أعتذر عن الصراحة في هذا المقال، والتي قد تصل إلى حد الوقاحة ولكن تحت مبدأ «التكبر على المتكبر حسنة»، فقد تكون «الوقاحة على الوقح حسنة»، ففي البداية أتذكر أنه وقبل 20 عاما تقريبا كنت أجالس مجموعة من كبار السن، وكان المثقف بينهم يريد أن يوصل للبقية أن «اللوطي»، أكرمكم الله، يفعل ذلك برضاه، بينما بقية كبار السن، لم تتقبل فطرتهم السوية ذلك، وأنكروا كلام صاحبهم هذا، متفقين على أنه من اغتصب، بينما قبل عدة أشهر كنت أحدث طفلة في عمر 11 عاما، وتخبرني كيف أن لديها ميولا لكتابة الرواية، وخصوصا بعد مشاهدتها مسلسلا لفئة المراهقين، وفي سردها، تحدثت عن شخصية ظريفة، بحسب وصفها، وقالت، إن ذلك الشاب «حرااام كيوووت»، ولكنه يتعرض للتنمر من قبل زملائه في المدرسة، وفي الوقت نفسه محبوب من زميلاته في الفصل، فهو الوحيد الذي يتفهمهن ولا يريد منهن شيئا، بل إنه مرهف الحس ورسام وذو إلهامات روائية جميلة، و..... و..... إلخ، ولكنه هرب بعيدا بعد أن أجبره والده على الزواج، فكان الطبيعي سؤالي «لماذا؟»، فقالت ببساطة «عشانه» من المثليين، لتكون تلك الإجابة وكأنها صفعة أفاقتني لما حولي. تابعت ذلك المسلسل، ورغم أنه يتحدث عن حقبة النبلاء والعبيد في كندا قبل 100 عام وأكثر، فإنه تم إقحام جزئية المثلية الجنسية وطريقة ربطها بأنها جزء سليم من نسيج المجتمع بشكل سلس، جعلت المشاهد البسيط يتقبل الفكرة ولا يستهجنها. أما في الواقع، فقد كنت في عاصمة جمهورية إيرلندا إبان الإعلان رسميا عن إمكانية زواج «المثليين» ببعضهم بشكل قانوني، ولكن الغريب الاستهجان لهذه الفئة من الفئة السوية بالمجتمع، فكانت تحدثنا العجوز التي تستضيفنا في منزلها عن كيف ينظر المجتمع لهذه الفئة رغم أنهم لا يضايقونهم باعتبار أنها حرية شخصية، إلا أن المجتمع يربط ذلك الشذوذ بالأمراض المعدية، وذكرت كيف أنه في بعض الولايات بأمريكا مثلا تجد قانونا صحيا فعالا لعشرات السنين، بعدم قبول المثليين في حملات التبرع بالدم، أما اليوم وفي نفس تلك الولايات فقد تم تقبلهم، وكأنه جسد حارب ورما سرطانيا ثم تعايش معه. ما أريد قوله، إنه علينا أن نقارن ثقافة تقبل جيل من تبلغ أعمارهم حاليا الأربعينيات والخمسينيات مع جيل الـ«طعش» وبداية العشرينيات، فيما يخص تقبل كلمة «مثلي جنسيا» وسنعرف بالضبط مدى الحرب العالمية التي تشن من عدة منصات رقمية عالمية لنشر مثل هذا المرض، وفي المقابل ما زالت الحرب المضادة لدينا لم تصل إلى المناهج أو التوعية الجادة أو حتى إنتاجات سينمائية تربط المثلية الجنسية بالنشء في بيئة لا تحرص على طهارة القلب والعقل قبل طهارة الجسد والملبس، فمع انتشار الأفلام الإباحية والوصول لها بسهولة، أصبح القلب والفكر بيئة مهيأة لتقبل ذلك الانحراف السوي عن الفطرة، وعليه فإن لم تكن الجهود لذلك تبدأ منذ الصغر فكأننا نسعى لـ«محاربة المثلية الجنسية بـ’نبيطة’». نظرة للسماء: «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَومِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخرِجُوا آلَ لُوط مِّن قَریَتِكُم إِنَّهُم أُنَاس یَتَطَهَّرُونَ»، لم يربط الله، جلا وعلا، اللواط بعدم الطهارة عبثا.
مشاركة :