تونس - أصدرت محكمة تونسية حكما غيابيا بحبس الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي المقيم في فرنسا والمعارض الشرس لتدابير الرئيس الحالي قيس سعيّد، أربع سنوات بالنفاذ العاجل، وفق ما أفاد الأربعاء مصدر قضائي. وقالت وكالة الأنباء التونسية الرسمية ان التهمة تتمثل في"الاعتداء على أمن الدولة الخارجي" فيما افادت لمياء الخميري محامية المرزوقي بأن موكّلها لم يتبلّغ أي استدعاء للمثول أمام المحكمة. لكن بيانا لمكتب الاتصال بمحكمة ابتدائية تونس نشرته وكالة الانباء الرسمية اكد بان المرزوقي "تعمد ربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها أو كانت نتائجها، الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية". واوضح البيان أن قضية الرئيس الاسبق "انتهت بإحالته على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل التهم نفسها، وقد صدر الحكم فيها بتاريخ 22 ديسمبر/كانون الاولى الجاري". بدوره قال المتحدث باسم محكمة الاستئناف الحبيب الترخاني للوكالة الرسمية إنّ "وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس فتح البحث التحقيقي في حق المرزوقي بناء على إذن صادر من وزيرة العدل ليلى جفال". وكان قاض تونسي قد أصدر مطلع تشرين الثاني/نوفمبر مذكرة جلب دولية بحق المرزوقي بعد أسبوعين على طلب سعيّد من القضاء التونسي فتح تحقيق بحقه على خلفية تصريحات أدلى بها وسحب جواز سفره الدبلوماسي. وكان المرزوقي قد دعا خلال تظاهرة نظّمت في باريس مطلع تشرين الأول/أكتوبر الحكومة الفرنسية إلى "عدم تقديم أي دعم" لسعيّد قائلا إنه "تآمر ضد الثورة ويسعى لإلغاء الدستور". كما رحب الرئيس الاسبق بإرجاء قمة الفرنكوفونية التي كان من المقرر إقامتها في تونس في تشرين الثاني/نوفمبر، معتبرا أن الخطوة تشكل تخليا عن سعيّد على خلفية تدابيره. لكن المرزوقي نفى في العديد من المناسبات ان يكون أراد الإضرار بمصالح تونس في الخارج مشيرا إلى انه يسعى لمواجهة نوايا قيس سعيد للاستفراد بالحكم. وردا على الحكم الابتدائي حاول المرزوقي التقليل من تداعياته قائلا "بان الحكم صدر من قاض بائس بأوامر من رئيس غير شرعي". واشار المرزوقي انه واجه مثل تلك الاحكام والملفات في عهد الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي مضيفا "رحل بورقيبة وبن على وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها وبنفس الكيفية المهينة سيرحل هذا الدكتاتور المتربّص وستنتصر القضايا التي أحاكم من أجلها". وكان سعيّد قد أعلن في 25 تموز/يوليو إقالة رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي وتعليق نشاط البرلمان وتولي الإشراف على النيابة العامة، وأصدر في 22 أيلول سبتمبر تدابير "استثنائية" بأمر رئاسي أصبحت بمقتضاه الحكومة مسؤولة أمامه فيما يتولى بنفسه إصدار التشريعات بمراسيم. ومذّاك ضاعف المرزوقي إطلالاته التلفزيونية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة إلى إطاحة سعيّد، واصفا إياه بأنه "انقلابي" و"دكتاتور". والمرزوقي (76 عاما) معارض بارز لدكتاتورية زين العابدين بن علي، وهو أول رئيس لتونس بعد الثورة (2011-2014)، وقد جسّد طويلا النضال من أجل الديموقراطية في البلاد، إلا أن صورته تشوّهت بتحالفه المثير للجدل مع حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية. وتعرض المرزوقي في العديد من المناسبات لانتقادات حادة من قبل قوى تقدمية بسبب ربط بمصيره بمصير حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي. وتزامنا مع الحكم الصادر الذي صدر بحق المرزوقي والذي يمكن للرئيس الأسبق استئنافه تصاعد الحديث عن نوايا الرئيس سعيد حل حركة النهضة بسبب تهم التمويل الأجنبي. لكن راشد الغنوشي، استبعد الأربعاء، أن يُقدم رئيس البلاد قيس سعيد على حّل حزب "النهضة".قائلا ان هذا الأمر (أي حل الحزب) ليس من مصلحته(سعيد) وليس قانونيًا".
مشاركة :