أصدرت محكمة تونسية الأربعاء حكما ابتدائيا غيابيا بحبس الرئيس المؤقت الأسبق محمد المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه مدة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل، وذلك بتهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن الحكم جاء لإدانته بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي بتعمد تونسي (المرزوقي) ربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها، أو كانت نتائجها، الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية". ومطلع نوفمبر الماضي، أصدر القضاء التونسي مذكرة اعتقال دولية بحق المرزوقي، وذلك بعد اعترافات له بالوقوف وراء إلغاء القمة الفرنكوفونية التي كان من المزمع عقدها في البلاد أواخر ذلك الشهر. وكان المرزوقي، الذي تولى رئاسة الجمهورية مؤقتا بين عامي 2011 و2014، عبّر خلال لقاء تلفزيوني في الثاني عشر من أكتوبر 2021 على قناة "فرانس 24" عن مشاعر فخره، على إثر قرار المجلس الدائم للفرنكوفونية، المنعقد قبل ذلك والذي أوصى بتأجيل عقد القمة الفرنكوفونية بعام، بعد أن كان من المزمع تنظيمها في تونس يومي العشرين والحادي والعشرين من نوفمبر 2021 بجزيرة جربة. وشارك المرزوقي قبل ذلك بأيام في وقفة احتجاجية نظمها معارضون للرئيس قيس سعيّد في العاصمة الفرنسية باريس، حيث دعا الحكومة الفرنسية إلى وقف مساعداتها نحو تونس والتدخل فيها من أجل الضغط على الرئيس سعيّد لإلغاء إجراءاته الاستثنائية وإرجاع نشاط البرلمان المجمد. وعلى إثر ذلك طلب الرئيس قيس سعيّد، لدى إشرافه في الرابع عشر من أكتوبر الماضي على أول اجتماع لمجلس الوزراء، من وزيرة العدل ليلى جفال أن "تفتح تحقيقا قضائيا في حق من يتآمرون على تونس في الخارج"، مشددا على أنه "لن يقبل بأن توضع سيادة تونس على طاولة المفاوضات، فالسيادة للشعب وحده". وفي تعليق على الحكم الصادر ضده، وصف المرزوقي في تدوينة عبر فيسبوك قرار المحكمة بأنه "حكم أصدره قاض بائس بأوامر من رئيس غير شرعي". وذلك في إشارة إلى الرئيس قيس سعيّد الذي انتخبه قرابة ثلاثة ملايين تونسي في الانتخابات الرئاسية عام 2019، فيما تولى المرزوقي رئاسة تونس بصفة مؤقتة عبر تصويت من المجلس التأسيسي في 2012. وأضاف المرزوقي "حوكمت أكثر من مرة في عهد بورقيبة وحوكمت أكثر من مرة في عهد بن علي والآن يصدر ضدّي حكم في عهد قيس سعيّد"، متابعا "رحل بورقيبة وبن علي وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها". وكان عدد من المحامين قدموا في الرابع عشر من أكتوبر 2021، شكوى جزائيّة ضد المرزوقي تضمنت "طلب فتح بحث جزائي ضده وكلّ من سيكشف عنه البحث، من أجل ارتكابه جريمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي"، وفق نصّ الدعوى. وبالإضافة إلى رفع قضية ضد المرزوقي، أعلن الرئيس التونسي أنه سيسحب جواز السفر الدبلوماسي منه، بعد أن دعا السلطات الفرنسية إلى عدم مساعدة "النظام الدكتاتوري" في تونس، مضيفا أنه فخور بقيادة جهود لإلغاء قمة الفرنكوفونية. وبرز المرزوقي منذ إعلان الرئيس سعيّد عن جملة من الإجراءات، من بينها إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد البرلمان، كواحد من أهم الوجوه المعارضة لتلك الإجراءات التي وصفها بـ"الانقلاب" على الديمقراطية، وهو نفس موقف حركة النهضة الإسلامية.
مشاركة :