بعد 3 سنوات من أعمال التطوير والترميم التي خضع لها، تهيأ قصر محمد علي باشا، الذي أنشئ عام 1808 في منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، لاستقبال زائريه من عشاق الصروح الأثرية والتاريخية، حيث سيجري افتتاحه قريباً. بات قصر محمد علي في مصر قاب قوسين من إعادة فتح أبوابه للجمهور من المصريين والسائحين العرب والأجانب، بعد انتهاء ترميمه وكذلك عملية تطويره التي تضمنت إنشاء المرسى النيلي للمراكب على الكورنيش المقابل للقصر، بخلاف جسر مشاة يربط بين المرسى والقصر، والذي سيستخدم لنقل الزائرين. وأوضح محافظ القليوبية، عبدالحميد الهجَّان، أن أعمال الترميم والتطوير استغرقت نحو 3 سنوات وتمت على مراحل، لافتاً إلى أن القصر يقع على مساحة 26 فداناً، وشُيّد عام 1808م، واستمر بناؤه لنحو 13 عاماً، وهو مكوَّن من مبنى كشك الجبلاية، ويتخذ شكل المستطيل من طابق واحد، ومبنى قصر الفسقية. ويُتوقع افتتاح القصر في بداية العام الجديد، إذ سبق أن قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، في أكتوبر الماضي، إنه تم إنفاق مئات الملايين من الجنيهات لتطوير وترميم قصر محمد علي، مؤكداً في تصريحات له أنه من المنتظر افتتاحه خلال بضعه أسابيع. ويوصف القصر بأنه تحفة معمارية أثرية نادرة لا مثيل لها على مستوى العالم، حيث يجمع في عِمارته وفنونه بين العالمين الغربي والإسلامي، ويبلغ عمره ما يزيد على 200 عام، ويعد واحداً من أبرز مزارات مصر التي يأتي إليها السائحون من كل دول العالم قاصدين الاستمتاع بروعة وأصالة التاريخ المصري، خصوصاً أن هذا القصر شاهد على أحداث تاريخية مهمة في تاريخ مصر الحديثة. وتضمنت أعمال التطوير مبنى قصر الفسقية والغرف التي يتكون منها القصر، ومنها غرفة العرش والأسماء (أسماء أسرة محمد علي) والطعام والبلياردو والحديقة والممشى السياحي والمرسى، كما تم عمل سياج شجري حول البرجولة الواقعة في هذه المنطقة لإضفاء مظهر جمالي، وعمل بطاقات تعريفية للأشجار النادرة بالحديقة تشرح أنواعها وأعمارها بالجزء الخلفي لمبنى الفسقية. كما تم تزويد حديقة القصر بمظلات ومقاعد للزائرين، وكذلك تركيب لوحات إرشادية، وتأهيل مسارات الزيارة وتجهيزها لذوي الهمم، والانتهاء من جميع الأعمال بمبنى كشك الجبلاية، والتسلّم المبدئي له، في حين شملت أعمال قصر الفسقية فك الرخام القديم وترميمه وإعادة تركيب للأرضيات والحوائط الرخامية، ورفع كفاءة البحيرة والجزيرة الوسطى، وترميم العناصر الأثرية بها، وكذلك تم معالجة الأخشاب بالجمالون الخشبي وتغيير الأخشاب المتهالكة، والترميم والتدعيم الإنشائي للقباب والحنايا والأروقة. ويتفرد القصر بالجمع بين الطراز الأوروبي في الزخارف وروح تخطيط العمارة الإسلامية، حيث ساعدت مساحته الشاسعة على اختيار طراز معماري فريد، حيث يعتمد على حديقة واسعة مسيجة بسور كبير يتخلله عدد قليل من الأبواب، وتوجد داخل الحديقة عدة مبانٍ كل منها يحمل صفات معمارية مميزة، كانت سرايا الإقامة أول وأهم منشآت القصر، وكان ملحقاً بها عدة أبنية خشبية مخصصة لموظفي القصر والحراسة، وكذلك سرايا الفسقية، إضافة إلى سرايا الجبلاية التي شهدت إدخال نظام الإضاءة الحديثة، ومبنى الفسقية. من جانبه، أعلن وزير السياحة والآثار، خالد العناني، أن أعمال رفع كفاءة الموقع العام بالقصر بدأت في أكتوبر 2020، وأن أعمال الترميم تضمنت النوافير، وأعمال الزراعات والمساحات الخضراء، وأعمال شبكات الري والصرف والتغذية وأنظمة الحريق، والأسوار والبوابات، وتبليط الأرضيات، وإنشاء غرف للأمن، وإنشاء مبنى التفتيش الأثري الجديد، واللوحات الإرشادية والمعلوماتية للمكونات الأثرية للقصر (كشك الجبلاية وقصر الفسقية والجدار الأثري"، إلى جانب أعمال الإضاءة، والممشى السياحي المؤدى إلى القصر، والذي يتضمن تنفيذ أعمال إنشائية تشمل إقامة بازارات، وغرف أمن وأمانات، والبرج المقابل لكوبري المرسى النيلي، ومشايات، وبرجولات خشبية، وأعمال الزراعات، ودهان الأسوار الخارجية. يُشار إلى أن محمد علي باشا (4 مارس 1769 - 2 أغسطس 1849)، هو قائد عسكري في الجيش العثماني، وبعد سنوات من تعيينه والياً، أعلن نفسه باشا مصر والسودان، مستقلاً بهما عن الدولة العثمانية. ويعتبر محمد علي مؤسس مصر الحديثة وحكمها في الفترة من 1805 حتى 1848، وكانت بداية حكمه مرحلة حرجة في تاريخها بالقرن التاسع عشر، حيث نقلها من عصور الظلام إلى أن أصبحت دولة قوية.
مشاركة :