إلكترونياً. ومهما كانت الحقيقة نسأل الله أن يظهرها ليعلم الناس من المصلح ومن المفسد في كوكبنا الأرضي.
مشاركة :