الظلم يأتي في اللغة العربية ويُقصد به وضع الشيء في غير مكانه (لسان العرب، مادة ظلم)، ومن صوره البغي والإكراه، وهو محرم شرعًا، فقد قال تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ» (هود: 113)، وجاء في تفسير هذه الآية أن المقصود بها عدم الميلان إلى الظالمين، وعدم الاستعانة بهم لأن ذلك يعد رضا بما يصنعون (انظر: ابن كثير «1999»، تفسير القرآن العظيم، ج4، ص354)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» (رواه مسلم). يتنوع الظلم إلى أنواع متعددة، وقد يرتكب على أطراف متنوعة، ويرتكب من أشخاص تجاه غيرهم بصور عديدة واضحة وغير واضحة، فمن صور الظلم؛ ظلم الزوجة، وظلم الأبناء، وظلم الوالدين، من أنواع الظلم ظلم الموظفين ومن تحت مسؤولية الشخص، ومن الظلم أكل أموال الناس بالباطل، أو خداع الآخرين، ومن صور الظلم التي يرتكبها الطلاب في التعليم الغش، من صور الظلم تشويه سمعة الآخرين، أو الطعن بهم، أو قذفهم، أو فضحهم، وغيره من الأنواع والصور المتعددة. ولو تعمقنا بشكل أكثر في صور الظلم فنأخذ مثلاً ظلم الزوج لزوجته، ففي الصورة الأولى عدم إنفاق الزوج على زوجته يعد صورة من صور الظلم لما فيه من تعمد الإضرار، أو ضربها أو شتمها أو التقصير في حقوقها الأخرى، كلها من صور الظلم المحرمة شرعًا إذ الواجب المعاملة بالمعروف. وكمثال آخر في الظلم التفرقة بين الأولاد في التعامل أو النفقة صورة من صور ظلم الآباء لأولادهم وبناتهم، وعدم تقدير الموظفين من قبل مسؤوليهم صورة من صور الظلم المحرمة شرعًا، وغش الطالب في الامتحانات وحصوله على درجات لا يستحقها في مقابل حصول طالب آخر لم يغش على درجات أقل منه نوع من أنواع الظلم والاعتداء على حقوق الآخرين من قبل الطالب الغشاش. وفي النهاية فللظلم عواقب وخيمة في الدنيا وفي الآخرة، فقد قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ» (إبراهيم: 42)، كما أن دعوة المظلوم مستجابة تجاه الظالم ولو كان المظلوم كافرًا، والظالم مسلم! فقد قال رسول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»، وقال عليه الصلاة والسلام: «واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»، وفي رواية أخرى (محسنة عند أهل العلم) «دعوة الظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه». وقد أحسن الإمام علي رضي الله عنه حين قال: لا تَظلِمن إذا ما كنت مقتدرًا فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم تنام عينك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم - د. سلمان دعيج بوسعيد أستاذ مساعد بكلية الآداب - جامعة البحرين
مشاركة :