اتفاقية المناخ وفوبيا التآمر ضد البترول 2-2

  • 11/15/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ختمنا مقال الأحد الماضي بالقول إن الوقود الأحفوري (الفحم، والبترول، والغاز) هو أكبر المصادر لانبعاث غازات الاحتباس الحراري التي تنتج عن النشاط البشري Man-Made ليس فقط لأنه مصدر لانبعاث الغازات المسماة: greenhouse gases بل بالدرجة الأولى -وهو الأهم- لأن الإنسان يحرقه (يستهلكه) بكميات كبيرة متزايدة منذ بداية الثورة الصناعية وبالتالي تزداد نسبة تراكم الغازات الدفيئة بفعل الإنسان في الغلاف الجوي للأرض. لكن عندما نقارن الفحم بالبترول والغاز نجد أن الفحم هو المعرّض (لو تم فعلا التوصل إلى قرار) لبقاء جزء كبير من الوقود الأحفوري تحت الارض -كما تروّج وسائل الإعلام- لسبب بسيط أن البترول التقليدي بطبيعته كميته صغيرة سينفذ وفقا للاستهلاك الحالي خلال 30–40 سنة قبل أن يتمكّن الإنسان من إيجاد البدائل التي تحل بالكامل محل الوقود الأحفوري. كذلك الغاز التقليدي سينفذ خلال 50–60 سنة. أما الفحم فهو الوحيد من الوقود الأحفوري سيبقى معمّرا بين 180–220 سنة والأهم أن معظمه يوجد في دول الOECD (المتقدمة) والسوفييت سابقا لذا فإن هذه الدول هي الأولى أن تقوم بعرقلة (حتى لو تظاهرت بعكس ذلك) فرض قيود مُشدّدة كالاستغناء عن الوقود الأحفوري وبقاء جزء كبير منه تحت الأرض. ناهيك عندما نقارن نسبة الغازات الضارة الصادرة من الفحم نجد أنها حوالي ضعف الغازات الصادرة من البترول التقليدي (من نوع بترول الغوار) لذا حتى لو افترضنا (افتراضا) أنه سيتم التوصل إلى فرض رسوم على الوقود الأحفوري بنسبة انبعاث الغازات فستكون الرسوم على الفحم تقريبا ضعف البترول وهذا سيؤدي إلى زيادة تكاليف الفحم بالنسبة للبترول فيتحول الطلب من الفحم إلى البترول لاسيما أن شحنة الطاقة في البترول أعلى من الفحم (هذا مبدأ اقتصادي معروف). كذلك الدولة التي تريد أن تخفّض نسبة انبعاث غازاتها ستتحول من استهلاك الفحم إلى استهلاك البترول والغاز فتنخفض تلقائيا نسبة انبعاث الغازات الصادرة من نشاطها البشري كي تستطيع الوفاء بالتزاماتها بخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري إلى الدرجة المسموحة وكذلك تنخفض الرسوم التي ستدفعها لقاء انبعاث الغازات من مصانعها. كل هذه الدلائل تؤكّد أن البترول التقليدي في مأمن من أن يكون عرضة للتحيز ضده إذا تعامل ممثلو دول أوبك بحكمة مع مجريات عملية التفاوض في اتفاقية المناخ فتصبح الاتفاقية في صالح البترول النبيل (هذه الصفة ليست من عندي أنا وإنما هي أحد ألقاب الذهب الأسود). ليس الفحم وحده فقط الذي سيكون خط دفاع حصين عن البترول التقليدي بل حتى البترول غير التقليدي (الصخري، والرملي، والقطبي، والمياه العميقة، والميثانول) جميعها أيضا تقف كسد منيع للدفاع عن البترول التقليدي وتفتح المجال لجعل البترول التقليدي مفضّلا بيئيا فيزداد الطلب عليه لا التحول منه إلى الفحم والبترول غير التقليدي كما يحاول أن يقنعنا البعض. السؤال هو كيف إذن نشأت أساسا فوبيا أن اتفاقية المناخ وبروتوكولاتها ستضر البترول التقليدي دون غيره من مصادر الوقود الأحفوري الأخرى؟ الجواب: واضح أن السبب هو نقص الخبرة، وعدم استيعاب المفاوضين الأوائل الممثلين لبعض دول البترول في اتفاقية المناخ، فأنا أذكر أنه قبيل اجتماعات كيوتو عقدت أوبك اجتماعا للتنسيق بين ممثلي دولها في الاتفاقية ومن ضمن الأوراق التي وزعتها علينا دراسة تتوقع أرقاما فلكية لخسائر دول أوبك نتيجة لبروتوكول كيوتو (بصراحة: في حينها أدركت أن الدراسة تجارية). الخلاصة: بغض النظر عن هل النشاط البشري (كحرق الوقود الأحفوري) يؤدي أو لا يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض فإن اتفاقية المناخ في حد ذاتها -إذا عرف ممثلو دول أوبك كيف يتعاملون معها- فهي في صالح البترول.

مشاركة :